الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

مبدعون في رحاب شهر الصيام.. رمضان كريم الإلهام

تباينت آراء مبدعين استطلعت «الرؤية» آراءهم حول علاقة الصوم بالإبداع، بين من يرى أن روحانيات الشهر تحرض على الإبداع، حيث تتميز بأنها كريمة إبداعياً، ومن يرى أنه فرصة للتأمل وكتابة الخواطر واستلهام الأفكار والقراءة أكثر من كونه شهراً للإبداع، الذي يرون أنه يحتاج إلى تركيز وطاقة قد لا تتوافر في نهار رمضان، بينما يذهب الليل في لمة العائلة والتفرغ لروحانيات الشهر.

في الوقت نفسه أكد طلبة لـ«الرؤية» أن شهر رمضان كريم معهم، حيث يمنحهم مساحة رحبة ليس فقط لاستذكار الدروس، وإنجاز المشاريع الأكاديمية والعملية، بل أيضاً للإبداع والعمل على تطوير مواهبهم وممارسة هواياتهم، مشيرين إلى أن الأمر يتطلب منهم فقط تنظيم الوقت بشكل صحيح ومتوازن.

وأشاروا إلى أن الصيام في حد ذاته يساعدهم على التركيز سواء في المذاكرة لساعات أطول خلال النهار أو بعد السحور مباشرةً، والتركيز كذلك على ممارسة الرياضة قبل موعد الإفطار، إلى جانب اتباع نظام حمية غذائية متزن بعد صيام ما يقارب 14 ساعة.

كما أكد مبدعون أنهم مدينون لشهر رمضان الذي شهد ولادة أعمالهم الإبداعية، التي قدمتهم إلى الجمهور وكانت فاتحة خير عليهم، معتبرين الجو الروحاني للشهر الكريم أكبر محفز لهم على القراءة في كل المجالات، منوهين بأن الندوات والأمسيات التي تنشط في هذا الشهر حتى ولو كانت افتراضية تعتبر بمثابة «كورسات ثقافية مجانية» تساهم في زيادة الخبرات وتكرس المهارات الأمر الذي يعود على المبدع في مختلف مشاريعه الإبداعية.



مفتاح النجاح

تحرص الطالبة بكلية القانون في جامعة الشارقة مهرة محمد، على وضع خطط لكل مرحلة حياتية تعيشها، لذلك لا تغفل كل عام عن وضع مجموعة من الخطط والأهداف التي تسعى إلى تنفيذها خلال الشهر الكريم.

واعتبرت محمد، تنظيم الوقت مفتاح تحقيقها النجاح والإبداع خلال الشهر الفضيل، لافتةً إلى أنها خططت مسبقاً لمجموعة من الأهداف التي تسعى إلى تنفيذها تباعاً خلال الشهر.

وتستغل مهرة أيام الشهر في المذاكرة أولاً بأول دون تأجيل وإهمال، لأنها ترى أن الذاكرة والحفظ يكون أفضل لديها أثناء الصيام، مشيرة إلى أنها ستواصل حفظ وتلاوة القرآن الكريم، وممارسة الرياضة والتمارين بانتظام قبل وقت الإفطار، وبعد الانتهاء من المحاضرات الجامعية، مع الاستمتاع بلمة الأهل على مائدة الإفطار.

وتؤكد أن من المنح التي خرجت بها من رحم كورونا، هي تلك الورش والجلسات الافتراضية التي جاءت بمدربين وخبراء في مجالات عدة إلى منزلها، لذلك فتشت عنها وسجلت فيها لكي تعمل على تنمية مهاراتها الشخصية، وهو الأمر الذي تعتبره أكبر استثمار لها.





منعش للإبداع

ترى خريجة الجامعة الأمريكية بالشارقة تخصص علوم الكمبيوتر سارة المازمي، أن روحانيات رمضان المحفز والمنعش الأكبر لعملية الإبداع، مبدية اندهاشها ممن يقضون رمضان بين النوم وأمام الشاشات، مشيرة إلى أن استيعابها يكون أفضل خلال هذا الشهر.

ووصفت المازمي، شهر رمضان بالمختلف والمميز عن بقية شهور العام، حيث إن لها فيه ذكريات جيدة آخرها العام الماضي، حيث تمكنت من إنجاز مشروع التخرج، على الرغم من أنها كانت مع بداية الجائحة التي كانت مقيدة بظروف الإغلاق.

وأشارت إلى أنها في رمضان هذا العام تخوض تجربة تدريب مع شركة مايكروسوفت، منوهة بحرصها على حضور الجلسات الحوارية والدورات التعليمية التي تعقد عن بعد، والتي ستمنحها فرصاً لتطوير نفسها في مجالات التنمية البشرية ومجال التكنولوجيا.

وتحرص المازمي على الالتحاق بدروب العمل التطوعي في رمضان، مؤكدة أن للعطاء في الشهر الكريم مذاقاً آخر، مبدية رغبة حثيثة في استثمار الوقت الأكبر من يومها بين دفتي الكتب، ولا تنسى المازمي أن تحدد وقتاً لمتابعة بعض الأعمال الدرامية عبر منصات العرض الرقمية.



غزارة في الإنتاج

ينظر الموظف في مركز محمد بن راشد للتواصل الحضاري، وطالب بكالوريوس إدارة صحية في جامعة حمدان بن محمد الذكية، محمد الجسمي، إلى شهر رمضان على أنه شهر إبداع في العمل لا تهاون بحجة الصوم، مشيراً إلى أن الإنتاج العقلي للإنسان يكون أكثر غزارة في الصوم.

ويرتبط الشهر الكريم لدى الجسمي، بقيمة التطوع، حيث يؤكد أنه يعزز لديه قيمة العطاء، مشيراً إلى أن بدايات مسيرة التطوع بالنسبة له كانت خلال حملة «رمضان أمان»، لافتاً إلى أن له ذكريات جميلة في هذا الشهر منها إطلاقه مبادرة «أسارير» برفقة صديقه في رمضان 2019، والتي تعتني بتفعيل قيمة العطاء بين المحسن المتبرع والأطفال من الأسر المتعففة.

وأكد أنه في رمضان يكتسب قيماً ومهارات جديدة، عبر التقائه مع أشخاص جدد، منوهاً بأن هذا العام اختلف الأمر لأنه بات موظفاً وطالباً، مشيراً إلى أن هذا الأمر تطلب منه وضع خطط دقيقة من أجل النجاح في الجانبين، لافتاً إلى أنه استغل كونه مرشداً ثقافياً في تقديم محتوى إبداعي عبر منصات التواصل الاجتماعي.



ورش تعليمية

وصفت طالبة طب طوارئ بكليات التقنية العليا في الشارقة فاطمة محمد، شهر رمضان بالمحفز على تقديم المزيد على الصعيد الشخصي والأكاديمي والتطوعي أيضاً، منوهة بأنها ستضع مهاراتها تحت تصرف الأسر، عبر تقديم ورش تعليمية بدءاً من الأطفال وكبار الأسرة حول الإسعافات الأولية التي يمكن تطبيقها في حال حدوث أي طارئ يومي كالاختناق بالأكل أو السقوط المفاجئ أو تضميد الجروح وخلافه.

وأشارت إلى أن هذا الشهر يحمل لها تجربة استثنائية، تمثلت في التطوع مع خط الدفاع الأول في رمضان الماضي، مشيرة إلى أنها تواصل في هذا العام العمل التطوعي مع الجهات المختلفة كالهلال الأحمر أو المستشفيات أو الطوارئ، منوهة بحرصها على حضور ندوات ومجالس شبابية وورش مختصة افتراضية، وممارسة الرياضة بانتظام مثل ركوب الخيل والرماية.



غذاء الروح

اعتبر الموظف في شرطة دبي والطالب بجامعة عجمان محمد البستكي، رمضان فرصة ذهبية للتركيز على النفس والجسد والروح معاً، مشيراً إلى أنه وعلى صعيد الجسد ينوي الاستمرار في ممارسة الرياضة واستغلال الصيام وتناول أكل صحي لخسارة بعض الوزن.

وعلى صعيد النفس، يعتزم إعداد حلقات توعوية مستفيداً من تخصصه الأكاديمي في علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية، ونشرها عبر قناته على يوتيوب وحسابه على إنستغرام.

وتعود البستكي في رمضان على تنظيم الوقت أكثر من غيره من الشهور، حتى يتمكن من الاستمتاع بالروحانيات كتلاوة القرآن وتوطيد صلة الأرحام.





شهر الاسترخاء

لكن رمضان بالنسبة للباحث والكاتب علي المغني، هو شهر للاسترخاء الذهني والاستعداد لأفكار موضوعات جديدة، والاقتصار على ممارسة الإبداع الإلقائي والتواصل مع المتلقين من خلال الأمسيات الثقافية التي تقام بكثافة خلال الشهر الكريم.

وأكد أن رمضان شهر جني ثمار الأعمال الإبداعية السابقة بالنسبة له من خلال الندوات والأمسيات والعادات الثقافية والفنية الرائعة، التي تنتشر خلال الشهر الكريم، إلا أنه فيما يخص الإبداع الكتابي والبحثي يعتبر رمضان بالنسبة له شهر تجميع الأفكار الجديدة التي سيعمل عليها الفترة المقبلة.

ولادة الأفكار

يعتقد الكاتب الشاب عيسى المزروعي، أنَّ الكتابة الإبداعية تحتاج إلى تركيز وطاقة ذهنية عالية، وهذا لا يتوفر في نهار رمضان، أما الليل فيكون إما لقضاء أوقات ممتعة مع الأهل والأصدقاء أو التفرغ للعبادات، قائلاً: «عملي الأول ولدت فكرته في رمضان وعملت عليه بعد الشهر حتى خرج إلى النور وهو كتاب (قطعة قلبي المفقودة)».

وأشار إلى أنه يفضل المشاركة في الندوات والجلسات التي تتميز بها أيام الشهر، الأمر الذي يضيف إلى رصيد خبراته الكثير ويراكم لديه الخبرات وهو ما يظهر تأثيره في إبداعه، حيث يبدأ العمل على الأفكار التي تولدت له خلال الشهر الكريم.



فاتح للشهية

يفتح شهر رمضان المبارك شهية الأديبة التونسية فتحية دبش على ممارسة شغفها القرائي، وتقول: كان أول عهدي بالصوم حيث تحول رمضان فجأة من شهر ننتظر فيه مدفع الإفطار ونحن -صغار الحي- واقفين كالجنود على الروابي في قريتنا، إلى شهر يقاوم فيه جسدي عناء الوهن بالقراءة الفعلية.

وتتابع: لا أؤمن بأن شهر رمضان هو شهر الاسترخاء بل هو شهر العمل، والقراءة والكتابة التي أحرص على ممارستها خلال الشهر الذي يرفدني بالكثير من الأفكار التي قد تكون نبتة لكتاب أو رواية أو قصة جديدة.





"وش" السعد

تعتبر الفنانة المصرية الشابة ريهام سامي، شهر رمضان وش السعد عليها، حيث قدمها إلى الجمهور عبر مسلسلها «مع بعض» الذي تتشارك فيه البطولة مع زملائها من خريجي ورشة الإبداع في دورتها الثالثة التي يقودها المخرج خالد جلال.

وتُضيف: يشهد رمضان في السنوات الأخيرة زخماً كبيراً لدي نتيجة انشغالي ببروفات الأعمال المسرحية التي ستقدم في عيد الفطر، وبالطبع سلاحي في هذا الشهر هو تنظيم الوقت، حيث لا يمكن إغفال العبادة ما بين الصلاة وقراءة القرآن.





بصمة فنية

أكد الفنان الشاب نديم هشام أنه مدين كذلك لشهر رمضان، والذي شهد ولادة أول أعماله الفنية عبر مشاركته بشخصية مازن في مُسلسل «أبو العروسة»، منوهاً بأن لرمضان بصمة في حياته الفنية، حيث توالى ظهوره درامياً بداية من مُشاركته في مُسلسل «ربع رومي» مع مُصطفى خاطر ووصولاً لمسلسل «المُغني» مع النجم الكبير محمد منير.

وأكد أن الإبداع في رمضان له طقوسه الخاصة أهمها تنظيم الوقت ما بين البروفات والأعمال الفنية والصلاة وأداء الروحانيات.



تصوير الحياة البرية

يرى أحمد الشيشتاوي أحد مصوري الحياة البرية في مصر والذي يسعى لنشر التوعية باستدامة البيئة عن طريق الصورة، أن شهر رمضان لا يمنع الإبداع حيث إن معظم مشروعاته كان في شهر رمضان، مشيراً إلى أن الصوم لا يمنعه من الخروج في رحلاته لتوثيق الحياة البرية في مصر.

ويُضيف "في رمضان أجد وقتاً لتصوير الحياة البرية حيث يكون هناك متسع من الوقت لتعقب ومراقبة الطيور المُهاجرة والمُستوطنة"، مشيراً إلى أن رمضان الجاري سيشهد ولادة نقابة خاصة لمصوري الحياة البرية في مصر أسوة بنظيرتها في المغرب.