الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

The Little Things.. الشيطان يكمن في التفاصيل

The Little Things.. الشيطان يكمن في التفاصيل

في وقت هربت فيه معظم الأفلام الجيدة إلى المنصات والقنوات الخاصة. يأتي فيلم الأشياء الصغيرة «The little Things» كواحد من أفضل الأفلام التي تشهدها دور العرض السينمائية حالياً. صحيح أنه ليس من نوعية الأفلام التي يمكن أن تنافس على الأوسكار، بالرغم من مشاركة 3 من الحاصلين على الأوسكار في بطولته، ولكنه من تلك النوعية القليلة التي تعجب الجمهور العادي، وعشاق السينما المتخصصين معاً.

الفيلم من إخراج وتأليف وإنتاج جون لي هانكوك. صاحب العديد من الأفلام الجماهيرية الناجحة وبطولة دينزل واشنطون، ورامي مالك، وجاريد ليتو الذين يدخلون مباراة تمثيلية رائعة تذكر بفيلم «سبعة» وأبطاله: براد بيت ومورجان فريمان وكيفين سبيسي.





التشابهات بين «الأشياء الصغيرة» و«سبعة» تمتد إلى عناصر أخرى على رأسها الحبكة الرئيسية للفيلم، والمزاج العدمي القاتم، وحتى الأحداث تدور في بداية التسعينيات من القرن الماضي، قبل زمن الهاتف الجوال والإنترنت، ويقال إن الفيلم كان مشروعاً قديماً مؤجلاً يعود إلى أوائل التسعينيات، غير أن صاحبه لم يجد الدعم الكافي لإنتاجه وقتها.





في 2021 يبدو «الأشياء الصغيرة» بالفعل قديماً بعض الشيء، كما يبدو زمن عرضه الذي يتجاوز الساعتين طويلاً بعض الشيء، إذ يعاني نصفه الأول بطئاً غير مبرر، وإن كان نصفه الثاني الذي يتسم بالتشويق والسرعة وصولاً إلى ذروته المدهشة والمفاجئة يعوض البطء والتكرار اللذين يعاني منهما النصف الأول.

يدور الفيلم حول محقق الشرطة جو ديكون، الذي يعمل في قسم شرطة صغير بمقاطعة صغيرة، يعهد إليه بالذهاب إلى لوس أنجلوس، للحصول على أدلة اتهام في إحدى القضايا، وهناك نكتشف أن الكل يعرفه، وأنه كان كبير المحققين في شرطة لوس أنجلوس، قبل أن يتم نقله وحرمانه من ترقياته منذ 5 سنوات، لكن رئيس التحقيقات الحالي جيمي باكستر (رامي مالك)، الشاب الوسيم الذي يعشق الأضواء، يطلب من ديكون أن يساعده على حل لغز جرائم القتل المتتالية، التي يرتكبها سفاح مريض نفسياً ضد النساء.



وبمرور الوقت تتكشف أشياء من ماضي ديكون لها علاقة بالجرائم الحالية، وروابط بين الجرائم الحالية وجرائم مماثلة كان يحقق فيها قبل أن ينقلب الحظ عليه، فيتعثر في عمله، ويخسر زوجته وطفلتيه بسبب الطلاق، ويجري عدداً من جراحات القلب.

تتوطد العلاقة بين المحققين ديكون وباكستر، خاصة حين يدرك الثاني أن طرق ديكون «الغريبة» والقديمة في التحقيق تسهم في الوصول إلى عدد من الخيوط المهمة التي تقود إلى اعتقال أحد المشتبهين، وهو عامل إصلاح الأجهزة الكهربائية ألبرت سبارما (جاريد ليتو)، غريب الأطوار، والمريض نفسياً، والهادئ إلى درجة البرود، الذي يثير الرعب في كل من حوله، والمرح بقسوة في أداء يذكر بـ«جوكر» باتمان، التي أداها جاريد بالفعل في فيلم «الفرقة الانتحارية» Suicide Squad منذ عدة سنوات، ولكن بطريقة مختلفة أكثر جنوناً وخفة من دوره هنا.





رعب سباراما

على الرغم من سحر وجاذبية دينزل واشنطون وبراعة أداء رامي مالك، فإن جاريد هو من يستحوذ على الشاشة بمجرد ظهوره، مثلما يفعل كيفين سبيسي في «سبعة»، وأنطوني هوبكنز في «صمت الحملان»، وبالتأكيد ستضاف شخصية سبارما في هذا الفيلم إلى قائمة أكثر أشرار السينما رعباً!

الماضي يؤدي للمستقبل والمستقبل يؤدي للماضي، هكذا يقول ديكون الذي تلاحقه أشباح الماضي لباكستر، الذي تلاحقه أشباح المستقبل القادمة من ماضي ديكون. و«الأشياء الصغيرة هي التي تمزقك»، هكذا ينصحه أكثر من مرة، أو بمعنى آخر: «الشيطان يكمن في التفاصيل»، ويرتبط المعنيان وصولاً إلى النهاية الصادمة التي تفقد فيها الحقائق والتكهنات معناها.





حبكة نمطية

وخلافاً للحبكة النمطية والتشابهات التي لا يمكن تجاهلها بين «الأشياء الصغيرة» وأعمال أخرى مثل «الوعد» (من إخراج شون بين وبطولة جاك نيكلسون، 2001) أو الفيلم الهولندي الشهير «اختفاء» (إخراج جورج سلويزر، 1988) الذي أعيد إنتاجه في فيلم أمريكي بنفس المخرج من بطولة جيف بريدجيز في العام 1993، فإن «الأشياء الصغيرة» فيلم يستحق المشاهدة بفضل أداء أبطاله الموهوبين وتصويره الأخاذ، وموسيقاه المؤثرة وأسلوب إخراجه المتميز بشكل عام، خاصة قدرة هانكوك على تقديم مشاهد الرعب والجثث التي يتم التمثيل بها بقدر محسوب بدقة بحيث يؤثر من دون ابتذال أو فجاجة.