الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

سلطان العميمي يطير إلى عالم الفانتازيا على جناح «كائن أزرق»

«ماذا لو اكتشفت في لحظة أنّك مجرد شخصية مُسيَّرة في قصّة قصيرة من مجموعة قصصيّة عنوانها: كائن أزرق، أو.. ربما؟.. هكذا همس الصبي لجده الذي كان ينازع الموت في سريره. انتفض الجد بمجرد سماعه جملة حفيده وانتزع عصاه المخبأة قربه ليهوي بها على رأسه بقوة، فقفز الصبي من مكانه هارباً يعوي كجروٍ مفجوع، قبل أن يلتفت الجد إلى كاتب المجموعة نفسها».

هذه لمحة من عوالم رواية الكاتب الإماراتي سلطان العميمي «كائن أزرق، أو... ربما؟»، الصادرة حديثاً عن دار الساقي، وهي رواية تجمع بين الغرائبية والفانتازيا والمفارقة، بأسلوب يستمد خصوصيته، من بصمة صاحبه الكتابية، والاتجاه السردي الذي أراده في هذه التجربة.

وعلى الرغم من الإيجاز والاقتضاب اللذين يسيطران على فضاء المجموعة، إلا أن العميمي ينجح في تحميل عنوان مجموعته آفاقاً واسعة من المعاني، فمن الكائن الأزرق؟ ما صفاته؟ هل هو إنسان؟ هل هو مخلوق أسطوري؟ واللون الأزرق، هل هو لون السماء أم لون البحر أم لون اللالون؟ وهل السماء فعلاً لونها أزرق؟ هل نعيش في عالم سماؤه زرقاء أم أن السماء لا لون لها؟ وكلمة «ربما» نفسها التي تترك العنوان معلقاً في فضاء من الحيرة والتردد، ما معناها؟ ما دلالتها؟ «أو.. ربما»، أو ربما ماذا؟ جو من الغموض والحيرة واللاإجابات، جو من الشاعرية المبهمة التي تجعل القارئ يشرع في قراءة هذه المجموعة من دون أن يكون لديه أدنى توقع لما قد تحمله الصفحات القليلة الآتية.

كما قدم العميمي لقارئه موضوعات ومشاهد من المجتمع مثل تجاور المآسي والأفراح في هذه الحياة، وذلك في القصة السادسة بعنوان «مقعد شاغر»، كما يصور نفاق المجتمع وأهله، عندما تدعي إحدى الشخصيات أن الموسيقى حرام، بينما هي تستمع إليها سراً وطيلة الوقت.

وتبقى القصة الـ15 ذروة الرمزية حين يلمح العميمي إلى أن الجثة المحمولة ما هي إلا بعض الموروثات التي تثقل أحياناً على جيل الشباب المبدع والخلاق، في حال افتقاد الحلول التي توثق عرى التواصل بين الموروث والحاضر، وصولاً إلى صناعة المستقبل، والانطلاق لتحقيق الطموحات المشروعة .