يعد فيلم جسر على نهر كواي من أشهر الأفلام الكلاسيكية في تاريخ السينما العالمية، ومن أفضل أفلام الحرب، وهو مبني على وقائع حقيقية، يصور العلاقة الإنسانية بين السجناء، وبينهم وبين سجانيهم، وهو مأخوذ من رواية كتبها بيير بول في عام 1952، وشارك في البطولة ويليام هولدن، وجاك هوكينز، وسيزو هاياكاوا.
وعرض الفيلم في 2 أكتوبر 1957، وبلغت مدة العرض 161 دقيقة، وبينما كلفت ميزانيته 2.8 مليون دولار، وبلغت أرباحه 30.6 مليون دولار، وهو من إخراج ديفيد لين، وبطولة أليك جينيس في واحد من أشهر أدواره.
حاز الفيلم إشادات كبيرة من النقاد، وفاز بسبع جوائز أوسكار في عام 1958، وتم اختياره ضمن سجل الأفلام الوطني في مكتبة الكونغرس الأمريكية. واعتبره المعهد البريطاني للفيلم أحد أعظم الأفلام البريطانية في القرن الـ20.
والحقيقة أن شخصيتي سيسو هاياكواوا أو الكولونيل سيتو وجينيس أو الكولونيل نيكولسون تجسدان شخصيتين حقيقتين هما الرائد ريسابوروسيتو والمقدم توسي على التوالي.
تدور حبكة الفيلم حول سجناء الحرب البريطانيين والأمريكيين الذين يجبرون على بناء جسر سكك حديدية فوق نهر كواي في بورما لصالح اليابانيين، في الحرب العالمية الثانية، وهم لا يعلمون أن قوات الحلفاء تخطط لتدميره.
وعلى عكس الفيلم، فإن الرائد سيتو في الحقيقة كان متفهماً عاقلاً يتفاوض مع السجناء حول عملهم. وكوّن مع المقدم توسي صداقة خلال الحرب.
وبعد أن انتهت الحرب، تحدث توسي نيابة عن سيتو في محاكمة جرائم الحرب وزار سايتو قبر توسي بعد عقد من وفاة الضابط البريطاني في عام 1975.
وفي أحد مشاهد الفيلم، ضرب الياباني هاياكاوا الممثل البريطاني جينيس بقوة لدرجة أنه نزف دماً، واستمر الممثل البارع في تأدية المشهد من دون توقف، وعرض في النسخة النهائية للفيلم.
الفيلم هو الدرامي الأول للمخرج ديفيد لين، ولكنه واجه مشكلات عديدة، منها أن المنتج سام سبيجل دفعه للعمل مع كاتب السيناريو كارل فورمان ولكنهما كانا يكرهان بعضهما، واضطر فورمان في النهاية للانسحاب، وتم استبداله بمايكل ويلسون، رغم أن لين كان الوحيد المسموح له بالكتابة نظراً لأن كلاً من ويلسون وفورمان كانا موضوعين في القائمة السوداء لهوليوود، واضطرا للهرب لبريطانيا لكتابة السيناريو هناك.
وحتى لين والمنتج سبيجل اختلفا بشدة حول ما إذا كان الفيلم سيركز على العداوة بين سيتو ونيكولسون، أو عناصر العمل الأخرى.
الأكثر من ذلك أن نهر كواي لم يكن نهراً بالمعنى المتعارف عليه، لذلك اضطر صناع الفيلم للتصوير في سيلان أو سيريلانكا الآن، وبسبب أزمة حرب السويس، اضطروا لشحن المعدات جواً لا عن طريق البحر.
وأخيراً لكي يمكن ترشيح الفيلم للأوسكار، كان ينبغي الانتهاء من تصويره وعرضه في وقت محدد، لذلك طلبا من الموسيقار مالكلوم أرنولد وضع الموسيقى التصويرية في 10 أيام فقط.
أما الأغنية الشهيرة أو الصافرة التي كان يترنم بها الجنود في الفيلم فهي موسيقى The Colonel Bogey March التي ألفها الرائد ف. ج. ريكيتس في عام 1914، عندما كان في الجيش الملكي البريطاني.
ولأن مستنقعات سريلانكا كانت خطرة للغاية ولا تصلح للتصوير، صنع المخرج مستنقعات بديلة مزيفة، ورغم ذلك كانت الديدان التي ظهرت في المشاهد حقيقية.
الطريف أن العمل في بناء الجسر بدأ قبل اختيار الممثلين، وكان ذلك قراراً صائباً لأن بناء الجسر استغرق 4 أشهر، وهو زمن أطول من الذي استغرقه الجسر الحقيقي الذي بني عليه الفيلم.
وكانت إحدى مشاكل الفيلم هي اختيار الممثل الذي يؤدي دور المقدم نيكولسون، وفي البداية، تم ترشيح لورانس أوليفييه ونويل كوارد، ري مولاند، أنتوني كويل، وجيمس ماسون، كما أعلن عن اختيار الممثل تشارلز لوتون، ولكنه قرر أنه لا يستطيع في ظل الحرارة المرتفعة وانسحب من العمل.
وحتى جينيس رفض الدور في البداية، وقال إنه لا يتخيل أن أحداً من المشاهدين يريد أن يتابع ضابطاً بريطانياً لمدة ساعتين ونصف، واختلف جينيس المعروف بأدواره الكوميدية مع المخرج لين لأنه كان يريد أن يضفي مسحة من الكوميديا على أداء الشخصية، ولكن المخرج رفض.
واستعان المخرج بزوجة جينيس وابنه لإقناعه بوجهة نظره، بعد أن عرض عليهما اللقطات التمهيدية التي أعجبتهما فضغطا عليه ووافق أخيراً على الامتثال لتوجيهات المخرج.
ولم يرَ البطل لقطات تفجير الجسر أثناء تنفيذه لأنه كان قد غادر موقع التصوير عائداً إلى بريطانيا، بعد أن أنهى مشاهده.