الاثنين - 09 ديسمبر 2024
الاثنين - 09 ديسمبر 2024

ناشرون إماراتيون: قطاعنا الأكثر تأثراً بأزمة كورونا.. والإلكتروني لا يغطي النفقات

قال ناشرون ومسؤولون بدور نشر محلية مشاركون في فعاليات الدورة الـ39 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب إن جائحة كورونا أجبرت عدداً كبيراً من الناشرين على تغيير خططهم، وكادت أن تسلب البعض فرص الاستمرار في العطاء الثقافي.

وأجمعوا على أن قطاع النشر المحلي تأثر بشكل كبير، على نحو تجاوز مجرد تقليص فرص منافسته خارجياً ، بعد أن حدّ من قدرة بعض الدور على ضمان استمراريتها، مشيرين إلى أن الأزمة طالت ايضاً نظراءهم على الصعيد العربي ،لاسيما بعد إلغاء الكثير من معارض الكتب الدولية التي كانت النافذة الأساسية لعرض الإنتاجات الأدبية، ما جعل الكتاب المطبوع يعاني أزمة تراجع كبيرة.

وأشاروا إلى أن جائحة كورونا كشفت نقاط الضعف التي كانت موجودة في قطاع النشر ليس في المستوى المحلي ولكن في كافة أنحاء الوطن العربي، والتسريع إلى مرحلة زمنية كان يحتاج قطاع النشر عقداً زمنياً للوصول إليها، وهو التحول لمنافذ البيع الإلكترونية، وكذلك التركيز على الكتب الصوتية والإلكترونية ما يسمح بانتعاش سوق الكتاب حتى إن استمرت الأزمة لعدة سنوات.



إلغاء المعارض الدولية

قال مدير دار مداد للنشر حسن الزعابي إن «التحديات التي واجهت صناعة النشر ليست أزمة محلية بل إنها شملت كافة دور النشر العربية في كافة أنحاء الوطن العربي، وكانت معقدة وأجبرت عدداً كبيراً من الناشرين على عدم المجازفة أو المغامرة بطباعة إصدارات جديدة يمكن ألّا تصل لأيدي القارئ، خاصة بعد إلغاء المعارض الدولية للكتاب التي كانت المنصة الأساسية لبيع الإنتاجات الأدبية، كما تعرضت بعض الدور لخسائر كبيرة بعد أن قامت بعض المكتبات بإرجاع أعداد كبيرة من الكتب».

ولفت إلى أن «أن كثيرين وجدوا في الكتاب الإلكتروني حلاً لتجاوز هذه الأزمة ولكن يظل هناك عائق كبير حيث إن القارئ ما زال غير مهيأ لهذا الانتقال السريع لمرحلة الكتاب الإلكتروني، وما تزال تربطه علاقة قوية بنظيره الورقي».

أوضح الزعابي أن «جائحة كورونا قد وضعت دور النشر أمام تحدٍ كبير لكي تستمر في أداء مهمتها الثقافية، ومحاولة التفكير خارج الصندوق واستثمار التطور التقني لإثبات قدرتها على الوجود ومواكبة العصر، لذلك قامت بعض الدور المحلية ومنها دار مداد بتدشين منصات رقمية لتحويل كافة إصداراتها الورقية إلى إلكترونية وصوتية ما ينعش سوق الكتاب ويمد يد الأمل والحياة لقطاع النشر، حتى يتم تجاوز محنة كورونا التي لا يستطيع أحد التنبؤ بنهايتها، خاصة بعد أن اضطر لتجميد نشاط الدار في الطباعة ما يقرب من عام، حتى أن إنتاجه من النشر هذا العام صفر».



ضياع الموسم الثقافي

أكد مدير مبيعات دار ملهمون الشريف محمد عثمان أن «انعدام فرص التلاقي مع الجمهور خلال أزمة كورونا شكل التحدي الأكبر، خاصة أن الجائحة مع منتصف الموسم الثقافي، ما شكل إحباطاً لكثير من الناشرين لضبابية المشهد، وتخوفهم من التورط في إصدارات جديدة حيث لم يتأكدوا من قدرتهم على بيع هذه الكتب وتوصيلها للقارئ، لافتاً إلى أن "الجميع توقع إقبالاً كبيراً على الكتاب الإلكتروني لكن الواقع جاء بعكس التوقعات وجاءت معدلات البيع ضعيفة، وأدنى من أن يعوض الكلفة المادية".

وأضاف أنهم «من منطلق تفاؤلهم وأن الغد سيحمل للجميع مفاجآت سارة، اتخذوا قرار طبع نفس عدد الإصدارات التي تقدمها الدار سنوياً، وتمت طباعة أكثر من 50 إصداراً، وإيماناً منهم أنه كما هم متعطشون لرؤية الجمهور، كذلك القراء متعطشون للكتب الجديدة».





غياب الالتقاء بالجمهور

أضاف جاسم أشكناني مدير دار بلاتنيوم بوك للنشر والتوزيع أنه «خلال أزمة كورونا حاولت الدار أن تتعامل بشكل عملي خاصة بعد أن انعدمت فرص الالتقاء بالقارئ، من خلال تفعيل خدمات الشراء عبر المتاجر ومنصات البيع الورقية والإلكترونية، كتعويض عن غياب المعارض التي اعتاد القراء أن تقام في مواعيد شبه ثابتة، لذلك تم تطوير الموقع الإلكتروني ليكون متجراً إضافة إلى كونه منبراً ثقافياً إخبارياً وتفاعلياً يحتفي بالكتاب والمؤلف معاً».

وأوضح أنه «خلال فترة حظر التجول، وفرت الدار خدمات التوصيل المجانية إلى أنحاء الكويت وكذلك إلى كافة دول الخليج، حتى لا ينقطع التواصل بين الدار والقارئ، لتكون هذه الوسيلة طوق نجاة خاصة في حال لم تعد معارض الكتب إلى سابق عهدها، لذلك فإن هذه المرحلة تستدعي من الناشرين بذل المزيد من الجهود لتوظيف التكنولوجيا والتقنية في مجال تسويق الكتاب وترويجه وإتاحته للقارئ، وإلّا فإن هذه الصناعة ستكون في خطر لا محالة».





تقليل الإنتاج

قال جمال الشحي مدير عام دار كتاب للنشر إن «جائحة كورونا قد كشفت عن نقاط الضعف التي كانت موجودة في قطاع النشر في الوطن العربي خصوصاً في السنتين الأخيرتين، حيث لم يكن القطاع مستعداً لهذا النوع من الاضطراب والتوقف، لذا تراجعت مبيعات الكتب في الوطن العربي خلال الجائحة، بينما ازدادت في الكثير من الدول الأخرى».

ولفت إلى أن «عدداً كبيراً من دور النشر تحاول تجاوز الأزمة، لكن إنتاجها من الكتب لم يعد كالسابق إذ كانت الدار تصدر ما يقارب الـ60 عنواناً جديداً سنوياً، لكن العام الجاري خفضت خطة إنتاجها لنحو 20-15 كتاباً».





ودعا الشحي إلى زيادة التعاون بين قطاع النشر في الحكومة والناشرين وخصوصاً فيما يتعلق بعمليات الطباعة.

وأضاف الشحي أن «هناك تحديات تواجه الناشر الإماراتي في ظل الاقتصاد المفتوح والسوق المحلية الجاذبة لكبرى دور النشر العربية والعالمية، فدائماً القطاع الخاص مكان صعب للمنافسة، الناشر المحلي يحتاج خبرات كثيرة وجديدة ليواكب السوق، الأخبار الجيدة أنه بدأ الآن وبشكل جدي في اكتسابها وعليه أن ينافس محلياً ودولياً حتى يستمر ويواكب التطورات التكنولوجية المهمة في صناعة النشر، فالمعرفة هي سلاح الناشر المحلي في المستقبل».





صندوق الأزمات

ذكرت الكاتبة الإماراتية صالحة غابش أن «تحقيق الغايات المرجوّة من صناعة الكتاب والنهوض به ليس بالأمر السهل خاصة في ظل أزمة كوفيد-19 حيث ذهبت أولويات الصرف على الاحتياجات المادية كالغذاء والمعيشة، لكن يلاحظ أن تأثير أزمة كورونا كان إيجابياً على الإنتاج الفكري والإبداعي وتمكن عدد كبير من الكتاب من إنجاز أعمال أدبية ظلت لأشهر وسنوات حبيسة الأدراج وغير مكتملة، لتوافر الوقت أثناء إجراءات الحجر الصحي».

وأوضحت أن "الأزمة تجلت عندما بحثت هذه الإنتاجات الفكرية عن منافذ لتخرج إلى النور ووجدت الحال متأزماً جراء جائحة كورونا التي خيمت بظلالها على كافة القطاعات الاقتصادية، ولكن جاء قرار إعلان الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، المؤسسة والرئيسة الفخرية لجمعية الناشرين الإماراتيين، إطلاق صندوق الأزمات للناشرين الإماراتيين، بميزانية تبلغ مليون درهم، لهدف دعم الناشرين المتضررين من جائحة كورونا بمثابة بارقة أمل، لتساعد الناشرين ومساندتهم لاستكمال مشروعاتهم الإبداعية والثقافية.