الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

Space Jam:A New Legacy.. جمال التكنولوجيا ورعبها!

معظم الأطفال في أمريكا يحبون كرة السلة، وكثير منهم يحلم أن يصبح لاعباً مشهوراً في الدوري الأمريكي، ومعظم الأطفال في أمريكا والعالم يحبون أفلام التحريك، وألعاب الفيديو على الهواتف النقالة وأجهزة الكمبيوتر، وخلال السنوات القليلة القادمة سيصبحون غالباً مهووسين بألعاب "الواقع الافتراضي."

يلعب فيلم "سبيس جام: إرث جديد"Space Jam: A New Legacy الذي يحقق حالياً إيرادات هائلة على كل أنواع الهوس السابقة، فيأتي بأسطورة كرة السلة اللاعب ليبرون جيمس ليؤدي شخصيته الحقيقية، وبأبطال التحريك المشاهير "لوني تونز"Looney Tunes وعلى رأسهم الأرنب «باجز باني»، وينظم بينهم مباراة كرة سلة افتراضية يصبح فيها اللاعبون داخل الفيلم وخارجه شخصيات افتراضية داخل اللعبة.

لا عجب إذن أن يحقق الفيلم هذا النجاح الكبير بين أطفال العالم، وأيضاً بين الكبار الذين كانوا أطفالاً عندما ظهر فيلم «سبيس جام» الأول منذ 25 عاماً، من بطولة أسطورة كرة السلة آنذاك مايكل جوردان وفريق «لوني تونز» الذين كانوا لا يزالون رسوماً متحركة ترسم باليد، وليس شخصيات رقمية مصنعة بواسطة الكمبيوتر كما هي الحال اليوم.

"سبيس جام: إرث جديد «هو أيضاً تمهيد أو بروفة لمستقبل السينما المحتمل، حيث يحل الواقع الافتراضي والقصص التفاعلية التي يشارك المشاهد في تمثيلها، وتدرك شركات السينما العملاقة هذه الحقيقة المقلقة، وتحاول أن تستعد لها بأنواع من العروض تتجاوز شكل السينما التقليدي، وربما يكون العرض الذي أقيم في عالم وارنر برازرز أبوظبي «قبل بدء عرض» سبيس جام السينمائي، مثالاً حياً على بعض أشكال الترفيه المستقبلية.

"وارنر برازرز" واحدة من أقدم وأهم شركات هوليوود، قدمت عشرات وعشرات من روائع السينما الأمريكية، ولكن عليها اليوم، مثل بقية الشركات، أن تراجع نفسها، وتضع في اعتبارها التغيرات الهائلة التي تحدث في مجال التكنولوجيا ومنصات الترفيه والمشاهدة المختلفة.

هذا ما يخبرنا به فيلم «سبيس جام: إرث جديد»، إذ يصحبنا إلى استديوهات «وارنر» ليظهر لنا الكمبيوتر العملاق الذي تجرى عليه تجارب «الواقع الافتراضي» والذكاء الصناعي، من خلال شخصية الخوارزمية المسماة بـ«أيه آي- جي» والتي يؤديها النجم دون شيل، الذي يحاول أن يقنع بطل السلة بالتحول إلى شخصية افتراضية في لعبة مربحة تحقق الملايين، وفي الوقت نفسه يصحبنا الفيلم، مع بطل السلة وابنه دوم (يؤدي الدور كريس ديفيز)، في رحلة إلى عالم «وارنر» وأفلامها الكلاسيكية الشهيرة، مثل سلسلة الأبطال الخارقين DC باتمان وسوبرمان و«وندرومان» وغيرهم، و«هاري بوتر» و«ماتريكس» و«لعبة العروش» وصولاً إلى "كازابلانكا"!

منذ ربع قرن حاول فيلم «سبيس جام» أن يصالح بين الرياضة البدنية والرسوم المتحركة، وأن يقنع الأطفال بضرورة تنمية أجسامهم وخيالهم معاً. الآن يبدو هذا المطلب مُلحاً أكثر من أي وقت مضى، فمعظم الأطفال، مثل ابن ليبرون جيمس في الفيلم، يقضون جل أوقاتهم أمام الأجهزة الإلكترونية، ويكرهون ممارسة الرياضة أو أي نشاط بدني مفيد.

أهم شخصية في فيلم «سبيس جام: إرث جديد» هي الخوارزمية «أيه آي- جي» رغم أنها غير بشرية!

في أحد المشاهد يبين «أيه آي جي» لدوم إمكاناته المذهلة، ومنها القدرة على التسلل داخل أي هاتف نقال في العالم، ومع حماس وانبهار الطفل «المخدوع»، يحذره «أيه آي جي» من عدم استغلال ذلك للتنصت والتلصص على الحياة الشخصية للآخرين. لكنه يلقي بالتحذير عرضاً، كما لو كان نوعاً من أداء الواجب، دون اقتناع ودون أن يصدق أن دون يمكن أن يلتزم بالتحذير.

أيه آي جي، أو التكنولوجيا الحديثة، شيء مبهر، جذاب ومغرٍ، ولا يمكن مقاومته، ولكنه شرير: فهدفه في النهاية هو تحويل البشر جميعاً إلى مدمنين للتكنولوجيا، يعيشون داخل الواقع الافتراضي، متخلين عن الحياة نفسها. وهي فرضية تعيدنا إلى فكرة ثلاثية أفلام الماتريكس التي مر عليها حوالي عقدين.

بمرور الوقت يكتشف ليبرون جيمس، ثم ابنه دوم، أن «أيه آي جي» يريد الاستحواذ على أجسادهم وأرواحهم، ويتحول دون شيدل بالفعل إلى شخصية خارقة تشبه الشيطان مفيستوفليس في مسرحية «فاوست»، الذي أقنع العالم الجليل ببيع روحه مقابل متع وملذات الحياة.

بالرغم من انحياز «سبيس جام» للتكنولوجيا، وضرورة مواكبة العصر، لكنه لا ينسى أن يذكر مشاهديه بأن الحياة جميلة وأن لأجسادنا علينا حقوقاً، وأن الإفراط في التعلق بالتكنولوجيا وعبادتها هو نوع من بيع النفس للشيطان!

بعد الاستمتاع بـ«سبيس جام: إرث جديد» في المسرح أو في السينما، ينبغي أن يتذكر المشاهد أن يعود للحياة، وهذا هو الدرس الأكثر أهمية الذي يخبرنا به "سبيس جام".