السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

«المشاهير المزيفون».. محتالو السوشيال ميديا أكثر مما نتصور

«المشاهير المزيفون».. محتالو السوشيال ميديا أكثر مما نتصور

في ولاية لوس أنجلوس، حائط وردي اللون في الطريق العام، حديث البناء ليس له تاريخ أو رمز من أي نوع، تحول إلى قبلة السائحين من الولايات المتحدة وأنحاء العالم، كل هدفهم هو التقاط الصور أمامه، ورفعها على إنستغرام.



هكذا يبدأ الفيلم الوثائقي «مشاهير مزيفون» Fake Famous من إنتاج تلفزيون HBO، وإخراج وكتابة نيك بيلتون، الذي عمل مراسلاً للعديد من الصحف والمحطات التلفزيونية يغطي أخبار مواقع التواصل الاجتماعي، ويدافع عنها، قبل أن يكتشف المخاطر والآثار السلبية الجسيمة التي تهدد الملايين من مستخدميها، إضافة إلى انتشار النصب والاحتيال والتربح عن غير وجه حق، على حساب دولارات وسنتات الملايين من مستخدمي الإنترنت بشكل عام.



أرقام مخيفة تلك التي يذكرها بيلتون في بداية فيلمه: «هل تعلم أن هناك أكثر من 40 مليون شخص في العالم يحظى كل منهم بمتابعين على إنستغرام يزيدون على مليون؟».

وهل تعلم أن هناك أكثر من 100 مليون شخص لدى كل منهم أكثر من 100 ألف متابع؟ أي أن العالم به 140 مليون مشهور، معظمهم لم يحقق هذه الشهرة بسبب مهارته في مهنة ما أو رياضة أو فن، ولكن لأنهم فقط يلتقطون الصور لأنفسهم ويرفعونها على إنستغرام وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي.





كما يقول بيلتون في فيلمه، منذ حوالي عقدين كان الأطفال يجيبون عن سؤال: «ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر؟» بالمهن التالية بالترتيب: رياضي محترف، طبيب، عالم فضاء، مدرس، مهندس، الآن اختلفت الإجابات لتحتل المركز الأول عارض، ممثل، مؤثر مشهور، هذا التعبير الجديد الذي يشير إلى محترفي الظهور على مواقع التواصل الاجتماعي لمجرد جمع الإعجابات والتعليقات، ومن ثم جمع الدولارات.

مع ذلك، فليس هذا أسوأ شيء، الأسوأ هو أن الكثيرين من هؤلاء يحظون بشهرة مزيفة، لا أصل لها في الواقع، ولا على مواقع التواصل، وإنما شهرة مباعة تصنعها الروبوتات التي تديرها مجموعات أو أفراد محتالون.





يقوم بيلتون وفريق عمله بإجراء بعض الاختبارات ويختارون 3 شباب طامحين في الشهرة، لإجراء تجربة مثيرة وهي تحويل هؤلاء الثلاثة إلى «مشاهير إنستغرام»، دون أن يكون لدى أي من هؤلاء شيء حقيقي يقدمونه، سوى مجموعة من الصور المزيفة وبضعة آلاف من الإعجابات والتعليقات المشتراة.





يختار فريق عمل الفيلم فتاة وشابين ليس لديهم موهبة مميزة، أو مهارة استثنائية، أو شيئاً مهماً يقولونه للناس، ويقومون بتصويرهم داخل أماكن عادية جداً تشبه ديكورات السينما، مع الإيهام بأنها فنادق فاخرة، أو شواطئ ساحرة أو طائرات خاصة، ويظهر هؤلاء الشباب في الصور بشكل خيالي، ثم يقوم فريق العمل بالاتفاق مع بعض تجار الإعجابات والتعليقات، وفجأة يصبح لدى كل منهم آلاف، ثم مئات الآلاف من المتابعين الوهميين، وهو ما يجذب المزيد من المتابعين الحقيقيين، وفجأة يبدأ المعلنون والرعاة في مطاردة هؤلاء المؤثرين بالهدايا وعروض العقود ليعلنوا عن منتجات هؤلاء المعلنين والرعاة.





لكن اللعبة تنقلب، كما نرى في الفيلم، على الشباب الثلاثة، فالشهرة لها ثمن: أحدهم يتعرض لتهديدات وشتائم تجعله يتردد ويرفض الاستمرار، والثاني يرفض التزييف، ويفضل أن يكون لديه بضع مئات أو عشرات من المعجبين الحقيقيين، على أن يكون لديه مليون متابع وهمي، وعندما تجتاح كورونا العالم، تدرك الفتاة سطحية ما تفعله، وتتمنى لو أنها تفعل شيئاً مفيداً للناس.



وينتهي الفيلم بصور لأطفال شبوا على عصر مهووس برفع الصور على مواقع التواصل، يحلمون بأن يكونوا مثل «مثلهم العليا من المؤثرين المشهورين»، وكأن الحياة لم يعد لها وجود، سوى صور على إنستغرام.





هذا الفيلم كاشف للوهم ومحزن ومخيف، لو أن العالم واصل المضي في هذا الطريق، حيث لن يكون هناك أهمية لعلم يكتسب أو حرفة تمتهن أو عمل خير أو سلوك قويم، طالما أن كل ما يحتاجه المرء هو بعض الصور الحلوة، وبضعة آلاف من المعجبين.