الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

«أعز الولد».. المنصات العربية على الطريق الصحيح

«أعز الولد».. المنصات العربية على الطريق الصحيح

بعد بدايات متعثرة في مجال إنتاج الأفلام السينمائية، ها هي المنصات العربية تجد طريقها من خلال فيلم «أعز الولد» الذي بدأت قناة شاهد VIP في بثه منذ أيام، فقد توفر للفيلم الكثير من عناصر النجاح التي افتقدتها معظم الأفلام السابقة.

أول هذه العناصر هي اختيار الموضوع المناسب، وقد وقع الاختيار على سيناريو خفيف وطريف وجديد نسبياً. السيناريو الذي كتبه شريف نجيب وجورج عزمي يدور حول عصابة تختطف خمسة أطفال من أتوبيس مدرسة خاصة، يتميز أهلها بالثراء، والمطالبة بفدية خمسة ملايين جنيه، بمعدل مليون جنيه لكل طفل.





ولهؤلاء الأطفال أربع جدات مسنات يتصدين لفك أسر أحفادهن، ويستطعن أن يفعلن ما لا يستطيع الآباء والأمهات والشرطة فعله! وقد نجح كاتبا السيناريو في رسم خطوط فرعية وقصص لكل أسرة ولكل شخصية من الجدات تخلق حالة من التنوع والطرافة بين المجموعة.

يحيل عنوان الفيلم إلى مثل شعبي شائع هو «ما أعز من الولد إلا ولد الولد»، أي أن حب الأبوين لأبنائهما لا يضاهيه أو يفوقه سوى حبهما لأحفادهما، وبجانب أنه عنوان موفق مناسب لقصة الفيلم، فهو أيضاً يجعلنا نصدق المبالغات الغريبة التي تحدث فيه بدافع حب الجدات لأحفادهن، ويأتي عرض الفيلم مع مناسبة الاحتفال بعيد الأم عاملاً إضافياً في الإقبال على مشاهدته.





العنصر الثاني هو الاستعانة بعدد كبير من نجوم السينما للمشاركة في العمل، على رأسهن عدد من الممثلات الكبيرات سناً ومقاماً في دور الجدات الأربعة: ميرفت أمين، دلال عبد العزيز، شيرين وأنعام سالوسة، والراحلة رجاء الجداوي في دور مديرة المدرسة، بجانب عدد من النجوم الأصغر سناً في أدوار الأمهات والآباء: أمينة خليل وعمرو يوسف وريهام عبد الغفور وأروى جودة وعدد كبير من ضيوف الشرف خفيفي الظل، منهم منى زكي، محمد شاهين، أنجي المقدم، السيناريست تامر حبيب، المخرج عمرو سلامة والمخرجة هبة يسري.





أما أدوار العصابة فعلى رأسهم الرائع دائما سامي مغاوري، ومحمود الليثي. فريق الممثلين هنا ضخم ولامع وفوق ذلك تم توظيف كل منهم في دور مناسب تماماً، كما لو أنه كتب لهم خصيصاً، ولعل هذا واحد من أفضل اختيارات الممثلين الذي شهدته السينما والدراما المصرية في السنوات الأخيرة.

هناك أربع فئات أو مجموعات للممثلين: الجدات الأربع وهؤلاء جمعتهن كيمياء وانسجام كبير، فلا يشعر المشاهد أن هناك من تريد البروز على حساب الأخريات، أو أن واحدة منهن تسلك أو تتكلم بما لا يناسب الشخصية التي تلعبها.



الفئة الثانية هي الأمهات والآباء، ومرة أخرى هناك توظيف جيد لكل منهم وشخصيات متمايزة واضحة رغم قصر أدوارهم. الفئة الثالثة هي زعيم العصابة وأبناؤه الظرفاء، ورغم وجود فرصة للفكاهة والارتجال والنكات اللفظية، إلا أن الفيلم نجا من هذا الفخ، وكل مشاهد الكوميديا في الفيلم نابعة من الموقف الدرامي وطبيعة الشخصيات، حتى لا يكاد يوجد لفظ واحد خارج عن السياق.



تقريباً كل الكوميديا التي يحتويها الفيلم هي كوميديا «سينمائية» تساهم الصورة في صنعها، وليست مجرد نكات لفظية كما نرى في الكثير من الأعمال التي تصنع الآن.





الفئة الرابعة تضم الأطفال، وقد جاء اختيارهم وإدارتهم موفقين إلى حد كبير، وبجانب هذه الفئات الأربعة هناك رجلا الشرطة ومديرة المدرسة ومساعدوها، وتميز منهم محمد شاهين في دور المحقق والراحلة رجاء الجداوي التي أدت دور مديرة المدرسة المرتبكة الخائفة بتمكن لم يكن غريباً عليها.





العنصر الثالث والأهم في فيلم «أعز الولد» هو الإخراج، حيث استطاعت المخرجة الشابة سارة نوح في أول أعمالها أن تصنع عملاً متماسكاً سريع الإيقاع، وتميزت بشكل خاص في إدارة الممثلين والمونتاج الذي ساهم في ضبط إيقاع الفيلم والتخلص من غواية الثرثرة و«المونولوجات» الطويلة بالرغم من وجود ممثلين ومواقف تشجع على ذلك.



ولعل أفضل شيء أنها لم تستخدم تقنية الحركة البطيئة التي شاعت في السينما المصرية مؤخراً، وكذلك الأغاني، إذ يحتوي الفيلم على أغنية واحدة بصوت محمد عدوية هي إعادة توزيع لأغنية والده القديمة «سته بسبست له بسبوسة»، ولكنها مناسبة جدا للأحداث وموظفة جيداً.



الملحوظة الوحيدة هي صوت الراوي الذي نسمعه في نهاية الفيلم، حيث يخبرنا عن مصير الشخصيات بعد ذلك، وهو أسلوب لا يناسب هذا الفيلم، وكان يمكن استبدال طريقة الراوي هذه بالمونتاج والقطع المتوازي كما حدث في الفيلم أكثر من مرة، مما كان سيعطي العمل وحدة أسلوبية أفضل.