الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

خبراء وأدباء: 5 خطوات لمواجهة «فوضى النشر»

أوصى عدد من الخبراء والكتاب وأصحاب دور النشر بضرورة مواجهة «فوضى النشر» التي تتخذ أشكالاً عدة، عبر مجموعة من الحلول تتلخص في 5 خطوات أساسية.

ولفت الخبراء إلى أن الخطوة الأولى تتطلب وضع «علامة جودة» ذات درجات تقييمية للمنتج الأدبي كغيره من المنتجات الصناعية الأخرى التي يتم تصنيفها حسب الجودة، لتقييم المنتج ضمن معايير فنية وأدبية بما فيها «اللون الأدبي والشكل الخارجي والداخلي والأسلوب والحبكة والموثوقية وطريقة العرض واختيار العناوين وطبيعة الأفكار وقيمة المحتوى الأدبي من حيث المضمون والفائدة والسعر»، بما يسهم في تلبية شغف كل القراء من مختلف المستويات الفكرية.

ودعا الكتاب والخبراء، على هامش مشاركتهم في الدورة الـ12 من معرض العين للكتاب، إلى معالجة فوضى النشر من خلال خطوات أخرى، تتضمن تنظيم دورات متخصصة ولقاءات أدبية دورية عبر المقاهي والنوادي الأدبية والمكتبات على مستوى الدولة والترويج لتلك الدورات والندوات عبر الوسائل الإعلامية المختلفة سواء التقليدية أو الرقمية.

وتضمنت المقترحات إنشاء لجان أو مراكز أدبية محلية متخصصة في المجالات العلمية والأدبية المختلفة بهدف مراجعة محتوى الكتب الأدبية قبل النشر والتوزيع، ودراسة احتياجات المجتمع وجمهور القراء وتقديم قائمة بالمقترحات للكتاب حتى تصب إبداعاتهم في المجالات المطلوبة وتلبي شغف القراء، ذلك إلى جانب التأكد من تسجيل الكتب واتخاذها رقماً للمعيار الدولي وعدم تداول أي إصدارات أدبية دونها.

دور المراكز المتخصصة

وأفاد «الرؤية» مدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج، دكتور عيسى صالح الحمادي، "إن فوضى النشر يمكن معالجتها من خلال تولي المراكز المتخصصة في مختلف التخصصات مسؤولية الاطلاع على محتوى الكتب قبل نشرها، وتحكيمها من قبل ذوي الاختصاص بما يضمن سلامة المعلومات ونشر المعرفة."

وأكد أن المركز يشارك بالحدث وكذلك بالمعارض الأدبية في إطار حرصه على نشر الإنتاج العلمي في المجال التربوي والتعليمي والمهني والتقاء المفكرين وتبادل الرؤى معهم، علماً أن إصدارات المركز تتنوع وتغطي مجالات مختلفة، كما يمنح الباحثين والكتاب والمترجمين فرصة نشر إبداعاتهم بعد الاطلاع عليها وتقييمها من قبل المختصين.

التواصل الاجتماعي

وقالت الكاتبة موزة عوض «إن معرض العين للكتاب يعد فرصة لتبادل الخبرات ومتابعة أحدث الإصدارات الأدبية ومناقشة أبرز المسائل المتعلقة بذلك القطاع الثقافي الحيوي ومشاركة الحلول له، وبالنسبة لموضوع «فوضى النشر»، فأود أن أشير إلى أن الكثير من الأقلام الصاعدة والشابة تتمتع برؤية أدبية وأسلوب إبداعي جيد عند تأليف الكتب والقصص والروايات ولكن البعض منهم وهم يمثلون نحو 40% من الكتاب يعتقدون أن ما ينشرونه عبر صفحات التواصل الاجتماعي يرقى لأن يجمع أو يكتب ليرى النور على هيئة إصدار أدبي».

وتابعت «إن تلك الكتب عادة لا تحتوي على أي مضمون، لذا أقترح على دور النشر أن تضع ضوابط على نشر الإصدارات الأدبية بحيث يتم النظر في مضمون وأسلوب النص الأدبي وتقييم مدى الفائدة التي ستعود إلى القراء من ذلك الإصدار، علماً أنني اصطدمت بـ«العناوين البراقة» لأكثر من مرة وتفاجأت بعدم وجود أي مضمون أدبي وخلو الكتب من الروح الأدبية».

تضافر الجهود

وتطرق المدير التنفيذي لمكتبة دار المعرفة، الكاتب الشاب أحمد فرج الله، إلى أن فوضى النشر مسألة تواجه الكثير من الكتاب والناشرين والقراء وتتخذ صوراً وأشكالاً عديدة، من بينها أن يقلد كاتب ناشئ أسلوب كاتب معروف أو يعيد استخدام صيغة كتاب آخر، ما يتطلب من دور النشر التدقيق جيداً في ذلك الأمر، ليس ذلك فحسب، بل ترتبط مسألة فوضى النشر بتوجه بعض الكتاب المحليين إلى نشر إصداراتهم لدى دور نشر أخرى بالعالم دون إذن أو تصريح رسمي من الناشر الأصلي».

وتابع «إن فوضى النشر تتطلب تضافر جهود الجهات المعنية سواء على المستوى المحلي أو العالمي بما فيها جمعيات الناشرين، من أجل تطوير معايير فنية تسهم في تقنين فوضى النشر، علماً أن الإمارات من الدول السباقة في تطبيق تلك الإجراءات ومنها على سبيل المثال «رقم المعيار الدولي»، ولكن الكتب التي تفتقر للمضمون الهادف تتطلب أيضاً تحديد معايير فنية لتقييمها قبل النشر».

الحكم للقارئ

أما الكاتب الشاب حمدان بن شفيان العامري، فكان له وجهة نظر أخرى، إذ قال «بالرغم من أن البعض يشتكي مما يسمى بفوضى النشر مقترحين وضع قيود على نشر الكتب وإنشاء لجان تراقب جودة ما ينشر لتصرح للبعض النشر وتمنع الآخر فإني أرى في ذلك مناقضة لمفهوم الفن نفسه».

وتابع "إن الكتابة شكل من أشكال الفن والذي بمفهومه الرئيسي يشمل أنشطة في إنشاء أعمال بصرية، سمعية، حركية أو غيرها للتعبير عن أفكار المؤلف الإبداعية، فلم يتم وضع قيود على أفكار المؤلف ومن يملك الحق ليقنن ما يمكن نشره من أفكار أو لا، فعلى غرار الفن التشكيلي والشعر الحر اللذين لاقيا هجوماً من المدارس الكلاسيكية واليوم نجد لهذين الفنين متذوقين كثراً استطاعت هذه الأعمال الفنية أن تلامس أحاسيسهم وتصل لهم رغم أنها لا تتبع كلاسيكيات ما يقدم في تلك المجالات، فإنه من حق كل كاتب أن يكتب ما يشاء ويعبر عن ذاته ورؤاه وفقاً لما يريد، ومن ناحية اقتصادية، يعد النشر سوق كباقي الأسواق ولا يجب علينا احتكاره بتقنين عملية النشر بل ترك الحكم للقارئ فهو في نهاية المطاف متذوق وله الحق في الاطلاع على جميع التجارب والاختيار بينها».