السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

«جرينلاند».. لا يفل الكوفيد سوى ضربة نيزك!

مثل كثير من الأفلام التي أنتجت خلال هذا العام تعرَّض «جرينلاند» لتأجيل أكثر من مرة، قبل أن يتقرر عرضه أخيراً على بعض القنوات المدفوعة مقدماً في الولايات المتحدة، وفي دور العرض العامة في العديد من الدول، منها الإمارات ومصر وبلجيكا وفرنسا وغيرها، ليحقق إيرادات كبيرة، ومفاجئة أيضاً، بالنسبة للظروف العامة ولعمل من نوعية أفلام الكوارث.. كأن الناس لا يكفيها الكوارث التي تحيط بهم منذ بداية العام!





حلم النجاة

يدور فيلم «جرينلاند»، من إخراج ريك رومان ووف، وبطولة جيرارد باتلر، مورينا باكارين وروجر دال فلويد، حول مذنب اسمه «كلارك» يضرب الأرض، ويدمر معظمها.

الفكرة مرعبة، ولكن هوليوود تطمئننا دائماً أن الرجال الشجعان الأقوياء سيستطيعون حماية زوجاتهم وأطفالهم والنجاة بهم من مثل هذه الكوارث.

وهذا هو ما يفعله بطل الفيلم جون جاريتي، المهندس المعماري النابغ، الذي تختاره الحكومة «السرية» للولايات المتحدة ليكون ضمن «المختارين» القلائل، الذين يتم نقلهم من ضربات المذنب في مخابئ معدة تحت الأرض. يترك جون جاريتي جيرانه وأصدقاءه تعساء الحظ الذين لم يتم اختيارهم، ويتوجه مع زوجته وابنه، الذي يعاني مرض السكري إلى أحد معسكرات القوات المسلحة التي تقوم بنقل المختارين إلى المخابئ. وهناك تتوالى سلسلة من الأحداث الصغيرة، تبدأ بفقد أدوية الابن، ثم رفض المسؤولين قبول الابن عندما يعلمون أنه مريض، ويضيع الثلاثة، الأب والأم والطفل، كل منهم في طريق، حيث يتعرضون للاعتداءات من قبل الذين لم يتم اختيارهم، ثم يلتقون، ليبدأ جزء آخر من الفيلم في محاولة الوصول إلى «جرينلاند»، الموقع الذي يحتوي على المخبأ السري، حلم النجاة من نهاية العالم.

ينقسم الفيلم إلى جزأين، الأول يتمحور حول ضياع أفراد الأسرة من بعضهم البعض، ومحاولاتهم التي تبدو مستحيلة للاجتماع مجدداً، وهذا الجزء مكتوب ومنفذ ببراعة، وهو مقنع إلى حد كبير ومؤثر.

أما الجزء الثاني فيصور رحلة العائلة بالسيارة، ثم بالطائرة، من أمريكا إلى كندا ومن كندا لـ«جرينلاند» وسط الفوضى والجنون، الذي يصيب الناس، وضربات النيزك التي لا تتوقف، والتي تصل أحياناً تحت أقدام جاريتي وأسرته، ولكنها لا تصيبهم. الجزء الثاني أشبه بفيلم مستقل، مختلف، من نوعية الأكشن والخيال العلمي الذي يعتمد على المؤثرات الخاصة، وهو يفتقد تشويق وسخونة الجزء الأول، وغير مقنع، بالرغم من كل مشاهد الدمار والهروب عند آخر ثانية



الأب المنقذ

جيرارد باتلر، الشهير بدور المحارب الإغريقي في فيلم «300»، يتمتع بحضور قوي يشيع إحساساً بالاطمئنان والحماية، وهو يؤدي دور الأب المنقذ ببساطة وثقة، لكن البرازيلية مورينا باكارين في دور الأم باهتة وخافتة الحضور تقريباً، حتى الصراخ والبكاء لا تجيده، بينما يجيد روجر دال شخصية الصبي المريض الذي يحتاج إلى الرعاية بشكل يثير التعاطف.

المخرج ريك رومان ووف، صاحب سلسلة الأكشن Fallen، التي تضم أفلام «سقوط أوليمبوس» و«سقوط لندن»، و«سقوط ملاك»، و«في الطريق سقوط السماء»، متخصص في هذا النوع من الأكشن «الخيالي»، ولكن المدهش في "جرينلاند" أن الدراما أقوى من الأكشن، وإيقاع الفيلم يهبط عندما يحاول ووف استعراض عضلاته في الأكشن فقط!

النجاح الذي يحققه «جرينلاند» مدهش بالنسبة لنوعية الفيلم «التجارية» وقصته «الكارثية»، وهذا النجاح يجدد السؤال القديم حول ذائقة الجمهور، وهل ينجذب إلى الأعمال التي تذكره بمشاكل الواقع؟ أم يفضل الأعمال التي تدفعه لنسيان هذا الواقع؟

في ظل أزمة «كوفيد-19» التي طالت، يبدو أن الغالبية فقدت اهتمامها بمتابعة غزوات الفيروس اللعين وبطولات الأطباء والعلماء الذين يحاولون القضاء عليه، وهم يرغبون بالفعل في نوع من «تشتيت الانتباه» إلى شيء آخر، مصيبة أخرى حبذا لو كانت بعيدة الاحتمال، وبشرط أن تكون النهاية سعيدة ومتفائلة، تشيع الأمل داخل النفوس بأن كل شيء سيصبح على ما يرام.

وهذا بالضبط ما ينجح في تحقيقه «جرينلاند»، فهو يصور الأهوال التي قد يتسبب فيها مجرد «نيزك» ضال يضرب الأرض، والرعب والبربرية وفقدان الأخلاق والصراع الدموي الذي يمكن أن يصيب الناس جراء ذلك، ولكنه يقدم كل ذلك بخفة، ونعومة، إذا جاز التعبير، حتى لا يفزع مشاهد يأتي إلى دار العرض وهو مصاب بالفزع بالفعل!