الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

مخرجون ونقاد: «الفيديو كليب» يعاني غياب القصة الدرامية.. و«السوشيال ميديا» السبب

تغيّرات كثيرة ومعايير جديدة صارت تحكم عملية تقديم الأغاني على طريقة الفيديو كليب بحيث بات يفتقد القصة الدرامية الأقرب للفيلم.

وأرجع عدد من مخرجي الأغاني والنقاد الابتعاد عن هذا النوع لتغير نمط الأغنية حيث اعتاد الجمهور على الإيقاع السريع، إلى جانب التقدم التكنولوجي والسوشيال ميديا الذي ساهم في نشر الفيديو كليب بإمكانات بسيطة على عكس ما كانت عليه الأغنية في فترة الثمانينيات والتسعينيات.

الشكل القديم

قالت المخرجة الإماراتية نهلة الفهد، التي تولت إخراج عدد من أغاني الفيديو كليب لكبار نجوم الأغنية العربية، إن من الطبيعي في هذا العصر أن تتغير طبيعة الأغنية، نظراً للإيقاع السريع الذي أصبح يحكم عالم الفن والغناء، إضافة إلى أن المطربين أصبحت لديهم القدرة على تصوير أغنياتهم بأنفسهم، ومن ثم الاستغناء عن الشكل القديم الذي كان يعتمد على ترتيب أغنية الفيديو، بتقديم مسبق من قبل المخرج وكاتب السيناريو، واختيار مواقع التصوير المتعددة.

وأضافت الفهد، أن هناك عوامل رئيسية لغياب قصص الأغاني المصورة فيديو كليب، ويرجع أهمها إلى مسألة الميزانية، فالكليبات تحتاج إلى كُلفة كبيرة، خصوصاً إذا كانت منفذة بجودة عالية من حيث الإخراج والفكرة وأماكن التصوير، وكان أغلب صناعها يعتمدون على شركات الإنتاج الفنية التي كانت تتولى إنتاج وتنفيذ هذه الأغنيات، وتعرضها أيضاً عبر قنوات موسيقية متخصصة.

وأشارت إلى أن في السابق كان نجوم الغناء يعتمدون على تنفيذ أغنيات فيديو كليب، من أجل الترويج لألبوماتهم وأغنياتها، لكن في الوقت الحالي ومع عصر التكنولوجيا والسوشيال ميديا التي لعبت دوراً كبير في أن تكون الفيديوهات ذات نمط سريع أصبحت الأغنية لا تحتاج إلى ترويج بفيديو كليب.

مضمون وفكرة

وأرجع المخرج الإماراتي طلال محمود، سبب غياب القصص الدرامية للأغنية المصورة فيديو كليب في هذه الأيام، إلى أن القنوات المتخصصة كانت هي المنصة الأولى لإنتاجها وعرضها، ومع اختفائها حدثت فجوة كبيرة كان لها أثرها على الأغنية المنظمة التي ترتكز على أسس وقواعد فنية، كانت تتمثل في أن الأغنية ذات مضمون وفكرة وهدف، وتتبع رسالة معينة يحاول المطرب أن يوصلها إلى الجمهور في دقائق معدودة، وكأنه فيلم قصير له بداية ووسط ونهاية.

وأشار: لا أحد ينكر أن الأغنيات المصورة في السابق، والتي كانت تراعي قواعد فنية وبصمات درامية وأسلوباً إخراجياً ذا فكرة وهدف، كانت تحقق نجاحات كبيرة آنذاك، وخصوصاً مع وجود القنوات الغنائية المتخصصة، التي كانت تعتمد على بث هذه الأعمال عبر شاشتها، لكن حالياً ومع وجود مواقع التواصل و«يوتيوب» أصبحت العملية مختلفة، والساحة أصبحت مفتوحة للجميع، ما أحدث نوعاً جديداً تعود عليه المطربون، وعلى الجمهور أن يختار ما يناسبه من كل ذلك.

«يوتيوب» غير المفاهيم

أكد الناقد الفني العراقي أمجد ياسين: كانت هناك شروط في الماضي تسهم في عملية اختيار الأغاني المصورة في الفيديو كليب من قبل القنوات المتخصصة، وكانت هذه الشروط صعبة إلى حد ما؛ لأنها كانت تتولى قبول عرض الفيديو كليب من عدمه، ما جعل هناك منافسة كبيرة في الوسط الغنائي آنذاك، تبلورت في أن كل مطرب كان يسعى إلى التفرد وإبراز قصة الأغنية بشكل محترف ومختلف، ويسهل عليه قبول عمله ليتم بثه عبر القنوات التلفزيونية، أما الآن فـ«يوتيوب» استطاع أن يغير المفاهيم، لأنه أصبح ملكاً لكل شخص.

وأشار إلى أن القنوات التلفزيونية تأثرت إلى حد بعيد بما يبث على «يوتيوب»، ليس لأنه مشوق أو أكثر جودة، لكن لأنه يفي بما يطلبه المشاهد والمستمع، الذي ليس لديه الوقت الكافي والصبر على أن ينتظر بث الأغنية التي يحبها في الوقت الذي يحدد من قبل القناة، موضحاً أن الأغنية أصبحت كما يريدها الجمهور سريعة ومكثفة، لأن حياته أصبح فيها الكثير من المشاغل، وأن أغاني الفيديو كليب التي كانت تتضمن قصصاً مصورة في فترة الثمانينيات والتسعينيات اختفت بسبب العوامل التي ذكرها سابقاً، وأن تنفيذ الفيديو كليب حالياً أصبح بمثابة «برستيج» للفنان لا أكثر.

ميزانية ضخمة

أكدت الناقدة الفنية فاطمة بوناجي أن سبب قلة وجود أغاني الفيديو كليب، التي تعتمد على قصة وسيناريو، هو الإنتاج وغياب القنوات المتخصصة، وخصوصاً أن تصوير الأغنيات لا يختلف كثيراً عن تصوير فيلم أو مسلسل، فهو يحتاج إلى ميزانية ضخمة وفريق عمل كبير، إذا كان الكليب على مستوى جيد من التنفيذ، ومع عدم وجود هذا الدعم يقف الفنان حائراً في كيفية تنفيذ فيديو كليب بكلفة عالية، أو تنفيذ فكرة مبسطة، وعرضها عبر «يوتيوب» لخدمة العمل نفسه والترويج له.