الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

نيروز الطنبولي.. رحلة «الأم الصغيرة» من شاطئ الإسكندرية إلى صعود أدبي في أبوظبي

شغف بعالم الطفولة ملأ قلب الأديبة وصانعة الدمى المصرية نيروز الطنبولي، بدأ معها منذ الطفولة عندما كانت تصنع الدمى باستخدام جواربها الخاصة في عمر السبع سنوات، وتحكي قصصاً من نسج خيالها باستخدام تلك الدمى، وامتد الشغف وفي فترة المراهقة في سن 12 سنة أخذت عهداً على نفسها بأن تتوقف عن اللعب بالطريقة التي كانت تُثير الكبار قبل الصغار، «كنت أنظم وقت اللعب بشكل مُثير بجدول خاص أنسقه، فوقت للعب بالدمى ووقت لحكي القصص ووقت للقراءة، لكن وعند دخولي سن المراهقة أحسست بأنني يجب أن أتوقف، كانت فترة قاسية جداً».



وتُضيف الطنبولي ضاحكة «فشلت في التوقف عن اللعب حتى الآن».

وتستطرد في حديثها مع «الرؤية»: «حتى الآن يلقبونني بالأم الصغيرة، فكانت مُهمتي تكمن في تهدئة أي طفل والتعامل معه، وفي سن صغيرة جداً كنت أفكر دائماً في تغيير شكل اللعب وكان محور شغفي دائماً العروسة، كيفية تغيير ملابسها وصناعة ملابس خاصة بها، فكانت الهدية الوحيدة التي أطلبها من والدي، وفي طفولتي الصغيرة جداً كانت هي عائلتي الصغيرة التي أعيش معه، وفي مرحلة الدراسة الثانوية اخترت الدراسة في كلية رياض الأطفال تنمية لشغفي بعالم الطفل وكل ما يخصه، أحسست أن هذا هو المجال الذي يجب أن أدرسه».



التحقت نيروز بكلية رياض الأطفال رغم أن مجموعها كان يؤهلها لكلية من كليات القمة، إلا أنها اختارتها خصيصاً لأن عالم الطفل هو العالم الوحيد الذي يسحرها، وبتشجيع من والدها بدأت الدراسة وأرادت التعلم أكاديمياً لدراسة سلوك الطفل كدراسة مُشبعة بالنسبة لها تجاه عالمه، وتأكدت حينها أن اللعب مع الطفل هو السبيل لتربية الأطفال وتحسين نفسيتهم.



وتُتابع كاتبة أدب الطفل وصانعة الدمى: «صقلت الدراسة موهبتي وأظهرتها بشكل أكبر، وحققت نجاحاً كبيراً، ورفضت التعيين معيدة بالكلية رغم تفوقي، كنت أريد فقط الاحتكاك الدائم بعالم الأطفال والنزول إلى مضمار تعليم الصغار، بعد الزواج قررت تقديم استقالتي من المركز التربوي الملحق بكلية رياض الأطفال التزاماً تجاه أمومتي».



انتقلت الطنبولي مع زوجها إلى أكثر من محافظة مصرية، نظراً لطبيعة عمله كمهندس والتي تقتضي الترحال، حتى كان التحول للسفر للخارج، وفي غضون 10 سنوات أنجبت نهى 4 أطفال، كانت أماً ولكن ليست أماً عادية، أخرجت خلاله كل شغف السنوات السابقة تجاه عالم الطفل، وكان الانتقال للإمارات بداية النضج الكامل لمشروعها تجاه عالم الطفل.



وتُضيف: «كنت أُقيم ورشات فنية بمُشاركة أطفال الحي لتكوين صداقات لأطفالي، وبمجيئي للإمارات فُتح لي طريق أكبر للنفع الاجتماعي، البداية كانت مشاركاتي ضمن نشاطات إحدى الجمعيات النسوية المهتمة بالمغتربات، ثم بدأت التردد على مكتبات أبوظبي الوطنية وبدأت أنشطتي بها بالتعاون مع العاملين في المكتبات، وبدأ الشغف يزيد، وأصبحت المسألة مُنظمة أكثر، بعدها تم التعاقد معي مع عدد من الجهات الحكومية الإماراتية التي ساعدتني في البدء في مجال أدب الأطفال».



بدأ مشروع الطنبولي الأدبي في النضج من واقع ترددها على مكتبات أبوظبي الوطنية، فكان الترمومتر بالنسبة لها هو الحكي للأطفال، وبدأت الكتابة بشكل ودي، وكانت الانطلاقة بالمشاركة في معرض أبوظبي للكتاب بالمشاركة في ركن الرسامين، فدفعها هذا العالم للغوص في كل ما تستطيع إنتاجه رسماً وكتابة.



وتقول: «العروسة كانت رفيقي وأساس تطوير شغفي ومعرفة الأطفال بي، وكل عام في معرض أبوظبي للكتاب أقدم عروسة جديدة من صُنعي، وبعرض كامل بمفردي وأداء كامل للأصوات بصوتي بشكل مُختلف، وكان التشجيع كبير من هيئة الثقافة والسياحة بأبوظبي، وأتمنى أن أسس داخل دولة الإمارات مدرسة لصناعة العرائس، فالإمارات بالنسبة لي هي المكان الذي نمى خبراتي في عالم الطفل، وهي المكان الذي احتضنني وجعلني آمنة مرتاحة، وهو الذي ساعدني على الإبداع، فأول كتاب رسمته للآخرين كان صادراً عن دار الكتب الوطنية، وهي ثقة كبيرة من جهة حكومية لا تُفرق بين مواطن ومُقيم، وبدأت النشر في 2016 بواسطة دار إماراتية وكان كتاب يجمع الطفل الكفيف والمُبصر على مائدة قراءة واحدة، وكان كتاباً مُهماً بالنسبة للمكتبة العربية، ومع مؤسسة زايد العليا أُصدر كتاب آخر يناسب للطفل الكفيف أيضاً».



«ليس غريباً على الإمارات احتواء نجاحي، الإمارات أعطتني بشكل كبير وأعتبر نفسي مصرية إماراتية، فمع المجتمع الآمن تجاه أولادي فبنتي مثلاً جئت بها إلى الإمارات طفلة أربع سنوات تخرجت في (سربون) أبوظبي، وابني على وشك التخرج، فالإمارات ساعدتني وأشبعت طموحي أدبياً وأسرياً، فالحياة بالإمارات تؤهلنا دائماً على الإبداع وتشجع المُبدعين، خصوصاً في ما يخص أدب الطفل الذي توليه الإمارات اهتماماً كبيراً وتدعم مُبدعيه». تُنهي الطنبولي حديثها مع «الرؤية».