الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

على خطا «مولان» .. ديزني تصالح آسيا بـ«رايا والتنين الأخير»

على خطا «مولان» .. ديزني تصالح آسيا بـ«رايا والتنين الأخير»

يبدو أن استوديوهات ديزني، التي ساهمت في تشكيل ملايين من عقول الأطفال والكبار على مدار أجيال، قد بدأت تراجع نفسها بجدية خلال السنوات الأخيرة، واضعة في اعتبارها الاتهامات التي توجه إلى أفلامها (ولأفلام هوليوود بشكل عام)، بأنها تروج للعنصرية والسخرية من الشعوب والأعراق الأخرى والنساء، وأنها دعاية ناعمة للرجل الأبيض المستعمر.





وفي سياق هذه المراجعة، تعمل ديزني على «غربلة» أعمالها القديمة، لتزيل منها بعض المشاهد أو العبارات التي وصمت بالاتهامات السابقة، والأهم أنها تركز منذ فترة على إنتاج قصص مختلفة نوعياً، نابعة من ثقافات عالمية من أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، تنتمي شخصياتها الرئيسية من الجنسين لأعراق وألوان مختلفة: هكذا رأينا «مولان» عن فتاة صينية، و«سول» عن أمريكي إفريقي وآخر انتاج لها "رايا والتنين الأخير" Raya and the last Dragon، الذي نزل إلى دور العرض ومنصة «ديزني أكسيس بريمير» الأسبوع الماضي، بعد طول تأجيل بسبب تداعيات وباء "كوفيد-19."



مثل «مولان» يدور «رايا والتنين الأخير» حول صبية آسيوية تجيد القتال تحارب من أجل إنقاذ وطنها والبشرية، ولكن الجديد هنا، ربما للمرة الأولى في عالم ديزني وسينما التحريك الأمريكية، أن القصة والشخصيات ينتمون بوضوح للجزء الشرقي الجنوبي من آسيا، وهو ما يشير إلى أن هوليوود قد بدأت أخيراً تدرك أن هناك فارقاً بين الصين واليابان وفيتنام وكوريا وتايلاند وماليزيا وغيرها من البلاد والثقافات التي كانت تتعامل معهم السينما الأمريكية على أنهم شعب واحد أصفر اللون وعيونهم ضيقة!





الفارق واضح في «رايا والتنين الأخير» على عدة مستويات: شكل الشخصيات، الأماكن الطبيعية، أنواع الملابس، والأدوات الحربية والأطعمة، وفوق ذلك الأساطير والقصص التي يعتمد عليها الفيلم وأسلوب الرسم بشكل عام.

«رايا والتنين الأخير» هو أيضاً فيلم ’سيوي تأليفاً وتمثيلاً. كاتب الفيلم كي نيجوين وأديل ليم، أمريكيان من أصل آسيوي، وكذلك معظم ممثلي أصوات الأبطال والشخصيات الأخرى، أما الإخراج فهو لدون هال وكارلوس لوبيز استرادا، والأخير من أصل لاتيني.





يدور الفيلم حول بلد خيالية اسمها كوماندرا، تنقسم إلى 5 قبائل متنافسة تحمل أسماء تشير إلى أن كوماندرا أشبه بالجسم الواحد متعدد الأعضاء: «قلب»، «عمود فقري»، ذيل، ناب، مخلب، وبسبب تصارع هذه القبائل فيما بينها ضربتها كائنات متوحشة خيالية تشبه فيروس كورونا (!) اسمها درون، ولكن التنانين الطيبة تدافع عن كوماندرا وتضحي بنفسها في سبيل القضاء على الدرون واستعادة أهلها لحياتهم بعد أن حولتهم الدرون إلى حجارة.

ولا يبقى من هذه المعركة سوى تنين واحد لا أحد يعلم مكانه، وبلورة سحرية رمز للوحدة والتضحية التي قامت بها التنانين.





بعد 500 سنة يعود أهل كوماندرا للشقاق والحرب والطمع، ويتسببون في كسر البلورة التي كانت تحميهم، فتهاجمهم الدرون مجدداً، ولكن رايا، ابنة ملك شعب «القلب» تبحث عن التنين الخير، الذي يتبين أنه تنينة اسمها سيسو، وتسعى لجمع أجزاء البلورة التي تفرقت بين القبائل وإلى توحيد شعب الكوماندرا مجددا.





يستمد الفيلم عددا من أفكاره من الحكايات الشعبية الأسيوية، التي دخلت عالم «ألف ليلة وليلة» العربية، مثل قطرات الندى السحرية، ومدينة النحاس التي تحل عليها اللعنة وتحيل أهلها إلى تماثيل، كما يستخدم الفيلم – المرسوم بواسطة الكمبيوتر- أساليب رسم وحكي أسيوية قديمة، مثل خيال الظل، واسلوب المنمنمات.

ويتسم «رايا والتنين الأخير» بشخصياته المحببة الدافئة، حتى «الأشرار» منهم، وبالحبكة المحكمة سريعة الايقاع، وبشكل خاص تتميز مشاهد المعارك بحيويتها ومصداقيتها واندماجها داخل الدراما بشكل عضوي، فهي ليست مجرد معارك غير إنسانية مصممة بالكمبيوتر مثل الكثير من المعارك التي نراها هذه الأيام في أفلام الأكشن.

وبالطبع يتسم الفيلم، مثل معظم أعمال ديزني، بتحريك على أعلى مستوى وصل إليه هذا الفن، سواء في دقة الحركة أو التفاصيل الصغيرة، أو الخطوط والألوان، فهو بهجة للقلب وللعين معاً، يمكن أن يتمتع بمشاهدته الأطفال والكبار على السواء.