السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

كيف تصبح طاغية على طريقة هتلر في 6 حلقات!

كيف تصبح طاغية على طريقة هتلر في 6 حلقات!

شعرة بين الهزل والمأساة يسير عليها المسلسل الوثائقي «كيف تصبح طاغية» How to Become a Tyrant الذي بدأت في عرضه منصة «نتفليكس» مؤخراً، والذي يستعرض سياسات وجرائم عدد من أشهر طغاة القرن العشرين مثل أدولف هتلر وموسوليني وستالين، بشكل يمزج بين المعلومات الموثقة وأسلوب السرد الكوميدي المستلهم من كتب التنمية البشرية.

المسلسل الذي أنتجه كل من جوناه بيكور وجوناس بيل باشت، يتكون من 6 حلقات يعتمد على كتاب بعنوان «دليل الديكتاتور» تأليف بروس بيونو دي ميسكيتا وألاستير سميث، صدر في 2011 يلخص للشباب بشاعة الاستبداد والمستبدين على شكل «دليل عملي لمن يرغب في أن يصبح حاكماً مستبداً!».





كثيرة هي الأفلام والمسلسلات الوثائقية التي صنعت عن الطغاة، بشكل عام، أو ركزت على أحدهم بشكل خاص، ولكن المختلف في هذا المسلسل هو القالب الذي تصاغ فيه المادة، ورغم أنه لا يحتوي على أسرار أو معلومات جديدة، لكنه بمثابة توعية للشباب الذين لا يعرفون الكثير عن هؤلاء الطغاة، وتذكرة للكبار حتى لا ينسوا.

تحمل الحلقات عناوين «إرشادية» على شكل نصائح وهي بالترتيب: «استول على السلطة»، «تخلص من منافسيك»، «احكم بإثارة الخوف»، «تحكم في الحقائق»، «اصنع مجتمعاً جديداً» و«احكم إلى الأبد».



كل حلقة تركز على ديكتاتور بعينه، مع إشارات إلى بعض الطغاة الآخرين. تركز الحلقة الأولى على الكيفية التي استولى بها أدولف هتلر على الحكم في ألمانيا، بينما حلقة أخرى على الكيفية التي أثار بها الرئيس الأوغندي الأسبق عيدي أمين الرعب في قلوب شعبه، بينما تركز الرابعة على أسلوب جوزيف ستالين في الكذب وإخفاء الحقائق مع التأكيد على أن أكاذيبه هي الحقيقة الوحيدة. بينما تركز الحلقة الأخيرة على كيفية التمسك بالحكم على طريقة كيم إيل سونج في كوريا الشمالية!



يعتمد المسلسل على أسلوب الراوي الذي يشرح ويعلق على ما نراه من صور وما نسمعه من ألسنة الطغاة والمقربين منهم والخبراء السياسيين الذين يستضيفهم المسلسل لإبداء آرائهم، ومن الطريف أن الراوي هو الممثل بيتر دانكلاج، أحد أبطال المسلسل الشهير «لعبة العروش» (الذي لعب دور الأمير القزم تيريون لانستر)، والمعروف بصوته العريض الفخيم، ذي النبرة الساخرة.

بجانب المواد الأرشيفية القيمة، وذكريات الذين عاصروا بعض هؤلاء الطغاة، وآراء الخبراء، وسرد دانكلاج، يستخدم صناع المسلسل أيضاً بعض الرسوم المتحركة animation لتصوير بعض الأحداث والحوادث التي لا توجد لها مواد مصورة، ولتقوية الطابع الترفيهي الساخر على العمل.



هذا الجانب الترفيهي يهدد المسلسل الذي يتناول قضية جادة جداً، وتفاصيل مأساوية ومؤلمة أحياناً، بأن يفقد تأثيره أو يوحي بغلظة إحساس صناعه ولا مبالاتهم بالجرائم الوحشية التي ارتكبها هؤلاء الطغاة وأدت إلى موت وتعذيب واعتقال الملايين، وتخريب بلادا بأكملها ونهب ثرواتها وإفقار شعوبها. ولكن يبدو أن صناع العمل كانوا مدركين لهذا الخطر، ولذلك يسيرون بحذر شديد حتى لا تتحول السخرية إلى نكتة أو تتحول ابتسامة المشاهد إلى ضحكة، وقد نجحوا في ذلك إلى حد كبير، كما لو أنهم كانوا يرغبون في تجسيد معنى المثل الشعبي المعروف: «شر البلية ما يضحك»!

مسلسل «كيف تصبح ديكتاتوراً» مهم ومفيد للغاية في قدرته على تكثيف وتلخيص الكيفية التي تعمل بها عقول الطغاة وأنظمتهم، ويحمل دروساً كثيرة في ضرورة مقاومة هؤلاء الطغاة وردعهم، وإن أمكن منعهم من الوصول للحكم، قبل أن يسبق السيف العزل، وحيث لا ينفع الندم أو البكاء على اللبن المسكوب!