الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

أدباء: الثقافة العربية تتسم بالانفتاح على الآخر.. والعناية بجودة مخرجاتها السبيل للعالمية

تنظر الثقافة إلى الكائن البشري كإنسان، وتخاطبه كنموذج للإنسانية، بل تجتهد في علاج مشكلاته، وبلورة تطلعاته، وتستطيع هذه الثقافة تجاوز حاجز المحلية والوصول إلى العالمية، وهو ما تسعى له الثقافة العربية من خلال الترجمة، والتبادل الثقافي.

وأكد عدد من الأدباء العرب لـ«الرؤية» أن الثقافة العربية تغلغلت في جذور الثقافات الأخرى في ظل اتسامها بالانفتاح على الآخر والتسامح لكنها لا تزال في حاجة لإعادة تقييم وتقويم؛ مع ضرورة صياغة خطة لمستقبلها، وردم العراقيل، واتباع نهج جديد من أجل الوصول إلى جودة التنمية الثقافية ومخرجاتها كسبيل للعالمية.

التبادل الثقافي

قال د. فهد حسين ناقد من البحرين، إن الحديث عن حضور الثقافة العربية في سياق الثقافة العالمية مهم جداً للقارئ العربي عامة، وللشباب بخاصة، حيث منذ بزوغ ملامح التحرك العربي ثقافياً كان الإنسان في المنطقة العربية يبحث عن منافذ وقنوات التواصل مع الآخر، وتوسع الأمر في عمليات الاتصال والتواصل بين الحضارة العربية والفارسية في الشرق، والحضارة اليونانية والرومانية في الغرب.

وأضاف حسين أنه نتج عن هذا التواصل حركة الترجمة والتبادل الثقافي بصورة عامة، وتغلغلت الثقافة العربية في جذور الثقافات الأخرى حينما نقل العديد من المؤلفات الفلسفية والأدبية والدينية والرياضية والطب لتستقبلها هذه الثقافات، وتترجمها وتدرسها، لعل أبرز هذه التراجم حكايات ألف ليلة وليلة.

وأشار إلى أن الثقافة العربية في العصر الحديث لها حضورها الواضح من خلال المغتربين والمهاجرين العرب الذين كرّسوا وقتهم وجهدهم وعلمهم؛ ليقولوا للقارئ الآخر لدينا حضارة وثقافة وعلوم وفنون شتى وها نحن نقدمها لك بلغتك، لذا حين يكتب المغترب العربي بلغة الآخر يريد منه الاتصال بالثقافة العربية، موضحاً أن هذا التواصل والحضور يكون لقناعة مترسخة في الذهنية العربية الواعية بأن كل الزاد الثقافي والأدبي والعلمي إنساني.

خصبة ومزدهرة

من جانبه أكد الكاتب الإماراتي محمد حمدان بن جرش، أن الثقافة العربية خصبة ومزدهرة، وهناك العديد من المنجزات الثقافية العربية أثرت المشهد الثقافي بنتاجاتها الثقافية والفكرية والأدبية، وحصدت نصيبها من الجوائز العالمية وتحولت من مجرد رموز عربية إلى عالمية يشار إليها بفخر واعتزاز مع ما يشهده العالم من توتر وصراعات ومد وجزر في التحولات الثقافية والفكرية، فنجد أن الثقافة صامدة وهذا يعود للتخطيط الاستراتيجي ومكانة الثقافة والإبداع في عالمنا العربي.

وأوضح أنه لدى مجتمعاتنا العربية حصاد ثقافي رصين ومبدعون يعملون على تطوير الثقافة والأخذ بأسباب التقدم لكن لا تزال الثقافة العربية تحتاج إلى إعادة تقييم وتقويم؛ لأنه دون وضع معايير واضحة لن نلامس واقع الحياة الثقافية ومكانتها العالمية، مشيراً إلى أن الفعل الثقافي يحتاج إلى تكامل الأدوار على المستوى الوطني والعربي والعالمي حتى تصبح الثقافة عالمية وتمارس دورها الإنساني في الارتقاء بالفرد والمجتمع.

وأكد «بن جرش» أننا بحاجة إلى صياغة خطة لمستقبل الثقافة العربية، وردم العراقيل، واتباع نهج جديد من أجل الوصول إلى جودة التنمية الثقافية ومخرجاتها من ترجمة وفكر وشعر ودراسات ثقافية وقصة ورواية.

قيم إنسانية

وذكر الكاتب المصري المقيم بالدولة أحمد عادل زيدان، أننا ننظر للمشهد الثقافي العربي نظرة إيجابية يحدوها الأمل في استشراف أرحب الآفاق في المشهد الثقافي العالمي، فالثقافة العربية بما تحمله من مفاهيم وقيم إنسانية، لها خصوصيتها التي اكتسبتها من تاريخ ممتد، وإرث اجتماعي وحضاري عريق، فهي معين لا ينضب.

وقال إن دلائل عالمية ثقافتنا العربية ذات الجوهر الإنساني الفطري، هي أنها تتسم بالانفتاح والتسامح والتفاعل مع الثقافات الأخرى، كما أنها لم تحمل في أي مرحلة تاريخية عبر العصور حقداً ولا عداء نحو الآخر، إنما انطلقت بمبادئها وقيمها الراسخة لتتفاعل مع الثقافات الأخرى من أجل مشروع حضاري إنساني مستدام، مشيراً إلى أنه في هذه الآونة تواجه الثقافة العربية جملة من التحديات لا بد من السعي للتغلب عليها، أهمها العناية باللغة العربية والنهوض بها، بوصفها جزءاً أساسياً من مكونات الهوية العربية، ثم السعي للتعريف بها وبمنجزاتها، إضافة إلى تخصيص قنوات تلفزيونية وإذاعات عربية ناطقة بلغات أخرى، كالإنجليزية والفرنسية والصينية، تخاطب الآخر وتعرف بتراثنا وثقافتنا، من أجل تعضيد الجسور الحضارية بين الثقافة العربية ومثيلاتها.

إبراز المواهب

وأشارت الكاتبة الإماراتية نوف الحضرمي، إلى أن تعزيز المشهد الثقافي مهم جداً من الشباب للمستقبل لبناء حضارة إبداعية في إدراج القيمة الفكرية بتطوير مهاراتهم في كل الجوانب من حيث استخدام أفكار متجددة وغير تقليدية، موضحة أن المجتمع يحتاج إلى عقول رائدة تستطيع استخدام المفهوم الثقافي بصورة إيجابية بحيث إعطاء الأشخاص فرصة لإبراز مواهبهم أو ثقافاتهم المحلية أو العالمية.

وذكرت أن دور المثقفين العرب تقديم مبادرات على المستوى العالمي، وإيصال صوت الموهوبين في كل محفل، موضحة أن ثقافتنا العربية واسعة بشكل كبير، ويجب على المؤسسات العربية أن تتبنى أفكار المثقفين العرب، وصناعة الماركة الخاصة لكل المثقفين في عدة مجالات وإيصالها للعالم؛ ليكون المشهد العالمي بصورة مشرفة ومشرقة بشبابنا المثقفين العرب.

وتابعت بأن ميراث الثقافة العربية يحتل موقعاً حضارياً بمستوى مبهر، فاليوم نرى المثقفين العرب في شتى المجالات يحافظون على رونق المشهد العالمي بسبب التقدم والمفهوم الإبداعي، فتقدم الثقافة عظيم في مستويات مختلفة كالتعليم والثقافة المحلية والعالمية.