عديدة هي الأعمال التي قدمت حياة كل من الناشط السياسي مالكوم إكس وأسطورة الملاكمة محمد علي كلاي، وخلال العام الماضي أصدرت منصة «نتفليكس» برنامجاً وثائقياً مسلسلاً بعنوان «من قتل مالكوم إكس»، كما ظهر فيلم «ليلة في ميامي» إخراج ريجينا كينج، الذي يروي الوقائع المتخيلة لليلة الحاسمة التي قرر فيها كلاي أن يتخلى عن مالكوم إكس، بدافع الولاء لعدوه إيليجيا محمد، زعيم منظمة "أمة الإسلام".
في الفيلم الوثائقي الجديد أخوة الدم: مأساة محمد علي ومالكوم إكس"Blood Brothers: The tragedy of Muhammad Ali and Malcolm X يحفر المخرج ماركوس أ. كلارك في طبقات التاريخ بشكل أعمق، ليرسم صورة أوضح للعلاقة بين إكس وعلي.
وصلت علاقة الراحلين لذروتها بزيارة مالكوم إكس، السياسي الذي لا يهتم بالرياضة، لحضور بطولة العالم في الملاكمة في الوزن الثقيل لعام 1964، وتشجيع محمد علي كلاي، بل وزيارته في الكواليس والصلاة معه قبل المباراة، لتشجيعه ودعمه، ليفوز كلاي بأول بطولة عالم له، ثم ذهابهم للاحتفال في أحد الفنادق في ميامي.
كما يرصد الفيلم انحدار هذه العلاقة لدرجة أن كلاي، أثناء زيارة إلى غانا في أفريقيا، بعد احتفال ميامي بشهور قليلة، يلتقي مصادفة بمالكوم إكس، فيتجاهله، بل يرفض أن يرد تحيته، حرصاً منه على عدم إغضاب إيليجيا محمد.
وتتجسد المأساة عندما يدلي بتصريحات ضد صديقه وأستاذه، وحضوره لمؤتمر منظمة «أمة الإسلام» عقب اغتيال مالكوم إكس 1965، ليصفق ويهتف وراء إيليجيا محمد وهو يهين ذكرى مالكوم إكس.
فيما بعد سيتبين محمد علي أن بعض أعضاء «أمة الاسلام» هم الذين اغتالوا مالكوم إكس، وأن الاتهامات التي وجهها إكس للمنظمة وقائدها كانت كلها صحيحة، وسيكتشف أنه كان على خطأ بين، ويندم ندماً شديداً لتخليه عن صديقه وأستاذه، ويذهب لعائلته ليعتذر لهم، ويساندهم في محنتهم.
لا يكتفي الفيلم بالحديث عن صداقة محمد علي وإكس، متى نشأت وكيف تطورت، ولكنه يضعها في السياق العام لحياة الاثنين، والتشابهات التي جمعت بينهما كمناضلين عن حقوق السود، و«الكاريزما» الساحرة التي منحها القدر لكليهما، والصراعات التي كان على كل منهما أن يخوضها في حياته الشخصية والعامة ليصل إلى ما وصل إليه من شعبية وتأثير.. باختصار، وعلى حد وصف إلياشا الشاباز، ابنة مالكوم إكس، هذا القدر الذي جمعهما، ووحدهما، وجعل منهما أخوين في الدم!
يعقد الفيلم لقاءات مع شقيق محمد علي وابنته وبنات مالكوم إكس، وشاهدي عيان من الأطراف المختلفة، ومؤرخين، ووثائق من المباحث الفيدرالية والمخابرات، كما يعتمد على أرشيف صور وفيديو نادر لحياة الاثنين وعلاقتهما.
الفيلم الذي بدأ بثه على منصة «نتفليكس» الأسبوع الماضي من إنتاج شركتي «بلاكيش» و«كينياباريز» يعتمد على كتاب بعنوان" أخوة الدم: العلاقة القاتلة بين محمد علي ومالكوم إكس" Blood Brothers: The Fatal Friendship Between Muhammed Ali and Malcom X من تأليف راندي روبرتس وجوني سميث، اللذين يظهران في الفيلم أيضا للإدلاء بشهادتيهما عن الأبحاث التي أجرياها خلال إعدادهما للكتاب.
الكتاب يحتوي على عشرات الوثائق والشهادات والتواريخ والصور وقصاصات الصحف، ولكن الفيلم يتجاوز هذه المعلومات المجردة ليصل إلى القلب.