الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

تصدر الإيرادات وأثار الخلافات.. أحمد حلمي.. «واحد تاني»!

بعد فترة صيام امتدت طوال شهر رمضان وعدة أسابيع قبله، استعادت السينما المصرية عافيتها مع بدء موسم العيد، بثلاثة أفلام جديدة وإقبال جماهيري ملحوظ، حيث شهدت دور العرض زحاماً من مختلف الطبقات لم تشهده منذ عدة سنوات. وحققت الأفلام الثلاثة خلال ثلاثة أيام العيد (من الاثنين 2 مايو إلى الأربعاء 4 مايو) ما يقرب من 14 مليون جنيه.

حصد فيلم «واحد تاني» بطولة أحمد حلمي وإخراج محمد شاكر خضير نصف هذه الإيرادات تقريباً، فيما تقاسم بقيتها الفيلمان الآخران، وهما «العنكبوت» بطولة أحمد السقا ومنى زكي وإخراج أحمد نادر جلال، و«زومبي» بطولة على ربيع وإخراج عمرو صلاح.



أعراض جانبية

يعود أحمد حلمي بفيلم «واحد تاني» إلى السينما بعد ثلاث سنوات على آخر فيلم لعب بطولته وهو «خيال مآتة» الذي حقق نجاحاً متوسطاً لم يزد على 38.5 مليون جنيه، وكانت الملاحظة الأكثر انتشاراً من قبل جمهور حلمي هي أن الفيلم ليس مضحكاً بالقدر الكافي.

هذه الملحوظة، غالباً، لعبت دوراً كبيراً في اختيار سيناريو «واحد تاني» والشكل الذي خرج به، حيث يحاول أحمد حلمي وكاتب السيناريو هيثم دبور أن يحقنا الفيلم بجرعة كبيرة من الضحك، زادت عن الحد أحيانا وأدت إلى بعض الأعراض الجانبية المزعجة. والطريف أن قصة الفيلم تدور حول شاب محبط يستخدم «دواء» طبياً، أو سحرياً، يعيد إليه الحماس والشغف والفحولة، ولكنه يتسبب في بعض الأعراض الجانبية السيئة!

يركز «واحد تاني» على الإضحاك، وينجح في ذلك إلى حد كبير، ولكن من يشاهد الفيلم سيفهم السبب في حصوله على تصنيف رقابي لمن هم فوق 12 سنة، وهذا أول عمل لأحمد حلمي، الذي اشتهر من خلال برامجه مع الأطفال وأفلامه الموجهة لكل أفراد الأسرة، يحصل على هذا التصنيف.

ومن يشاهد الفيلم سيفهم أيضاً سبب الجدل الذي يثيره على مواقع التواصل الاجتماعي بين من يرون أنه كوميدي جداً، ومن يرون أنه تجاوز الحدود وأفرط في استخدام الإيحاءات «الخارجة».





انحياز ذكوري

من حق حلمي، بالطبع، أن يصنع فيلماً للبالغين فقط، وليس مطلوباً أن تكون كل الأفلام مناسبة للأطفال، وطالما أن التصنيف الرقابي مطبوع على الفيلم فليس من المنطقي أن نتهمه بأنه غير مناسب للأسرة!

لكن مشكلة «واحد تاني» فنية، وليست رقابية، فهو يلعب تقريباً على نكتتَين يتيمتَين تتعلقان بالمنطقتَين السفليَين من الجسد، ولا تجاوزهما إلى أبعد من ذلك.

ورغم أن «الدواء» السحري، كما يذكر في بداية الفيلم، تعيد للمرء شغفه بالحياة وقدرته على الإبداع، إلا أن الفيلم يركز فقط على تأثيرها على الفحولة والقوة البدنية.

ويبدو أنها «لبوسة» مخصصة للرجال فقط، إذ لا يحاول صناع الفيلم أن يستكشفوا أو يسألوا عن تأثيرها على النساء، وهو أمر غريب، ليس فقط لأنه يكشف عن انحياز ذكوري كامن، ولكن لأنه كان يمكن أن ينقل الفيلم إلى منطقة أغنى، خاصة وأن بطلة الفيلم هي روبي، المعروفة بأنوثتها الطاغية!

يدور «واحد تاني» في دائرة واحدة، ضيقة، يستهلكها بنجاح لبعض الوقت، ولكن لا يستطيع تجاوزها، وهو ما ينم عن كسل إبداعي ويؤدي إلى إهدار فرصة جيدة لمعالجة فكرة جديدة نسبياً، تحمل الكثير من الإمكانيات.



أحمد متحيِّر

تلعب معظم أفلام أحمد حلمي على فكرة الشخصية المنقسمة على نفسها، سواء من خلال لعبه عدة شخصيات متناقضة الطباع كما في فيلم «كده رضا» و«خيال مآتة»، أو لشخصية واحدة تعاني من الفصام وانشطار الهوية كما في «آسف على الازعاج» و«إكس لارج»، أو ببساطة لشخصية رجل لا يعلم أي نوع من النساء يريد كما في «بلبل حيران» و«لف ودوران». وهذه الأفكار الثلاثة تتردد في «واحد تاني»، حيث تنقسم شخصية بطل الفيلم إلى شخصيتَين على طرف النقيض هما مصطفى وإكس. مصطفى مهذب وخجول وانطوائي، وإكس وقح وجريء ومنفتح. الأول يسعى لحب رومانتيكي مع زميلة دراسته المحافظة (روبي) والثاني لا يفكر سوى في الزواج ويدخل في علاقة مع الممرضة المتحررة (نسرين أمين).

وبسبب «الدواء» السحري يتبادل كل من مصطفى وإكس حياة واحدة، يوم يظهر مصطفى ويختفي إكس، ويوم يظهر إكس ويختفي مصطفى. وفي الحالتَين ليس للنساء وجود مستقل أو حياة سوى محاولة فهم وتقبل تحولات السيد مصطفى إكس.



يبدأ «واحد تاني» بمناقشة فكرة الصدأ الذي يتركه الزمن على أحلام الشباب، ويحولهم إلى رجال متوسطي العمر محبطين، ولكن سرعان ما ينساها ويركز على انتقال مصطفى إكس المكوكي بين الشخصيتَين المتناقضتَين وتأثير ذلك على علاقته بالنساء. ورغم أن مهنة مصطفى اختصاصي نفسي يعمل مع السجناء كان يمكن أن تسفر عن عشرات القصص والمواقف الطريفة، إلا أن الفيلم لا يجيد استغلالها، بل يجعل بطله يعمل في شركة دعاية وتسويق لا يجيد الفيلم أيضاً استغلالها لنسج حكايات مثيرة ومضحكة، بدلاً من اللف والدوران في نكتة ومنطقة واحدة.