الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

صناع سينما إماراتيون: منصات تأجير الأفلام لن تصون الفن السابع من آثار "كوفيد-19"

أثرت أزمة كورونا على دور العرض السينمائية بشكل واضح، وجعلت فكرة تأجير الأفلام عبر المنصات خياراً متاحاً لإنقاذ قطاع صناعة الأفلام، ومثال ذلك النجاح العالمي الذي حققه فيلم Trolls World Tour من خلال ما يقارب 100 مليون دولار من عرضه على منصات التواصل الاجتماعي بعيداً عن دور السينما المغلقة.

وأكد صانعو أفلام ومخرجون ومنتجون إماراتيون أن منصات تأجير الأفلام قد يكون حلاً بديلاً بالفترة الراهنة لكنه لا يعوض ميزانيات أعمال، تم إنتاجها، وتوجيهها بشكل خاص لتكون حاضرة في دور السينما، وفي ظل الإقبال الجماهيري المعتاد، الذي لم يصل إلى معدله الطبيعي حاليا، على الرغم من إعادة فتح دور السينما، أخيرا، فضلاً عن الفترة السابقة التي شهدت إغلاقاً تاماً لها.

وأشاروا إلى وجود عدة عوامل تتحكم بنجاح الفيلم عبر المنصات، منها: مستوى الفيلم من حيث الممثلين والقصة والإخراج، والحملات التسويقية للفيلم عبر المنصات.

صدفة

قال المخرج والمنتج فاضل المهيري: «أعتقد أن فيلم Trolls World Tour خدمه وقت نزوله عبر المنصات التواصل الاجتماعي الذي صادف بداية فترة التكيف مع الأزمة الصحية غير المسبوقة، وخلق جواً ممتعاً للأطفال لتعويض خروجهم المعتاد في عطلة نهاية الأسبوع. وطرح الفيلم في خدمة فيديو عند الطلب عوض الأهالي بقضاء وقت ممتع بفيلم جديد مع ذويهم. من ناحية الميزانيات، ربما هذه فرصة لإعادة صياغة تكاليف الأفلام الضخمة وبالأخص التجارية التي طرأت علينا في العقود الأخيرة لتخفيض تكلفة الإنتاج الضخمة وتقنين الأجور بالأخص ميزانيات شركات الإنتاج الكبيرة لدرجة المعقول ليتسنى لهم تعويضه في أي منصة حديثة في حال أي أزمة قد تطرأ عليهم كما حدث الآن».

وتابع: «قد يكون استخدام التكنولوجيا في مختلف المجالات بما فيها السينما، أحد محاسن جائحة كورونا بدفع للناس لاستخدامها بشكل مفاجئ، خاصةً أن هناك تأخيراً بدهياً من المنتج العربي لاستخدام منصات العرض الحديثة قبل فترة كورونا من الأساس، والسوق لدينا يأخذ وقته في تغيير نمطه والتكيف مع فكرة جديدة. ومع ذلك لا شيء يعوض سحر الظلام الذي يلف قاعة السينما قبل خروج الضوء إلى الشاشة لمشاهدة فيلم على شاشة كبيرة».

وأكد المخرج والمنتج علي المرزوقي أن القاعدة الجماهيرية الكبيرة للأفلام العالمية تتحكم في جذب الجمهور، وكذلك الدور التسويقي الذي تقوم به المنصات التي تعرض الفيلم يعادل قدرة الشركات الكبرى لدور العرض بالتسويق، ما يجعل إمكانية تأجير الفيلم عن طريقهم تصبح سهلة.

وقال: «طبيعة المستهلك العربي أو المحلي متاح له خيارات كثيرة، وقد يقوم المنتج الأجنبي أو العالمي بإنتاج عمل سينمائي معين ويحتفظ به بالاستوديو دون نشره، بسبب انتظاره لتاريخ معين للإطلاق الرسمي في دور العرض أو حتى منصات التأجير، بينما يقوم المنتج العربي باستنفاذ أعماله التي ينتجها بعرضها مباشرة ولا يبقي عملاً أنتجه لفترة طويلة بالاستوديو».

صيغة جديدة

من جهة أخرى، رجح عدد من المخرجين أن مسألة الاعتماد على المنصات قد تطول، لا سيما مع امتداد أزمة كورونا التي ليس من المعروف موعد انتهائها تحديداً، وفي ظل زهد الجمهور في الذهاب إلى دور السينما، رغم عودتها الجزئية للترحيب بروادها، حيث قال المخرج هاني الشيباني: «يعتبر تأجير الأفلام وعرضها عبر المنصات حلاً مطروحاً حالياً وخاصة بعد طول فترة الحظر وخاصة للأفلام التي تم تنفيذها بالفعل، وهذه الخطوة محفوفة بالمخاطر لأن نسبة كبيرة من إيرادات الأفلام كانت تعتمد على العرض السينمائي ولاحقاً تسوق عبر المنصات بمبالغ قليلة نسبياً لا تؤمن عودة رأس المال، ومع ذلك تبقى هي الحل الأقرب حالياً».

وأشار إلى أن معظم المنتجين قد توقفوا عن إنتاج أعمالهم إثر أزمة كورونا كما حصل في فيلمه الأخير، بالرغم من بقاء 20 مشهداً فقط، لافتاً بأن المنصات ستكون هي الحل الوحيد إلى أن تنتهي أزمة كورونا، لذلك على صانعي الأفلام الوصول إلى صيغة جديدة مع المنصات خاصةً أن الفيلم يُعرض حصرياً للمرة الأولى، فضلاً عن محدودية السوق بالنسبة للأفلام العربية، وأسعارها عند التسويق عبر المنصات حالياً غير كافية لتغطية تكاليف الإنتاج.

تعويض الميزانية

من جانبه، قال المخرج طلال محمود: «تعتبر المنصات المختصة في عرض الأفلام والمسلسلات هي البديل منذ مدة وقبل انتشار الوباء وكان من المتوقع عزوف البعض عن الذهاب إلى دور العرض وصالات السينما والاكتفاء بالجلوس في المنزل ومشاهدة الأفلام وأراه بشكل عام شيئاً جيداً في الفترة الحالية لكنه لن يدوم بعد الأزمة لأن هنالك فئة عاشقة لصالات السينما».

وعلّل محمود سبب عدم لجوء أي من المنتجين العرب لهذه الفكرة بدلاً من تعليب الأعمال داخل الدولايب، إلى أن البعض لا يجيد تسويق عمله والتعامل مع فيلمه بذكاء، وقال: «شخصياً أقوم حالياً بدراسة تجربة مع صديقي المخرج حسين الأنصاري على مشروع فيلم كامل يتم تصويره لنفس الغرض كتجربة وكنت على قناعة وأرددها بأن لدينا فئة قليلة جداً تستوعب ما يحدث الآن في عالم السينما، كما أن الخوف من القرصنة وانتشار الفيلم بشكل غير رسمي يقلل من الأرباح».

ولفت محمود أن منصات تأجير الأفلام بإمكانها تعويض الميزانية بشكل ما، كما يمكن الاعتماد عليها ما بعد أزمة كورونا خاصةً أن سوق المنصات يتيح للجمهور فرصة المشاهدة في أكثر من مكان وبخيارات متعددة.

الاستغناء عن دور السينما

وقال الممثل والمخرج هاني الغص: «قد يقوم بعض المنتجين بالاستغناء عن العرض بدور السينما اعتماداً على قوة العمل والمنتج واسماء الممثلين واسم المنتج، كما أعتقد أن مسألة الاعتماد على المنصات قد تطول وإن انتهت أزمة كورونا، في ظل الإجراءات الاحترازية التي ما زالت المراكز التجارية تتبعها من خلال دخول عدد معين لقاعات السينما ووضع فواصل بين المقاعد».

وأوضح المخرج أحمد زين أنه من المستحيل أن يستغني المنتجون عن دور السينما لانتشارها في جميع دول العالم ولا ننسَ أن الفيلم يعرض في دور السينما لمدة أسبوعين إلى شهر، والذي يصب في مصلحة المنتج من ناحية تحقيق أرباح كبيرة، ما يجعلها أساس النجاح من كافة النواحي.

اللجوء للمنصات

وأشار المخرج ريان العباس إلى أن أغلب الأعمال السينمائية المتوجهة للمنصات تنقسم إلى 3 أقسام، وهي: أعمال لم تتمكن من الوصول إلى شباك التذاكر لأسباب عديدة، وأعمال قد عُرضت في صالات السينما وتم شراؤها بعد ذلك لصالح هذه المنصات، وأعمال أنتجت من خلال هذه المنصات ودفع فيها ميزانيات عالية للتسويق لإبهار الجمهور بأن هذه المنصات قادرة على المنافسة بشكل قوي.

ولفت إلى أن إمكانية نجاح الفيلم على منصات الإنترنت بتغطية الميزانية يختلف باختلاف الفيلم ونوعه ومدى الطلب عليه وأسماء الممثلين النجوم فيه، مشيراً إلى أن استغناء المنتجين العالميين عن عروض السينما إلى الأبد شبه مستحيل، لأن إيرادات الأفلام في هوليوود وبوليوود وغيرها من السينمات المتطورة تعتبر خيالية وذات مدخول قوي جداً، ولا يمكن مقارنته بأرباح الأفلام على منصات الإنترنت بشكل عام.

وأضاف: «بدأ عدد من المنتجين الإماراتيين والعرب في السنوات الأخيرة تقديم أعمالهم على المنصات لأسباب عديدة منها فائدة مادية أكثر واستقطاب الجمهور المحلي بمشاهدة أفلامنا والتعرف على مدى الجهد الذي نحاول القيام به لكي نرتقي بالسينما المحلية إلى القمة، فقد تم عرض أكثر من 5 أفلام إماراتية على هذه المنصات، مثل: فيلم كبريت، هجولة، بتاع كلو وغيرها من الأعمال المحلية».