بين الإنسان والبحر في الإمارات حبال مودة وأمواج ذكريات فأزمنة اللؤلؤ جعلت لمهنة الغوص شهرة واسعة حين كانت الأسواق العالمية تستقبل الدرر بعد أن حملته أياد تدربت في الأعماق على ملء السلال وربط الحبال.
وعلى وقع الحنين إلى أيام البحر يستقبل جناح «البيئة البحرية» في «أيام الشارقة التراثية» زوّاره وبوسع من يتجول فيه التقاط مشاهد لكل الحرف البحرية وتسجيل أسماء كافة أنواع القوارب التي تختلف وظائفها من الغوص إلى الصيد إلى الحراسة أو السفر.
ومن بين بانوراما حرف الصيادين يمتد هيكل قارب الغوص التقليدي «الجالبوت» وعلى ظهره كمية من أصداف اللؤلؤ وبعض المعدات اللاّزمة للغوص بمسمياتها وثيقة الصلة بالماضي القريب، فنجد «الديين» المخصص لرفع حصيلة الغوص و«البِلد» الذي يستخدم لقياس عمق البحر قرب الشاطئ لتحديد المكان المناسب لرسو القوارب وهو عبارة عن ثقالة من الحديد مربوطة بحبل له طول محدد.
وانقرضت مهنة الغوص لتبقى مهنة الصيد وما حولها من أدوات وشباك منها القديم الأصيل ومنها الجديد بخامات لم تكن تستعمل من قبل مثل هذا التحول طرأ على الـ«قرقور»، وهي سلة مغلقة على شكل قبة محكمة توضع لصيد السمك ثم يتم انتشالها وكانت قديماً تصنع من جريد النخل قبل أن تدخل عليها أسلاك الحديد ليتحول القرقور الجديد إلى قبة شبكية أكبر حجماً.
ولم يقبل الصياد أبوبلال باستخدام الأسلاك ولم يدع جريد النخل يفلت من يده فقرر استخدام الجريد لصناعة ما يشبه التحف الفنية بأحجام متفاوتة يشكلها دون أن تتمكن ذاكرته من محو هيكل القرقور ونواته.
وتغرس مهنة ترويض البحر في وعي الصياد موهبة ركوب أمواج الزمن وهكذا يظهر أبو بلال ورفاقه في البيئة البحرية أحدهم يجفف الأسماك لحفظها باستخدام الملح والهواء في حيلة إنسانية ذكية استخدمت قبل أن تظهر وسائل الحفظ والتبريد الحديثة إذ يتم تمريغ السمك بالملح ثم يجفف من 4 إلى خمسة أيام ويصبح صالحاً للتخزين والاستهلاك لمدة طويلة.
وفي مساحة غير بعيدة عن هيكل قارب الغوص تجلس ثلاث جدات يقمن بطحن نوع صغير من السمك وتعبئته في زجاجات على شكل مسحوق خشن تمر العملية أولاً بطور تجفيف أسماك الجاشع ثم تنظيفه وطحنه يدوياً ومن ثم استهلاكه.