السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

باجيو: الضفيرة المقدسة.. ركلة كرة في الفراغ!

باجيو: الضفيرة المقدسة.. ركلة كرة في الفراغ!

لقطة من فيلم باجيو.

يذكر مشجعو كرة القدم في تسعينيات القرن الماضي اسم اللاعب الإيطالي روبرتو باجيو، كما يذكرون مارادونا وبلاتيني وزيدان وزملاءهم من اللاعبين الخالدين في تاريخ اللعبة. يرى البعض أن باجيو هو الأكثر موهبة بين الأسماء السابقة، ومع ذلك فهو الأقل شهرة وتقديراً بينهم. مارادونا، مثلاً، كان محوراً للعديد من الأفلام الوثائقية والروائية، بسبب حياته الشخصية العاصفة، ولكن حياة باجيو، أيضاً، ممتلئة بالدراما والأحداث التي لا تصدق، كما يبين الفيلم الإيطالي «باجيو: الضفيرة المقدسة» Baggio: The Divine Ponytail الذي يعرض حالياً على منصة «نتفليكس».



الفيلم من بطولة أندريا أركانجيلي (في دور باجيو) وإخراج ليتسيا لامارتير عن سيناريو لستيفانو ساردو ولودوفيكا رامبولدي. ينتمي الفيلم للنوع الروائي، مع قليل جداً من اللقطات الوثائقية، وعادة لا تنجح الأفلام الروائية التي تصنع عن رياضيين وفنانين مشهورين، لأن الناس يفضلون الأصل، ولأن الإبداع المرئي الذي ينجزه هؤلاء في الملاعب أو على الشاشة لا يمكن استبداله أو تزييفه روائياً.



وتظهر هذه المشكلة كأوضح ما يكون في فيلم «باجيو: الضفيرة المقدسة»، حيث يفشل صناع الفيلم تماماً في نقل ولو لمحة عابرة من الوهج الشخصي والبراعة العبقرية لروبرتو باجيو داخل ملاعب كرة القدم، ولم يبقَ لهم سوى التنقل ذهاباً وإياباً بين حياته الشخصية والتركيز على اعتناقه البوذية وعلاقته المعقدة بأبيه وقبل كل ذلك الإصابات القاتلة التي تعرض لها على مدار حياته الكروية. يرى بعض خبراء وعشاق كرة القدم أن باجيو ربما يكون الأكثر موهبة بين كل لاعبي كرة القدم، ولكنه لم يحظَ بالتقدير الذي يستحقه بسبب سوء الحظ الذي لازمه منذ طفولته، بداية من إصابته بقطع في وتر الركبة وهو لم يزل في السادسة عشرة، وصولاً إلى إصابته الأخيرة التي منعته من المشاركة في كأس العالم للمرة الرابعة، ولعل أسوأ حظ واجهه في حياته كان خلال المباراة النهائية لكأس العالم 1994 بين إيطاليا والبرازيل، عندما ضيع ركلة الترجيح الأخيرة الفاصلة، مسدداً إياها فوق المرمى بأمتار كما لو كان لاعباً مبتدئاً!



حصل باجيو على لقبَي أفضل لاعب في الدوري الأوروبي وأفضل لاعب في العالم عام 1993، وحقق عدداً من الأرقام القياسية والإنجازات الكبيرة محلياً وعالمياً، منها مشاركته في نهائيات كأس العالم لثلاث مرات متعاقبة وإحرازه تسعة أهداف، ومنها حصوله على خامس أفضل هداف في الدوري الإيطالي.



كان باجيو، الذي اشتُهر بضفيرة شعر الرأس الخلفية على طريقة «ذيل الحصان»، معشوقاً لدى الإيطاليين، ولدى الملايين خارج إيطاليا، وعلى مستوى اللعبة كان لديه مهارات فردية خارقة، ولكنّ شيئاً من هذا كله لا يظهر في الفيلم.. ليس فقط لإشكالية المقارنة بين الواقع والشاشة، سابقة الذكر، ولكن أيضاً لضعف عناصر الفيلم، خاصة السيناريو، وعدم قدرته على ربط المشاهد بالقصة أو تحقيق قدر من السرد المتماسك المقنع.



يتمحور بناء السيناريو حول أهم حدثين في حياة روبرتو باجيو: الأول هو إصاباته المعجزة وقدرته على الشفاء بمعجزة لا يتوقعها أحد في كل مرة! الحدث الثاني هو فشله في تسديد ركلة الترجيح التي كان من شأنها أن تجعله أسطورة تتحدث عنها الأجيال، وتحقق لبلاده فوزاً بكأس العالم، على البرازيل. من المعروف أن ركلات الجزاء أو الترجيح هي واحدة من أسهل مهارات كرة القدم، وإن كانت تحتاج إلى أعصاب حديدية في المباريات الحساسة.



يشبه فيلم «باجيو: الضفيرة المقدسة» ركلة جزاء سهلة: شخصية مشهورة يعشقها الملايين، وحياة درامية أكثر تشويقاً وعاطفية من الأفلام.. ولكن صنع الفيلم جاء شبيهاً بركلة عشوائية حمقاء مثل الركلة التي سددها باجيو على مرمى البرازيل!