الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

Taxi Driver.. طارد الأرواح الشريرة يخفق في حصد الأوسكار وتخلده مكتبة الكونغرس

Taxi Driver.. طارد الأرواح الشريرة يخفق في حصد الأوسكار وتخلده مكتبة الكونغرس

أصبح سائق التاكسي فيلمTaxi Driver الذي أخرجه مارتن سكورسيزي في عام 1976 بطاقة تعريف مهمة بالنجمة جودي فوستر التي مثلته وعمرها 12 عاماً فقط، وأحد أهم علامات السينما العالمية، رغم أنه لم يفز بأية جائزة أوسكار!

ورغم أن الفيلم الذي وصفه مؤلفه بأنه كان بمثابة طارد للأرواح الشريرة بداخله، فاز بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي عام 1977، إلا أنه لم يفز بأية جائزة أوسكار رغم ترشحه لأربع جوائز من بينها أفضل فيلم وأفضل ممثل في دور رئيس «دي نيرو» وأفضل ممثلة مساعدة «جودي فوستر».

ولا يقلل ذلك من مكانة الفيلم الذي تم حفظه في مكتبة الكونغرس الأمريكية، باعتباره أثراً «حضارياً وتاريخياً أو جمالياً».



ثورة على الفساد

ويحكي الفيلم قصة جندي سابق في البحرية خلال حرب فيتنام، غير مستقر نفسياً، ويعمل سائق تاكسي ليلاً في نيويورك ويجسده النجم روبرت دي نيرو.

يروع سائق التاكسي مظاهر الفساد والانحلال المتفشية في المدينة، ويقرر أن ينقيها من ذلك الفساد الذي انتشر فيها. وتنتابه ثورة غاضبة وهو يحاول أن يحرر موظفاً وقاصراً «جودي فوستر»، ويتخلص من هؤلاء الفاسدين جميعاً على طريقته.

ولاقى الفيلم وقتها انتقاد بعض النقاد لأنه يحتوي على مشاهد عنف كثيرة وكمية من الدماء المراقة، فاضطر المخرج سكورسيزي لإعادة تلوين مشاهد الدماء، بحيث تظهر الدماء بشكل باهت وغير واضح.

ومع الوقت ضاعت المشاهد الأصلية بلون الدم الحقيقي، وبقي الدم الملون المزيف!





الأكثر من ذلك أن البطلة جودي فوستر التي كان عمرها 12 عاماً، تم عرضها على طبيب نفسي لاختبار مدى توازنها النفسي وثباتها الانفعالي وهي تشارك في مشاهد القتل والعنف، لضمان عدم إصابتها بصدمة نفسية.

كما كانت تصاحب فوستر في التصوير اختصاصية اجتماعية، وشاركت أختها الأكبر منها كدوبلير في بعض المشاهد، وأتقنت هي دور إريس بعد أن رتب لها المخرج لقاء مع بائعة هوى صغيرة السن.





ولعيون بطلة الفيلم، ولكي يلفت انتباهها، أقدم جون هينكلي جونيور، على محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي رونالد ريغان عام 1981.

واعترف هنكلي في المحاكمة أنه نفذ العمل المجنون لكي يثير انتباه وإعجاب جودي فوستر، واستدعى مكتب التحقيقات الفيدرالية السيناريست بول شريدر وحقق معه للتأكد من عدم وجود صلة له بمحاولة الاغتيال.



والحقيقة أن السيناريست بول شريدر كتب الفيلم كسيرة ذاتية له، بعد أن طلق زوجته وانفصل عن حبيبته، وظل يعيش معظم وقته في سيارته، انتابه شعور بالانتحار أكثر من مرة، ولم يتعامل مع أحد لعدة أسابيع.

وقال في تصريح له عام 2013 إن سائق التاكسي كان بمثابة «طرد للأرواح الشريرة» من داخله عبر الفن، ونجح في ذلك.



تبدل مواقف

أما المخرج مارتين سكورسيز فقد رأى السيناريو في عام 1972، وأعجب به، ولكن لم يكن لديه القدرة أو النفوذ لكي يقنع شركة إنتاج بإخراجه، علاوة على أن البطل المرشح وقتها روبرت دي نيرو كان مغموراً في بداية حياته.

وتبدلت الأحوال، عندما نال دي نيرو وسكورسيز إشادة النقاد عن فيلم Mean Streets أو الشوارع الخلفية، كما اقتنص دي نيرو جائزة الأوسكار عن دوره في الجزء الثاني من فيلم «الأب الروحي»، عندها وافقت شركة كولومبيا على إنتاج الفيلم وإسناده للثنائي الكبير، رغم أن الدور عرض في البداية على كل من جيف بريجز، ونيل دياموند.





وعندما أعطت الشركة الضوء الأخضر للفيلم، كان دي نيرو في إيطاليا يصور أحد الأفلام، فحصل على إجازة من التصوير وعاد إلى مانهاتن وأخذ يعمل كسائق تاكسي في العطلات الأسبوعية حتى يتقن الدور، ثم عاد لإيطاليا لاستئناف تصوير فيلمه الآخر.

الطريف أن أحد الركاب تعرف على دي نيرو أثناء قيادته التاكسي في تلك الفترة، وأعرب عن أسفه لأن ممثلاً حائزاً الأوسكار «الأب الروحي» يضطر للعمل كسائق تاكسي لإعالة نفسه!

وشارك المخرج سكورسيز في الفيلم كواحد من ركاب التاكسي، يهدد بقتل زوجته «النكدية» بعد أن اعتذر الممثل الأصلي إثر إصابته بحادث مفاجئ.

واستلهم دي نيرو واحداً من أهم مشاهد الفيلم وهو يحدث نفسه في مرآة التاكسي من عازف ساكسفون كان يدربه وأخبره أن رئيسه يحدث نفسه في المرآة كجزء من طقوسه قبل الصعود على المسرح.



أما تسريحة شعر «موهوك» التي اتخذها سائق التاكسي ترافيس فقد استوحاها من الجنود الأمريكيين في حرب فيتنام الذين كانوا يقصونها عندما يكلفون بمهمة صعبة، وكان العرف السائد هو تجنب أي جندي بهذه التسريحة لأنه يكون مهيأ نفسياً للقتل.

وربما لا يعرف أحد أن المخرج ستيفن سبيلبرج ساعد زميله سكورسيزي في المشهد الأخير للفيلم.

واستوحى المؤلف خاتمة الفيلم، عندما أصبح ترافيس بطلاً إعلامياً، من مصير لينيت «سكويكي» فروم، الذي خطط لاغتيال الرئيس جيرالد فورد، ونتيجة لذلك، ظهر على غلاف مجلة نيوزويك، ولم يكن يعرف أنه سيكون مصدر إلهام آخر لمجرم حاول اغتيال رئيس آخر هو ريغان.



المفارقة أن مؤلف الموسيقى التصويرية برنارد هيرمان هو واضع موسيقى الفيلمين الشهيرين «المواطن كين» وPsycho، ووضع موسيقى الفيلم في يومين، وكأنه كان يسابق الأقدار، لأنه مات بعدها بساعات قليلة.

وعلاوة على القيمة المعنوية للفيلم، فقد حقق أرباحاً طائلة، إذ تكلف 1.3 مليون دولار بينما حقق إيرادات وصلت إلى 28.3 مليون دولار من شباك التذاكر في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها.