الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

«ديدو».. الرهان على الضحك لا يكفي!

يراهن فيلم «ديدو» على الضحك. كل عناصر الفيلم مرتبة من أجل هدف واحد هو إثارة ضحكات المشاهد. الفكرة، الحوار، الممثلون، ضيوف الشرف الذين يستعين بهم. والضحك بالطبع هدف نبيل، يكفي في حد ذاته لمشاهدة فيلم، حتى لو لم يكن لهذا الضحك «مبرر». لكن الضحك في السينما وبقية فنون الدراما يحتاج إلى سياق، وإلا لن يكون هناك فارق بين الفيلم ومجموعة من الأشخاص يتبادلون إلقاء النكات، أو شخص يقوم بـ«زغزغة» الجالسين حوله.

من اللحظة الأولى يكشف فيلم «ديدو» هدفه ونقطة ضعفه: إذ تطالعنا شاشة بيضاء مكتوب عليها أن "هذا الفيلم مقتبس عن فيلم Honey, I Shrunk the Kids،أو Ant-Man، أو Downsizingأو «عقلة الصباع» أو أي فيلم تاني الناس صغرت فيه". هذه العبارة ليس مقصوداً بها الاعتراف بالاقتباس، ولكن تمويه وتمييع الاتهام بالاقتباس الذي يوجه كثيراً لمنتحلي الأفلام والمسلسلات الأجنبية، وهم كثر، وغالباً ما يرفض هؤلاء الاعتراف بالاقتباس من باب الكبر والادعاء أو من باب التهرب من سداد الحقوق المادية والفكرية لأصحابها. لكن طريقة "توزيع دم الضحية بين القبائل" التي يتبعها صناع الفيلم تكشف أيضاً أنهم لا يعرفون الفارق بين هذه الأفلام. صحيح أنه تجمعها فكرة "تصغير الناس"، ولكن كل فيلم يستخدم الفكرة بهدف مختلف. هذا الهدف قد يكون إثباتاً أن المرء ليس بحجمه، وأن الصغير يمكنه أن يتغلب على الكبار بذكائه وحسن استغلاله لصغر حجمه، أو ضرورة أن يتعاطف المرء مع الكائنات الصغيرة عندما يجرب أن يصبح مثلها، أو إظهار أن المرء سجين وجهة نظره والمنظور الذي يرى به الحياة. وفي قصص "الرجل النملة"Ant-Man مثلاً فإن القدرة على تصغير المرء لنفسه وتكبيرها هي قوة خارقة يحلم بها أي إنسان. أن يصغر الانسان ليصبح في حجم عقلة الأصبع أو النملة أمر قد يثير الخوف، ولكنه يمكن أيضاً أن يكون ميزة عظيمة. لكل من هذه القصص المختلفة سياق ومغزى درامي، بعضها جاد، وبعضها كوميدي، وفي كل الأحوال يجب أن يكون هناك دراما وحبكة منطقية وترابط بين فقرات وعناصر الفيلم. فما الذي يحاول أن يقوله فيلم «ديدو»، أو ما هي القصة التي تربط شخصياته وأحداثه؟

ديدو (كريم فهمي) لص محترف يلتقي بلصين خائبين (محمد ثروت وحمدي الميرغني) داخل فيلا مخترع (بيومي فؤاد) يقوم باختراع جهاز يصغر به الناس، وللمخترع ابنة جميلة صغيرة (هدى المفتي) تقع في حب اللص من أول نظرة، وقريب لهم يفقد الذاكرة كل دقيقة (أحمد فتحي)، ولكن الجميع، بداية بزوجة المخترع، ثم اللصوص الثلاثة وابنة المخترع، يتعرضون لأشعة الجهاز العبقري ويصبحون في حجم النملة. ومن العجيب أن الجهاز يقوم أيضاً، على الماشي، بتحويل الدمى التي تتعرض للأشعة لكائنات حية تتكلم وتتحرك -نسي صناع الفيلم هنا الإشارة إلى سلسلة أفلامToy Story - وبينما يريد البشر المنكمشون أن يعودوا لطبيعتهم تريد الدمى أن تظل على وضعها الجديد، ثم يعثر المخترع على طريقة إعادة «المسخوطين» لطبيعتهم، ويتزوج اللص ابنة المخترع ويصبح الجميع سعداء. داخل هذا الخط البسيط حد السذاجة، هناك مواقف كثيرة كوميدية، ولكن ألطفها لا علاقة له بالقصة وهو المحاكاة الساخرة لأفلام وممثلين قدامى مثل كرم مطاوع في «المنسي» عادل إمام في «اللعب مع الكبار»، «شورت وفانلة وكاب»، أو تحول اللعب الصينية لشخصيات الخارقين وباربي إلى شخصيات سوقية وشعبية، بما أنها دمى صينية رخيصة، وكذلك ظهور بعض ضيوف الشرف في مشهد أو اثنين مثل سمير صبري والثلاثي أحمد فهمي وشيكو وهشام ماجد وحمادة هلال وأكرم حسني، ويحسب للفيلم طبعاً وجود كل هذا الكم من النجوم كضيوف شرف، غير أن وجودهم غير موظف جيداً باستثناء سمير صبري وحمادة هلال.

هناك شخصيات كثيرة في فيلم «ديدو»، ليس مفهوماً سبب لقائها وماذا يفعلون بوجودهم معاً، فما سبب لقاء اللص بلصين آخرين، وما الدور الذي يلعبه أحمد فتحي، أو شخصية زوجة المخترع التي تتحول لنصف قرد لأنها كانت تمسك بدمية قرد عندما تعرضت للإشعاع (خاصية عرضية أخرى من خواص الجهاز العبقري). إذا حاولت أن تروي فيلم «ديدو» فلن تجد قصة أو تطوراً في الحبكة ناتجاً عن تصرف الشخصيات وبالطبع ليس هناك أي تطور في الشخصيات على مدار الفيلم أو تحول درامي يحدث لهم، وحتى الـ«غرافيك» متواضع الصنع، وكل ما هناك هو تبادل للعبارات المضحكة وبعض المشاهد الظريفة غير المترابطة.