الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

«ستموت في العشرين».. دراما تعزز حضور السينما السودانية دولياً

«ستموت في العشرين».. دراما تعزز حضور السينما السودانية دولياً

مشهد من فيلم ستموت في العشرين

يجسد فيلم «ستموت في العشرين»، وهو أول عمل درامي سوداني يُعرض على منصة «نتفليكس» وأول إنتاج سوداني يُرشح إلى جوائز الأوسكار، إلى جانب أعمال أخرى، قفزة نوعية في السينما السودانية تتزامن مع التحول السياسي الحاصل في البلاد.

ويقول المصري حسام علوان، منتج أول فيلم روائي في السودان منذ 20 سنة: إن ترشيح الفيلم إلى جائزة أوسكار لأفضل فيلم أجنبي وعرضه على «نتفليكس» "يعززان حضور السينما السودانية دولياً.

وتدور أحداث الفيلم الذي أخرجه أمجد أبو العلاء حول شاب تقول نبوءة من أحد الدراويش الصوفيين إنه سيموت حينما يكمل 20 عاماً، فيقضي أيامه في قلق وترقب حتى يحدث ما يغير حياته تماما، إذ يلتقي مع مخرج مغامر في قريته يستعرض معه تجاربه في الحياة.

ووقّعت الشركة المنتجة للعمل أخيراً عقداً مع شركة التوزيع السينمائي الأمريكية «فيلم موفمنت» لتوزيع الفيلم وعرضه في أمريكا الشمالية.

ونال الفيلم في 2019، جائزة «أسد المستقبل» من مهرجان البندقية السينمائي الدولي، وجائزة «نجمة مهرجان الجونة الذهبية» لمسابقة الأفلام الروائية الطويلة في مصر، وجائزة «التانيت الذهبي» من مهرجان أيام قرطاج السينمائية في تونس.

وتوقف النقاد خلال العام الفائت أمام عدد من الأفلام السودانية التي شقت طريقها إلى مهرجانات عربية ودولية.

ويقول الممثل والفنان التشكيلي السوداني عادل كبيدة "الفن كان جزءاً من الحراك الثوري ومهّد له."

ويقول المخرج أمجد أبوالعلاء "انطلقنا في العمل (في الفيلم) ونحن ندرك حاجة مجتمعنا إلى أحلامنا ونتصرف بدون الشعور بعقَد فقدان الثقة والإحباط التي عانت منها الأجيال التي سبقتنا."





انقلاب أبيض

ويشير مدير مؤسسة «فيلم فاكتوري» الممثل طلال عفيفي الى أن الحكومات التابعة لنظام البشير منذ العام 1989 "أجهضت كل مبادرات الثقافة والفنون، وعمدت الى مناهضة قيم التنوع وحرية الرأي، عبر سعيها لتبني ما زعمت أنها سياسات الأسلمة والتعريب."

ويلاحظ عفيفي أن مضمون الأفلام التي برزت أخيراً "كان يسعى لتأكيد مقاومته لكل الخطابات التي دعمها النظام."

ويوضح أن صعود هذا النوع من الأفلام بدأ قبل الحراك. "فبعد ظهور الصيغة الرقمية، حدث ما يشبه (الانقلاب الأبيض) وتم اختراق هذه السياسات ومعها الأحزمة الأمنية والقانونية التي حرّمت الفن".

وتسعى مؤسسة «سودان فيلم فاكتوري» التي تأسست في الخرطوم في 2010، لتعزيز صناعة الأفلام المستقلة في السودان وتشجيع أجيال جديدة على الاهتمام بالسينما، وتحصل على بعض الدعم من مؤسسات دولية.

ونفذت المؤسسة أكثر من ثلاثين ورشة تدريب في السيناريو والتصوير والإخراج والمونتاج والأزياء، وأنتجت أكثر من 60 فيلماً روائياً ووثائقياً وتجريبية قصيرة شارك كثير منها في مهرجانات عديدة حول العالم، في البرازيل وهولندا وكوريا الجنوبية واليابان وجنوب إفريقيا ومصر ونيجيريا.

ويقول عفيفي "ما حدث في سينما السودان من طفرات، ليس وليد الثورة وحدها وإنما هو نتيجة لعمل دؤوب بدأ قبل اقتلاع حكم عمر البشير بسنوات."





عام السينما السودانية

وترى الناقدة المصرية رشا حسني أن 2019 كان "عاما للسينما السودانية بامتياز."

فقد حظي مثلاً فيلم «حديث عن الأشجار» للمخرج صهيب الباري، بجائزة أفضل فيلم وثائقي باختيار الجمهور، في مهرجان برلين السينمائي الدولي 2019.

ويتتبع جهود «نادي الفيلم السوداني» التي يقوم بها المخرجون المتقاعدون إبراهيم شداد ومنار الحلو وسليمان محمد إبراهيم والطيب مهدي، لإعادة فتح دار سينما خارجية في مدينة أم درمان لإعادة الجمهور إلى السينما.

وحظي فيلم «الخرطوم أوفسايد» للمخرجة مروة زين باهتمام نقدي لافت.

ويتحدث العمل عن مقاومة النساء لقرار رسمي بحظر مشاركتهن في مباريات كرة القدم. وفاز بجوائز أبرزُها جائزة أفضل فيلم وثائقي في حفل توزيع جوائز الأكاديمية الإفريقية للأفلام الـ15، وجائزة في مهرجان أيام قرطاج السينمائية.

ويلاحظ أبو العلاء أن معظم صناع الأفلام السودانية التي نالت تقديرا دوليا، عاشوا خارج السودان لفترات طويلة.

ويقول "نحن أبناء الشتات، لذلك جاءت معالجتنا لقضايا السودان من عين ناقدة وواثقة."

قفزة في الهواء

ويعمل أبوالعلاء في دبي حيث يقيم منذ طفولته. أما مروة زين فتعيش بين القاهرة والخرطوم وكذلك صهيب.

لكن أبوالعلاء يخشى أن يكون صعود السينما السودانية "مجرد قفزة في الهواء، لأنه تم بمجهود ذاتي، وبدون أي دعم رسمي أو بنية تحتية مؤهلة."

ويشدد على أن نمو صناعة السينما السودانية في المستقبل يحتاج الى دعم من الدولة. لكنه يستدرك "في الوقت الحالي لا تبدو الأوضاع مهيأة لذلك، فمن الظلم أن نطالب النظام الجديد بتحمل هذا العبء في ظل اقتصاد منهار."

ويشدد علوان من جهته على حاجة السينما السودانية لدعم من النظام السياسي الجديد سواء على صعيد التشريعات أو تيسير البنية التحتية، مبدياً تخوفه من عدم ذهابها بعيداً في حال عدم حصولها على هذا الدعم، إذ "إن لهفة مهرجانات العالم على عرض أفلام سودانية لن تبقى إلى الأبد."