الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

نقاد وكتاب: دمج الوثائق بالأعمال الدرامية ليس صالحاً لكل الأحداث والوقائع

نقاد وكتاب: دمج الوثائق بالأعمال الدرامية ليس صالحاً لكل الأحداث والوقائع

بشير الديك

بعد ظهور مسلسل الاختيار المصري الذي يجمع بين الدراما والتوثيق، عبر عدد من الفيديوهات المصوّرة والموثّقة للوقائع، سواء كانت فيديوهات لوسائل إعلامية أو وثائق لجهات أمنية مختلفة للأحداث، يوضح عدد من النقاد مدى أهمية خلط العمل الدرامي بالوثائقي، ومردود ذلك على العمل المقدم، والمتلقي، كما يوضحون إلى أي مدى يمكن إحداث بعض التغييرات في الأعمال الدرامية التي تتناول أحداث تاريخية.



يقول الناقد المصري، طارق الشناوي، إن بناء العمل الفني يفرض أحياناً قانوناً على صنّاعه، فمسلسل الاختيار على سبيل المثال، كان فرض قانونه الدمج بين الوثيقة و الدراما، والذي حتم ذلك أن الحدث قريب للغاية، حيث إن 90% من الجمهور ما زال يحتفظ بها في ذاكرته، فالعشر سنوات الأخيرة، لم تبرح بعد ذاكرة القسط الأكبر من الجمهور، وذاكرتنا لها علاقة بالميديا، فقد استعانوا بالوثائق المصوّرة سواء كانت أشرطة تلفزيونية موجودة في برامج، ومن هنا جاءت أهمية استخدام الوثيقة موازية للدراما، لافتاً إلى أن هذا ليس شرطاً في كل الأعمال، وليس ضرورياً وضع قواعد صارمة تمنع المبدع من أن يتحرر، فمن حق صانع العمل أن يفكر ويبدع، لكن على أن يكون ذلك مصاحباً بمنطق، فمن فرض هذا هو اقتراب الأحداث من الواقع.

وأوضح الشناوي، أن الوثيقة تلغي احتمالات التفسير الخاطئ، فهي دامغة، لأنها مسجلة ليس فقط من وجهة نظر دولة، وإنما جزء منها من خلال وجهة نظر الآخر، المشاركون في الحدث ذاته وهكذا، مشيراً إلى أن الاستعانة بالوثائق يزيد من المصداقية لدى المتلقي، وبالتالي تزداد كثافة المشاهدة.





وأوضح الناقد السينمائي المصري رامي عبدالرازق، أن الاستعانة بالوثائق سواء مكتوبة أو مصوّرة ترتبط بطبيعة الموضوع نفسه، هل الموضوع يحتمل هذا أم لا، لأن إضافة عنصر على الدراما يأخذ الدراما في منطقة معينة، مثل مسلسل الاختيار على سبيل المثال، وهو مسلسل دعائي توثيقي، به جانب دعائي كبير، بجانبه هناك جانب توثيقي، للتدليل على ما كان يحدث، فالاستعانة هنا ضرورية لأنها جزء من نوع المسلسل، لكن هناك أنواعاً أخرى من الأعمال الدرامية من الأفضل عدم الاستعانة فيها بالوثائق بشكل كبير، لأن الدراما لا تحتمل ذلك، لافتاً إلى أنه من أفضل التوظيفات التي حدثت للمواد المصورة والوثائقية، حدث في مسلسل الاختيار، لأن طبيعة و نوع المسلسل تحتمل ذلك، أما لو مسلسل آخر فلا يكون بنفس الدرجة.

وأضاف عبدالرازق، أن هذا لا يحدث على سبيل المثال في المسلسلات التي تجسد عمل المخابرات، إلا لو مرّ عليها سنوات طويلة، فالمسلسل المصري جمعة الشوان كان قد مرّ عليه نحو 15 سنة على الواقعة، وكذلك المسلسل المصري رأفت الهجان، كان قد مرّ على الواقعة 10 سنوات، وهي أعمال درامية تتناول وقائع مخابراتية، فأعمال المخابرات ليس من السهل توثيقها، فطبيعة الموضوع لا تحتمل إظهار وثائق من أي نوع، وإنما فقط في حدود جو الإثارة، إثارة مخابراتية، حول شخصيات وعوالم سرية، غير ظاهرة طول الوقت، فبالتالي من الصعب أن يحتوي على أي وثائق، ولو ظهرت سيكون هناك شعور بأنها مفتعلة، فهناك مسلسلات تحتمل التوثيق وفق النوع والموضوع، وهناك مسلسلات لا تحتمل بحكم الموضوع والنوع.

وأوضح عبد الرازق، أن المسألة محكومة بطبيعة النوع الدرامي، فالمسلسلات والأعمال الدرامية المتعلقة بوقائع وأحداث تاريخية على سبيل المثال، لا تنقل الحدث كما هو، فأغلب الأعمال التاريخية التي تكتب تنتمي إلى ما يسمى الفانتازيا التاريخية، وتعني أحداثاً مؤلفة على خلفيات تاريخية، هذه أغلب الأعمال التاريخية، حيث تنتمي إلى الفانتازيا التاريخية.



ويشير السيناريست والكاتب بشير الديك، إلى أن الاستعانة بالوثائق في العمل الدرامي، يضيف مصداقية واقعية للحدث، فمسلسل الاختيار يتحدث على سبيل المثال، عن رجال الظل وهم رجال الداخلية، ورجال الأمن، وهم ليسوا معروفين، كيف يعيشون حياتهم، لذا عندما تكون هناك وثائق على واقعة وحادثة، على سبيل المثال قتل النائب العام، هذا يزيد من مصداقية العمل الدرامي، ويحوله ليصبح عملاً قابلاً للتصديق، وتحدث مزيد من المصداقية للعمل الدرامي، التوثيق يفيد المغزى النهائي للعمل الدرامي، عندما نرى شيئاً وثائقياً ضمن الإطار الدرامي، فهذا عمل جيد.