الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

Run.. صراع نفسي بين الأم والابنة على طريقة هيتشكوك

Run.. صراع نفسي بين الأم والابنة على طريقة هيتشكوك

يسير فيلم Run أو الهروب الذي بدأ عرضه في 20 نوفمبر الجاري، على خطى رائد الرعب السينمائي هيتشكوك، في دراما أنيقة ولكنها مثيرة ومخيفة وكأنها تسير على حد السيف، في صراع نفسي بين الأم والابنة، فلا تدري هل الجاني ضحية؟ وهل يمكن أن تتعاطف معه؟

ويقطع الفيلم عهداً لمشاهديه أنهم لن يبرحوا مقاعدهم في دور السينما أو أمام المنصات الرقمية طيلة 90 دقيقة هي عمر الفيلم، والفضل يعود للسيناريو المحكم والأداء الرائع للنجمة سارا بولسون.





يذكرنا الفيلم بالدراما النفسية المرعبة لهيتشكوك مع التركيز على القدرات المخيفة للبطلة بولسون التي بدت في قمة تألقها الدرامي، وجعلتنا نحبس أنفاسنا ترقباً ورهبة في العديد من المشاهد وهي تلعب دور الأم «ديان شيرمان».

وتقف كيرا آلان بثبات تحسد عليه أمام بولسون بما تمتلكه من مزيج فريد يجمع ضراوة وتسلط الأمهات، وجموح العيون وقسوة النظرات.

في الفيلم نتعرف على طالبة الثانوي كلوي «ألين» التي تعيش حياة منعزلة تحت عيون أمها ورقابتها غير المباشرة، التي تتأكد من أن كل رغبات ابنتها تمت تلبيتها.

وبطموح ومثابرة، تنتظر كلوي بفارغ الصبر رسالة القبول من «جامعة واشنطن»، لأنها ترى أنها ليست فقط مجرد فرصة للخروج من روتينها اليومي الرتيب، بل وأيضاً سطوة ورقابة الأم.

بالمقابل، ترى الأم أن حياتها مهددة باحتمال فقدان طفلتها، وتقرر أن مستقبل كلوي الوحيد معها، لذلك لا تتورع عن عمل أي شيء لكي تضمن عدم مغادرة كلوي العش.



ويعيش المتفرج في حيرة بين السخط على الأم بتسلطها وجبروتها وأسرارها الدفينة المريبة، وبين التعاطف معها وهي تعاني من يأسها المطلق وترى أن ما استثمرته في ابنتها يوشك أن تفقده بابتعادها عنها، ليضيع منها أغلى ممتلكاتها في الحياة.

وللأسف الشديد فإن تلك الفتاة «حبيبة أمها» لا تحتاج الحماية من الخارج، لأن أعظم تهديد لها وخطراً يهدد حياتها ينبع من المرأة التي أقسمت مراراً ألا تؤذيها أبداً.

والعجيب أن معجبي سارة بولسون يكتشفون فيها أبعاداً أخرى رائعة، رغم شخصيتها غير المحبوبة، والتي ربما تثير بعض التعاطف بدافع الشفقة ليس أكثر، ولكن ليس إلى درجة الغفران رغم عيونها الحزينة أحياناً التي تذرف دموع التماسيح، وتلونها مثل الحرباء.

تبرع بولسون وهي تكسب الشر أبعاداً إنسانية، وتقنعنا أنه ليس كل إنسان شرّاً محضاً أو خيراً محضاً، ولكن درجات بينهما، وظلال تتكاتف لترسم الشخصية المعقدة.

ولكن من الصعب هنا التعاطف مع مشاعر الأم التي فقدت طفلها في ولادة مبكرة، وتشعر بمتلازمة العش الفارغ والوحدة القاتلة.



على الناحية الأخرى، تبدو كلوي على النقيض، وكأنها بطلة تتمتع بالجرأة والثقة رغم حالتها، وهي لا تدرك أنها عاشت حياتها أسيرة، حتى بدأت رحلة الخروج التي كشفت لها كل الأسرار التي حاولت أمها، أو من تدعي ذلك، طمسها.

تحاول الابنة شيئاً فشيئاً انتزاع حريتها واستقلاليتها رغم أنها تخوض معركة ضروساً في كل مرة لكي تكسب أرضاً جديدة في صراعها ضد أمها ديان التي تحاول أن تلعب دور الضحية والأم التي تراعي ابنتها الوحيدة المصابة بالسكري.

الفيلم يتأرجح بنا بين الرعب والجو الأسري، بين التعاطف مع المجرم، والتعاطف مع الضحية، بين الإدانة والعفو.