الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

Peter Rabbit 2: The Runaway .. أوديب أرنباً في حكاية قديمة تخاطب أطفال اليوم!

Peter Rabbit 2: The Runaway .. أوديب أرنباً في حكاية قديمة تخاطب أطفال اليوم!

بوستر الفيلم

في طفولتنا كانت هناك قصة ندرسها في مرحلة المدرسة الابتدائية تحمل عنوان «الأرنب الغضبان» تحكي عن أرنب ملَّ من أكل الخس والجزر، فترك بيته باحثاً عن طعام آخر، ولما تمكن منه الجوع عاد للبيت باحثاً عن الخس والجزر اللذيذين، كما كانت هناك قصة أخرى تحمل عنوان «الأرنب الكسلان» تحكي عن أرنب وسلحفاة يدخلان في سباق للسرعة، وبسبب كسل الأرنب ونومه على الطريق تستطيع السلحفاة أن تسبقه.





لطالما كانت بعض الحيوانات الناطقة التي تفكر مثل البشر بطلة للعديد من القصص التعليمية منذ أيام «كليلة ودمنة»، وقد شكلت الأرانب مادة ثرية لعشرات القصص، ربما لتميزها بالجمال الذي يثير إعجاب وحب الأطفال، ولصفاتها الطريفة مثل السرعة والحيوية، وكثيراً ما يستخدم الأرنب في القصص الخيالية للصغار والكبار كرمز لدخول عالم السحر أو الخصوبة الشديدة أو الحياة الريفية البسيطة وغيرها.

في عالم اليوم التكنولوجي قلما يلتقي الأطفال مع الحيوانات، ولكن هذا لم يقلل من حبهم وارتباطهم ببعضهم، ولم تزل قصص وأفلام الأطفال تعج بكل أنواع الحيوانات، حتى التي انقرضت منها مثل الديناصورات.

منذ ثلاثة أعوام صدر فيلم التحريك الأمريكي الأسترالي Peter Rabbit «الأرنب بيتر» 2018 وكان مستلهماً من قصة بوتر الأصلية «الأرنب الشقي المتمرد» Rascal Rebel Rabbit فحقق نجاحاً هائلاً غير متوقع، إذ اقتربت إيراداته من 15 مليون دولار، ليصبح واحداً من أنجح أفلام العام.. وكان من الطبيعي أن تقوم هوليوود بصنع جزءٍ ثانٍ منه، وهو الفيلم الذي بدأ عرضه مؤخراً بعنوان Peter Rabbit 2: The Runaway «الأرنب بيتر 2: الهروب».



بداية أفكار الفيلمين مستلهمة من قصص الأديبة الإنجليزية بياتريكس بوتر (1866- 1943) رائدة قصص الأطفال التي كانت تكتب وترسم قصصها، ومنها الأرنب الغضبان والكسلان وعشرات القصص الأخرى التي تعد مصدراً أساسياً للكثير من أفلام التحريك.

يدور «الأرنب بيتر» حول عائلة من الأرانب تعيش في مزرعة ريفية كبيرة، وتحت قيادة «بيتر» تتسلل هذه الأرانب إلى المزرعة لسرقة الخضراوات انتقاماً لمقتل والد بيتر على يد صاحب المزرعة. ولكن ابنته الشابة بيا تحب حيوانات المزرعة وتعاملهم كأبنائها، ويدور صراع شديد بين بيتر وشاب يصل للقرية ويقع في حب بيا. ويضمر الفيلم شحنة «أوديبية» واضحة، عن علاقة الأطفال بالأباء والأمهات، والصراع الذي ينشأ بين بيتر وخطيب بيا إلى أن يتم الصلح بينهما في النهاية.

تحمل قصص الأطفال عادة الكثير من هذه الأفكار النفسية في قالب مغلف يتلقاه المشاهد، خاصة الأطفال، لا شعورياً، وهذه المضامين المستترة هي سر جاذبية هذه القصص، التي تبدو سخيفة وعبثية، لدى الأطفال. ولا بد أنها كانت من أسباب نجاح الفيلم بجانب تقنيات التحريك ثلاثي الأبعاد الذي يجمع بين البشر وشخصيات الحيوانات المصنعة بواسطة الكمبيوتر ببراعة شديدة.

يسير «الأرنب بيتر2: الهروب» على خُطى الفيلم الأول، ويبدأ من حيث انتهى. تتزوج صاحبة المزرعة بيا من خطيبها ويتعين على بيتر أن يقاوم شعوره بالغيرة. ولعلك لاحظت أن بيا تحمل اسم مؤلفة القصص بياتريكس بوتر، وهناك تشابهات كثيرة بينهما، فهي أيضاً كاتبة قصص أطفال ورسامة، تقوم بكتابة ورسم حكاية بيتر، ويكتشفها أحد الناشرين ويعرب عن رغبته في نشر كتبها، ولكنه يطلب بعض الاضافات والتعديلات على القصص.



تمثل بيا وجهة نظر بياتريكس بوتر التي توفيت منذ 75 عاماً، وكانت تعشق الطبيعة وتنفق كل ثروتها على شراء الأراضي، بينما يمثل الناشر صوت المنتج الهوليوودي الذي يفكر دوماً بأعداد المشاهدين. ومع لقاء بيا والناشر يتخذ الفيلم منحى آخر، حيث يتحول إلى مبارزة عن الكيفية المثلى للتعامل مع النصوص الكلاسيكية.

يطلب الناشر من بيا بعض «التعديلات» العصرية، مثل إضافة مطاردات ومفردات حديثة من التي يعرفها أطفال اليوم وبعض الخيال العلمي، واعداً إياها بأن القصة سوف تبيع ملايين النسخ إذا استجابت لهذه التعديلات، وهي تتردد ثم ترفض، ثم تكتشف أن كل الاقتراحات الخيالية المبالغ فيها التي اقترحها الناشر تحدث بالفعل مع بيتر ورفاقه من الحيوانات.





يسير سيناريو الفيلم في خطين متوازيين يلتقيان ويتباعدان طوال الوقت: حكاية الأرنب بيتر الذي لم يزل يشعر باضطهاد زوج بيا له، مما يجعله غاضباً ومتمرداً، وعندما تصطحبه بيا للقاء الناشر يهرب إلى المدينة ويقع في حبائل زعيم عصابة يقنعه بأنه كان صديقاً لأبيه، ولا يكتفي بيتر بالانضمام للعصابة، لكنه يقوم بجلب كل حيوانات المزرعة للانضمام إلى العصابة، لتنفيذ أكبر عملية سرقة طعام لسوق المدينة. ولكن بيتر، كالعادة، يعود لرشده في النهاية، وينضم لجانب الخير، حيث ينجح في إنقاذ رفاقه من السجن (بالتبني كحيوانات أليفة) أو الإعدام (بالذبح والأكل)، وذلك بمساعدة بيا وزوجها الذي يصبح صديقاً ووالداً بديلاً لبيتر!

السيناريو الذي كتبه المخرج ويل غلوك مع روب ليبر ليس اقتباساً للقصة الأصلية، ولكنه نوع من التجريب واللعب بالقصة وتطويعها لتناسب ذائقة أطفال اليوم، لكن الشيء الثابت هو استغلال حب الأطفال للحيوانات والأرانب واستخدام القصص للتعليم والتوجيه كاستعارة نفسية لمشاعر كثير من الأطفال تجاه أبويهم وأخوتهم وتحويل تلك المشاعر لطاقة إيجابية.