السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

من «جيش اللصوص» إلى «إشارة حمراء».. بطولات فتح الخزائن تجذب جمهور «الفن السابع»

الكثير يقال عن سبب هوس جماهير اليوم بدراما السطو على البنوك والخزائن والكنوز القديمة المختبئة، ولكن الملحوظة التي يمكن تتبعها في الأعمال الحديثة هو أن دوافع السرقة ليست دائماً الحاجة إلى المال أو الحلم بالثراء الفاحش، ولكن «تحقيق البطولات» في النهب والسرقة.

هذه الفكرة التي لعب عليها بوضوح مسلسل La casa de papel بأجزائه الخمسة (النصف الثاني من الجزء الأخير يعرض الشهر المقبل)، حيث لم تكتفِ العصابة بسرقة المليارات من مصلحة سك العملة والهروب بها ولكنهم شعروا بالملل من حياة الرفاهية واللاعمل فقرروا أن يعودوا ثانية، أو ثالثة، لتنفيذ عملية سرقة أكبر للبنك المركزي الإسباني.

لطالما أضفت الدراما صفات البطولة والنبل على اللصوص، ولكن الجديد ربما هو أن هؤلاء اللصوص ليسوا مشغولين بالمال أو الكنز في حد ذاته، ولكنهم يتعاملون مع السرقة كما لو كانت رياضة لسباق السيارات أو السباحة يريدون أن يحققوا فيها أرقاماً قياسية عالمية!

ثلاثة من الأفلام الحديثة المعروضة على منصة «نتفليكس» تتناول هذه الفكرة بأشكال مختلفة، وهي «جيش الموتى»، «جيش اللصوص» و"إشارة حمراء".



جيش الموتى



يدور فيلم جيش الموت Army of the Dead الذي أخرجه زاك سنايدر ولعب بطولته شفايجهوفر وعرض في منتصف العام، حول عصابة تقوم بمحاولة سرقة 200 مليون دولار من خزانة محكمة الغلق في فندق يجتاحه الموتى الأحياء (الزومبي) في مدينة لاس فيجاس الأمريكية.

«جيش الموتى» عرض أولاً في دور العرض السينمائي في مايو الماضي (2021)، حيث حقق مليون دولار خلال 10 أيام من عرضه، وهو أعلى إيراد يحققه فيلم من إنتاج «نتفليكس» في دور العرض السينمائي، علماً بأن ميزانية الفيلم تكلفت ما يزيد على 70 مليون دولار.

ومن المعروف أن «نتفليكس» لا تعتمد على إيرادات دور العرض، ولكن على اشتراكات المشاهدين ونسبة من مقابل بث الإنترنت، وقد حقق «جيش الموتى» نسبة مشاهدات هائلة على المنصة حسب مقياس المشاهدة الحالي ( الذي يحصي زمن المشاهدة وليس فقط عدد مرات العرض)، فقد حقق الفيلم ما يقرب من 190 مليون ساعة مشاهدة!

جيش اللصوص



على الرغم من أن الفيلم الثاني «جيش اللصوص» يستغل نجاح «جيش الموتى»، حيث لم يصل لمستواه من التشويق والإثارة، إلا أنه حقق أيضاً نجاحاً ونسبة مشاهدات مرتفعة على «نتفليكس» حيث احتل المركز الأول في أكثر من 90 دولة لعدة أسابيع محققاً ما يقرب من 150 مليون ساعة مشاهدة خلال 4 أسابيع.

يدور «جيش اللصوص» حول سباستيان، وهو موظف بنك وحيد ومسالم، لكن هوايته المفضلة هي فتح الخزائن المعقدة، وهو يقوم ببث بعض الفيديوهات حول أشهر الخزائن وطرق فتحها، ويحلم بفتح أصعب مجموعة خزائن في العالم قام بتصميمها صانع خزائن ألماني مستلهماً فيها أوبرات الموسيقار الألماني الشهير ريتشارد فاجنر المقتبسة بدورها عن ملحمة «نيبولنجن» الأسطورية.

تتوالى الأخبار عن هجمات تتعرض لها أمريكا من قبل جيش الموتى، الزومبي، في الوقت الذي تقوم فيه فتاة جميلة سمراء (تلعب دورها ناتالي إيمانويل) باستدراج سباستيان وتجنيده في عصابة هدفها فتح خزائن فاجنر الأربعة المتناثرة في أنحاء العالم، والتي تحتوي على مئات الملايين من اليوروهات والكنوز الأخرى.

تنجح العصابة في فتح وسرقة 3 من الخزانات الأربعة، قبل أن تؤدي الخيانات بينهم ومطاردة الشرطة إلى اعتقالهم، ولكن ينجو سباستيان (الذي يحول اسمه إلى لودفيج ديتر)، ويذهب إلى أمريكا، حيث يلتقي لأول مرة مع شخصيات فيلم "جيش الموتى".

إشارة حمراء



في حبكة مشابهة تدور أحداث فيلم "إشارة حمراء" Red Notice، إخراج روسون مارشال ثوربر وبطولة دواين جونسون، رايان رينولدز وجال جادوت، حول لص «عالمي» يطارده محقق من المباحث الفيدرالية، توقع بهما لصة «عالمية»، ثم يتعاون الثلاثة لسرقة كنز أثري قديم عبارة عن 3 بيضات ذهبية كانت تملكها الملكة كليوباترا.

مثل «جيش الموتى» و«جيش اللصوص» يستخدم «إشارة حمراء» بعض الأساطير التاريخية المتعلقة بكنوز الماضي المختبئة لصياغة قصص خيالية (خزانات ملحمة فاجنر، وبيضات كليوباترا). كذلك يعتمد الفيلمان على الأحداث التي تدور في عدة مدن عالمية، ومشاهد المطاردات والمعارك التي لا يصدقها عقل، وأيضاً لعبة الخيانات والهويات المزدوجة للشخصيات، التي تتعارض أيضاً مع أبسط قواعد المنطق. ولكن في الأكشن ودراما السطو على البنوك والخزائن، لا مجال للعقل أو المنطق.

ويكفي أن نذكر أن الشخصيات في هذه الأفلام تدخل معارك دموية تستخدم فيها الأسلحة الثقيلة والمدافع والطائرات وتتهشم فيها عشرات السيارات والمباني، ثم يتضح أنها كانت تمثيلية يقوم بها الأبطال لخداع بعضهم البعض!

يبدو أن ألعاب الفيديو أفقدت جيل المشاهدين الجديد إحساسه بالواقع، وزينت له أن القتل والسطو مجرد مغامرات مسلية مثيرة.