الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

«حفيد سارادار».. هل يكفي الضحك والغناء لعلاج القلوب المنقسمة؟!

بعد أكثر من سبعين عاماً على تقسيم شبه القارة الهندية إلى ثلاث دول هي الهند وباكستان وبنغلاديش، لم يزل جرح الانقسام ماثلاً في الذاكرة، تاركاً في القلب خواءً لا تملؤه المبالغة في الوطنية والتغني بأمجاد الوطن، ولا المبالغة في الكراهية وشيطنة الآخر.. مثلها كحال ألمانيا قبل الوحدة، وكحال كوريا، والصين الآن.

هذه الفكرة هي محور الفيلم الهندي Saradar ka Grandson أو «حفيد سارادار» الذي بدأ بثه على منصة «نتفليكس» منذ أيام، والذي يدور في قالب كوميدي خفيف حول سيدة هندية في التسعين من العمر تحلم بالعودة إلى لاهور في باكستان لترى المنزل الذي عاشت فيه قصة حبها وزواجها المبتسرة، والتي انتهت بمقتل زوجها وحبيبها خلال أعمال العنف والطرد الجماعي المتبادل التي حدثت عقب إعلان التقسيم 1947.

سارادار (تلعب دورها المخضرمة نينا جوبتا) أم لولدين وجدة لثلاثة أحفاد، أقربهم لقلبها هو أمريك (النجم أرجون كابور) الذي يعيش في أمريكا، ويعاني من الفشل الدائم الذي يتوج بانفصاله عن خطيبته رادها (راكول بيت سينج). تعاني سارادار من ورم خبيث لا يستطيع الأطباء إزالته، ولكنها تصر على العودة إلى لاهور لتحقيق حلمها برؤية منزل أحلامها، وتقنع حفيدها سارادار باصطحابها، ولكن ترفض السفارة الباكستانية منحها تأشيرة الدخول بسبب حادث قديم اعتدت فيه على أحد المسؤولين الحكوميين الباكستانيين أثناء مباراة كرة قدم، والذي يصبح بالصدفة محافظ لاهور (يلعب الدور ببراعة الممثل كومودا ميشرا).

عندئذ يخطر ببال أمريك، الذي كان يعمل في نقل البضائع مع خطيبته في أمريكا، فكرة عجيبة، وهي نقل البيت من لاهور إلى الهند، وفي سبيله إلى تحقيق حلم جدته الأخير، يسعى أمريك أيضاً إلى تحقيق النجاح في حياته المهنية للمرة الأولى وإلى استعادة خطيبته والوصول إلى النضج.

الفيلم الذي أخرجته وشاركت في كتابته كاشفي ناير في أول أعمالها كمخرجة مستلهم من واقعة حقيقية حدثت في 2017، وكانت محوراً لفيلم وثائقي قصير بعنوان «العودة إلى باكستان: 70 عاماً بعد التقسيم»Going Back to Pakistan: 70 Years After Partition يرصد قصة المعمر كريشان كومار خانا، البالغ من العمر 92 عاما، الذي يقرر العودة إلى لاهور لأول مرة منذ رحيله عنها أثناء التقسيم لمشاهدة منزل وبيت العائلة والحي والمدينة التي نشأ وعاش فيها طفولته وصباه. ويصور الفيلم علاقات الود والمحبة المتبادلة التي تنشأ بين الرجل وأهل الحي والمدينة الباكستانية، كما يرصد بعض السلبيات والتصورات الخاطئة بين الشعبين، ويمثل في مجمله رسالة تسامح وإنسانية أقوى من أي خطاب سياسي مباشر.

هذه الرسالة المؤثرة التي يتضمنها الفيلم الوثائقي القصير في أقل من 25 دقيقة، تظهر بشكل ضعيف في «حفيد سارادار» الذي يصل طوله إلى ساعتين وعشرين دقيقة. ولعل سبب هذا الضعف هو رغبة المخرجة في أن تصنع فيلماً مسلياً كوميدياً غنائياً عاطفياً سياسياً، يدور عن التقسيم وعن علاقة الحفيد بجدته وعن قصة حب أمريك المتعثرة وعن الصراعات العائلية وعن مواقف الحكومات المتعصبة وطبيعة الشعوب المتسامحة، فلم تستطع أن تحقق التناغم المطلوب بين هذه الأفكار، ولا التعبير عن أيها بالعمق الكافي، وبدت معظم الشخصيات شبه كارتونية. ربما يكون السبب أيضاً، أن المخرجة، بحكم الظروف السياسية المتوترة دائماً، لم تستطع أن تعالج الموضوع بجرأة كافية، خاصة أن جراح الماضي يؤججها باستمرار مزيد من جراح الحاضر.

لكن هذه الملاحظات لا تمنع أن فيلم «حفيد سارادار» عمل شجاع نبيل الهدف، ومسلٍ ومشوق من الناحية الدرامية، كما يتميز بجودة بعض عناصره الفنية ومنها استخدام الفلاشباك بطريقة فعالة ودون إفراط، حيث تلعب دور سارادار الشابة النجمة الجميلة أديتي راو هاداري، بينما يلعب النجم جون ابراهام دور زوجها الراحل.

من العناصر الفنية التي تستخدم بفعالية ودون إفراط أيضا الأغاني والاستعراضات حيث تأتي دائماً معبرة عن الدراما والمشاعر المناسبة للمشاهد.

«حفيد سارادار» مشروع مخرجة وكاتبة جديدة ذات قلب شجاع وموهبة واعدة!