لم يتوقف تأثير فيروس كورونا «كوفيد-19» عند الأنشطة الثقافية والاقتصادية، التي تأثرت بشدة إثر انتشار الفيروس التاجي في معظم أنحاء العالم، بل امتد تأثيره إلى المهرجانات السينمائية حيث تسبب في إلغاء العديد منها وتراجع الإنتاج الفني العام الماضي، وفي مقابل الإلغاءات والإرجاءات التي طالت جانباً من تلك المهرجانات، إلا أن جانباً آخر تمسك القائمون عليه بإقامته، ليكون بمثابة مظلة محفزة للإنتاج، ورسالة أمل بعودة النشاط السينمائي إلى ألقه المعهود، وتجاوز الظرف الراهن الذي فرضته أزمة الجائحة . ويأتي ذلك في محاولة من تلك المهرجانات لاستعادة الحياة السينمائية بشكلٍ طبيعي كما كانت، خاصةً بعد نجاح عددٍ منها مؤخراً في تنظيم دورات آمنة صحياً ومتميزة فنياً مثل «فينيسيا، وتورنتو، وسان سيباستيان»، وعربياً مهرجان الجونة السينمائي في دورته الرابعة، ومهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ42، والتحدي الخليجي المتمثل في الإمارات بمهرجان «العين السينمائي»، الذي استقبل ضيوفه وعشاق السينما، وفق الإجراءات الاحترازية اللازمة، دون أن تغيب ألق سجادة المهرجان الحمراء، وكواليسه، وتفاصيله المختلفة، ، في رسالة أمل داعمة لصناعة السينما. وقال الفنان الإماراتي عبدالله سعيد بن حيدر، إن إقامة المهرجانات السينمائية المختلفة وخاصة المهرجانات العربية ساعدت في إنقاذ «الفن السابع»، وبث الأمل من جديد في النفس، وتشجيع الشركات على الإنتاج أملاً في تراجع للوباء وقفزة مهمة للأرباح، كما أن العودة في حد ذاتها هي الإنجاز الأهم والأكبر، إضافة إلى أن تنشيط الحركة السينمائية أصبح ضرورة كي لا تتفاقم الخسائر، خصوصاً أن السينما جزء لا يتجزأ من حياة البشر، والملاذ الأول لكل إنسان في كل الأوقات، منوهاً بالدور المهم للمهرجانات في خلق جوٍ محفز بين صانعي الأفلام. لقاء الجمهور وقالت الفنانة الإماراتية فاطمة الطائي، إنَّ انعقاد المهرجانات السينمائية ومنها مهرجان العين السينمائي في دورته الثالثة في وضع صحي استثنائي، يأتي إيماناً من السينمائيين والجمهور بأن الثقافة عموماً والسينما بشكلٍ خاص من الثوابت الأساسية في حياتنا، ويوضح هذا الخيار بأن المهرجانات تعمل على المساهمة في دعم العاملين بالقطاع السينمائي من ممثلين ومخرجين مصورين ومهندسي صوت وغيرهم. وأضافت أن هذه الأحداث لا تقتصر، كما جرت العادة، على حضور النجوم السجادة الحمراء والعروض السينمائية، والحوارات والورش الفنية، بل الحدث الأول تقرؤه في عيون كل من يحضر المهرجانات الحية بعد إلغاء الكثير من الفعاليات أو تحويل بعض الفعاليات عن بُعد، حيث يتجسد في الفرحة بلقاء الجمهور والتواصل المباشر مع الناس. عودة الإبداع من جهته، قال المخرج الكويتي أحمد الخضري، إن المهرجانات السينمائية التي عقدت في أواخر عام 2020، ومنها مهرجان الجونة السينمائي في مصر ومهرجان العين السينمائي الذي يعقد الآن جاءا في توقيت مناسب بعدما أصيب الكثير من شباب السينمائيين العرب والخليجين بالإحباط واليأس بعد عامٍ كامل من التوقف عن العمل والإبداع الفني بسبب جائحة كورونا، موضحاً أنَّ المهرجانات جاءت لتعيد الحماس والإبداع والعمل لنا. عجلة الإنتاج وأكدت الفنانة اليمنية إيمان المعمري، أن المهرجانات السينمائية وخاصة العربية التي عقدت مؤخراً جاءت للاحتفاء بصناعة السينما وإثبات قدرة الفن على الصمود في مواجهة العراقيل التي فرضها فيروس كورونا على شعوب العالم، إضافة إلى تأكيد أهمية استمرار عجلة الإنتاج، وإعادة النور إلى قاعات العرض باعتبارها أحد الأوجه البراقة للأنشطة الإنسانية. وأوضحت أنَّ هذه المهرجانات جاءت بمثابة فسحة من الأمل إلى السينمائيين الشباب، وإلى الجمهور المتعطش للسينما، مشيراً إلى أنَّه لا تزال هناك سينما وفن في العالم العربي. لا حدود للإبداع وقالت الفنانة نورة العابد «طبيعي ألا تتمكن السينما العالمية والعربية من تعويض الخسائر التي منيت بها في 2020، إنما علمتنا التجربة والمحنة ألا حدود للإبداع، وأن الفن يصل إلى الناس، ويسافر مخترقاً كل المعوقات، والحواجز، وقد تحولت العروض من الشاشات السينمائية إلى الشاشات التلفزيونية، ويكتمل الحضور واللقاء الفني افتراضياً، إن تعثر فعلياً، وواقعياً، فالمهرجانات هذا العام هي الجائزة الكبرى للجمهور، وللنجوم، وللسينما، وصناعتها». تنشيط الصناعة وأكد الفنان المصري أحمد إبراهيم، أن الأهم والجوهر الأساس من هذه المهرجانات هي الحركة السينمائية وتنشيط الصناعة، والحاجة الملحة إلى استمرارية وجود هذه «القوى الناعمة» في المجتمعات، ودعم الشباب لإنتاج أحلامهم في مشاريع وأفلام قصيرة وطويلة. صناع السينما وقال الفنان طلال محمود إن انعقاد المهرجانات السينمائية على أرض الواقع يختلف تماماً عن انعقادها عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة؛ لأن الهدف في المهرجانات هو التقاء الجمهور مع الفنان، أو التقاء الفنانين مع صناع السينما في العالم العربي وتبادل الخبرات، مشيراً إلى أن السينما والسينمائيين تعرضوا خلال الفترة الماضية إلى صعوبات كبيرة بسبب الجائحة، وكان إلغاء الكثير من المهرجانات بمثابة ضربة قاضية للسينما العربية والعالمية، لكن جرأة القائمين على بعض المهرجانات في اتخاذ القرار بعقدها كان رسالة أمل لكل العاملين في هذا القطاع المهم. جمهور متعطش للأفلام وأكد المخرج المصري محمود محمود، أن انعقاد المهرجانات السينمائية على أرض الواقع رسالة أمل لكل العاملين في هذا القطاع الكبير بعدما أثرت جائحة «كوفيد-19» على قطاع السينما، مشيراً إلى أنَّ هذه المهرجانات بمثابة فسحة أمل للسينمائيين وخصوصاً الشباب، إضافة إلى الجمهور المتعطش للسينما.

بوستر فيلم ديدو

أحمد عز في مشهد من «العارف»

أحمد السقا في مشهد من «العنكبوت»

أحمد السقا في مشهد من «العنكبوت»

كريم عبدالعزيز في كواليس «البعض لا يذهب للمأذون مرتين»

بوستر فيلم العنكبوت

بوستر فيلم البعض لا يذهب للمأذون مرتين

بوستر فيلم العارف
كورونا يوجه ضربة قاصمة لـ«عز» و«السقا» و«كريم» في عيد الفطر
بطل العارف لـ«الرؤية»: لا أملك معلومة حول موعد عرض الفيلم
وائل عبدالله: أتعرض لخسائر مالية منذ قرار إغلاق السينمات
السبكي: أتوقع إطاحة الوباء بموسم عيد الأضحى أيضاً
طارق الشناوي: ترحيل أفلام عيد الفطر للأضحى الاتجاه الأرجح
وجه فيروس كورونا المستجد ضربة قاصمة للسينما المصرية، بعد قرار الحكومة باستمرار غلق دور العرض السينمائي في إطار الإجراءات الاحترازية لمواجهة الوباء، ما تسبب في الإطاحة بموسم عيد الفطر السينمائي لهذا العام، الذي كان سيتنافس خلاله 5 أفلام على كعكة الإيرادات.
أول الأفلام التي أزاحها الوباء عن المشهد كان فيلم «العارف»، للمخرج أحمد علاء، وبطولة الفنان المصري أحمد عز، والذي كان يحمل اسم «يونس» قبل عامين، وواجه عثرات إنتاجية حينها قبل تولي شركة «سينرجي» إنتاجه وتغيير اسمه، ويشارك في بطولته أحمد فهمي، ومحمود حميدة، ومصطفى خاطر، وكارمن بصيبص، وركين سعد، من تأليف محمد سيد بشير.
ويواجه فيلم «العنكبوت» للمخرج أحمد نادر جلال، وبطولة الفنان المصري أحمد السقا، مصيراً مجهولاً في ظل الوضع الراهن، وهو ما ينطبق على أفلام «البعض لا يذهب للمأذون مرتين» للمخرج أحمد الجندي، وبطولة الفنان المصري كريم عبدالعزيز، وفيلم «ديدو» للمخرج عمرو صلاح، وبطولة الفنان المصري كريم فهمي، وفيلم «يوم 13» للمخرج وائل عبدالله، وبطولة أحمد داود ودينا الشربيني.
وتوجهت «الرؤية» بالسؤال إلى صناع الأفلام لاستطلاع رؤيتهم المستقبلية إزاء المشهد الحالي، والتعرف على الخسائر التي لحقت بالمنتجين بعد إيداع أفلامهم في العلب لأجل غير مسمى إلى الآن.

تجربة مختلفة
من جانبه، قال الفنان أحمد عز، إن فيلم «العارف» كان جاهزاً للعرض بعد انتهاء مخرجه أحمد علاء من أعمال المونتاج والمكساج الخاصة بالفيلم، حيث إنه متشوق لهذه التجربة السينمائية لاختلافها عن كل تجاربه السينمائية السابقة.
وأضاف عز، لـ«الرؤية»: «أنه لا يملك معلومة عن موعد عرض الفيلم حال فتح دور العرض مجدداً، لافتاً إلى أن هذه الجزئية شأن يخص الجهة المنتجة، وهو لا يتدخل في مثل هذه التفاصيل»، بحسب قوله.

خسائر فادحة
أكد المنتج وائل عبدالله أنه يتعرض لخسائر مالية منذ منتصف مارس الماضي، وتحديداً بعد قرار الحكومة بإغلاق السينمات والمسارح لمواجهة الوباء، وذلك بحكم امتلاكه أكثر من دور عرض سينمائي في مصر، إذ إنه ما زال يسدد أجور الموظفين في كل السينمات، بحسب قوله.
وقال عبدالله، لـ«الرؤية»، «إن الرؤية المستقبلية بشكل عام غير متضحة بالنسبة للسينما المصرية والعربية والعالمية، بحكم معاناة دول العالم من هذا الوباء الذي أصاب الآلاف وأودى بحياة مثلهم، مشيراً إلى أن مقترح البعض بفتح السينما مع تقليل أعداد روادها للنصف سيضاعف من خسائر دور العرض».
وتابع: تشغيل السينما لا يقتصر على أجور موظفيها فحسب، بل أن هناك خدمات كالكهرباء والمياه وتشغيل المعدات وصيانتها، وهو ما لا تستطيع الإيرادات تغطية هذه الكلفة في حال تقليل عدد الرواد، ومن هذا المنطلق، لا نملك سوى الانتظار والترقب لما ستشهده الفترة المقبلة من أحداث.
وعن إمكانية بيع فيلميه «البعض لا يذهب للمأذون مرتين» و«يوم 13» للمنصات الإلكترونية، رد قائلاً: الكلفة الإنتاجية للفيلمين مرتفعة للغاية، ولا بُدَّ من حصد إيراداتهما من داخل مصر وخارجها، وبالتالي لا يمكن أن أبيعهما لأي منصة إلكترونية.

تأثير ممتد للوباء
توقع المنتج أحمد السبكي استمرار أزمة السينما الراهنة إلى أجل غير مسمي، مؤكداً أن الوباء سيطيح بموسم عيد الأضحى المقبل حتى ولو صدر قرار حكومي بفتح السينما مجدداً.
وقال السبكي، لـ«الرؤية»: إن فيلم «ديدو» أصبح يواجه مصيراً مجهولاً في هذا الوضع الاستثنائي، مؤكداً تعرضه لخسائر فادحة إزاء هذه المسألة، ولكنه استدرك قائلاً: «لا تعنيني الأموال أو الأفلام في الوقت الحالي، لأن ما يهمني هو تجاوز أزمة هذا الوباء في أقرب وقت ممكن».
وأعلن رفضه لمقترح تشغيل السينما بنصف عدد روادها، لأن هذا الوضع سُيسبب خسائر فادحة للمنتجين، بحسب قوله، لافتاً إلى أن الطامة الكبرى حال عودة الحياة لدور العرض تكمن في وجود احتمالية كبيرة لعزوف الجمهور عن الذهاب للسينما لتجنب الإصابة بالوباء.
وشدد على رفضه بيع فيلمه إلى أي منصة إلكترونية، لأنه لا يفكر في صالحه الشخصي بقدر ما يفكر في الصالح العام، مدللاً على كلامه بقوله: «لو كنت أفكر في ذاتي لما أنتجت أفلاماً عقب ثورة 25 يناير، والتي عزف المنتجون حينها عن الإنتاج في ظل ضبابية المشهد وقتها، ولكن حبي لصناعة السينما دفعني للمغامرة بإنتاج أفلام لإبقاء هذه الصناعة على قيد الحياة".
السقا يعطل العنكبوت
أكد مصدر من صناع فيلم «العنكبوت»، رفض ذكر اسمه، لـ«الرؤية»، أن الفنان أحمد السقا لم ينتهِ من تصوير دوره في أحداث الفيلم، نظراً لسفره إلى لبنان لتصوير برنامجه «اغلب السقا»، وعدم قدرته على العودة إلى القاهرة في ظل قرار تعليق حركة الطيران.
وأكد المصدر أن جلال أرجأ تصوير المشاهد المتبقية لحين استقرار الأوضاع بشكل نسبي، مستغلاً قرار الحكومة باستمرار غلق دور العرض السينمائي، واستبعد إمكانية طرح الفيلم في موسم عيد الأضحى حال عودة عمل السينما من جديد.

ترحيل الأفلام
يرى الناقد السينمائي طارق الشناوي، أن الاتجاه الأرجح حالياً سيكون ترحيل أفلام عيد الفطر إلى موسم عيد الأضحى، مع تطبيق الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا.
وقال الشناوي، لـ«الرؤية»: «إن دول العالم تفكر حالياً في تشغيل السينما بنسبة 25% من عدد روادها، بحيث تكون هناك مسافات آمنة بين الرواد من كل الاتجاهات».
وعن إمكانية لعب المنصات الإلكترونية دور السينما بشراء الأفلام من منتجيها وعرضها على شاشاتها، قال: تظل السينما لها سحرها وبريقها الخاص، الذي لن تعوضه شاشة كمبيوتر أو هاتف محمول، فهناك أجواء مرتبطة بالسينما يعرفها الجمهور على نحو جيد، وبالتالي لا مجال للمقارنة بينهما من قريب أو بعيد.