الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

«إنهم يقتلون الجياد أليس كذلك؟».. معاناة البسطاء وجبة ترفيهية للأغنياء

«إنهم يقتلون الجياد أليس كذلك؟».. معاناة البسطاء وجبة ترفيهية للأغنياء

تكمن قيمة فيلم They Shoot Horses, Don't They? أو إنهم يقتلون الجياد أليس كذلك؟ في أنه يظل صالحاً للتطبيق وكأنه يتكرر في كل عقد أو عام، أو يحدث الآن، رغم أنه عرض في عام 1969، ويتعرض لحقبة الانهيار الاقتصادي الذي ضرب أمريكا في العقد الثالث من القرن الماضي.



فيلم للعبقري سيدني بولاك يفضح قسوة الرأسمالية وتوحشها وتلاعبها بأحلام البشر وسحقها لإنسانيتهم من قلب ومنبع ذلك النظام غير الآدمي.



الفيلم لعبت بطولته جين فوندا مع مايكل سارازين، سوزانا يورك، جيج يونج، بوني بيدليا، وريد بوتونز، واقتبسها السيناريست جيمس بو من قصة للمؤلف هوراس ماكوي.





وتدور الأحداث حول مسابقة للرقص وماراثون للركض ينال الفائز به جائزة هائلة تقدر بـ (1500) دولار، وهذا مبلغ خرافي في تلك الحقبة الزمنية في الثلاثينيات من القرن الماضي، ويحصل عليه من يستمر في الرقص حتى النهاية أو يجتاز خطوط النهاية للماراثون!!



ويدفع الفقر والجوع الآلاف للمشاركة في المسابقتين، وتحمل الإذلال والمهانة للفوز بالجائزة التي ستغير حياتهم للأبد وللأفضل وتخلصهم من شبح المعاناة المستدامة، ولا يدرون أنهم بمثابة وجبة ترفيهية للطبقة الارستقراطية الثرية خلال تناولهم هانئين سعداء مرتاحين، طعام العشاء في قاعة ضخمة اسمها «لا مونيكا» في لوس أنغلوس.

يشارك في المسابقة المجنونة أطياف من البشر يجمعهم اليأس والإحباط والأمل في معجزة تصحح مسار حياتهم، من بينهم اليائسة غلوريا «جين فوندا»، والممثلة الطموحة «سوزانا يورك»، والبحار العائد من الحرب «ريد بوتونز»، والفلاح البسيط «بروس ديرن» وزوجته الحامل «بوني بيدليا»، والمتسابق الذي اشترك بالصدفة روبرت ويحلم أن يكون مخرجاً «مايكل سارازين».



كل واحد من هؤلاء وغيرهم كان له حلمه الخاص، ودافعه للمجازفة بالمشاركة في المسابقة التي استمرت 40 يوماً متواصلة من الرقص التي يتخللها فترة راحة 10 دقائق كل ساعتين.

وكما في حلبة الملاكمة، يتم العد على من يسقط على الأرض إعياء، ويستبعد بلا رحمة من المسابقة رغم كل التوسلات. ومع تساقط الأبرياء المخدوعين، وموت بعضهم تزيد سعادة وبهجة الأغنياء المتفرجين على مهانة الفقراء.



ويقترح منظمو المسابقة على روبرت وغلوريا الزواج مقابل رفع المكافأة ونيل الهدايا الإضافية، فتشعر بالمهانة، لتفاجأ في النهاية بأنها حصدت السراب لأن كل ما حصلت عليه تم خصم النفقات منه ولا يتبقى منه شيء، لتدرك غلوريا أنها كانت واهمة، وتطلب من رفيقها روبرت أن يطلق النيران عليها كما يحدث مع الخيول بعد أن تكبر وتشيخ.

الجدير بالذكر أن البطلة جين فوندا رفضت المشاركة في الفيلم في البداية، ولكن زوجها المخرج روجيه فاديم أقنعها بعد جهد بقبول الدور الذي أصبح من أهم أدوارها في تاريخها السينمائي الحافل، وفازت عنه بجائزة نقاد نيويورك.



حقق الفيلم نجاحاً نقدياً وجماهيرياً كبيراً وما زال يعتبر من أهم أفلام الفن السابع عبر التاريخ، وأثار ضجة هائلة لدى عرضه في مهرجان كان 1970.

وحصد الفيلم 12.6 مليون دولار رغم أن ميزانيته لم تتجاوز 4.86 مليون دولار، كما نال 9 ترشيحات للأوسكار بما فيها أفضل مخرج وأفضل ممثلة، وأفضل ممثلة مساعدة، وأفضل سيناريو، وأفضل ممثل مساعد، محققاً رقماً قياسياً كأكثر الأفلام ترشيحاً للأوسكار، فيما عدا أفضل تصوير.



الغريب أن حلم الفوز بالمسابقات وتغيير الواقع المزري بحدوث معجزات في زمن اللامعجزات، ما زال يحدث حتى الآن، وهو ما يجعل الفيلم تعبيراً درامياً عن المعذبين في الأرض الذين يتساقطون ويطلقون عليهم الرصاص مثل «خيل الحكومة» التي انتهى عمرها الافتراضي.