الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

بالفيديو: القلوب تبكي «طبيب الغلابة» قبل العيون.. وشقيقه وأبناؤه لـ«الرؤية»: مشالي لم يمت بكورونا ونبحث كيفية استمرار مسيرته الخيرية

حرمت الإجراءات الاحترازية من فيروس كورونا الآلاف من المصريين من حضور جنازة «طبيب الغلابة» د. محمد مشالي المعروف، حيث اقتصرت الجنازة على الأهل ومعزين من المدينة التي خدمها لسنوات، بعد أن وافته المنية فجر اليوم عن عمر ناهز السادسة والسبعين قضاها في علاج الفقراء بأجر رمزي لم يزد على 10 جنيهات.





ومحمد مشالي طبيب مصري من مواليد محافظة البحيرة، إلا أنه انتقل مع والده إلى مدينة طنطا، والتحق بكلية طب قصر العيني، وجرى تعيينه بالوحدات الريفية، إلى أن افتتح عيادته في عام 1975 بطنطا، والتي لم يرتفع كشفها عن 10 جنيهات، كما يقدم الأدوية مجاناً لغير القادرين.

وكان السبب كما روى هو في آخر ظهور إعلامي له في برنامج «اطمأن قلبي» استقباله لطفل أشعل النار في جسده نتيجة عجز والدته عن توفير حقنة أنسولين له، حيث كان يعاني من مرض السكري، حيث قالت له والدته إذا اشتريت لك حقنة الأنسولين فلن أجد المال لإطعام إخوتك، وهو ما دفعه لإشعال النيران في جسده ليتوفى على إثر ذلك، الأمر الذي غير من مسار حياة مشالي ليهب حياته لمساعدة الفقراء.



رفض التبرعات

ويقول المهندس هيثم مشالي نجل الطبيب الراحل لـ«الرؤية» إن حادث هذا الطفل زلزل كيان أبيه، وظل في ذاكرته رغم السنين الطويلة التي عاشها بعدها، وكان يذكره في كل حديث له، وقد كانت المرة الأخيرة قبل وفاته بشهر واحد.

ورفض مشالي في حياته العديد من التبرعات، وكان آخرها تبرع مقدم برنامج «اطمأن قلبي» «غيث» الذي عرض شراء عيادة حديثة وتجهيزها إلا أنه رفض ذلك، وطلب توجيه هذه التبرعات لمؤسسات خيرية تعتني بالفقراء.



تكريم رمزي

ويقول أسامة مشالي شقيق طبيب الغلابة إن تصرف مشالي كان متوقعاً، فهو دائماً ما كان يرفض أي تبرعات لصالحه، وإنما يطالب بتوجيه التبرعات للفقراء، وإن أقصى تكريم يسعد الراحل هو تقديم كتاب وسماعة له فقط، كتاب ليقرأه وسماعة ليكشف بها على المرضى.

ونفى أسامة لـ«الرؤية» الشائعات التي ترددت حول رحيل طبيب الغلابة جراء فيروس كورونا، مشيراً إلى أن شقيقه كان في عمله لليوم قبل الأخير في حياته، وكانت صحته جيدة ولكنه مرض يوم الاثنين ولم يستطع الذهاب إلى العيادة للمرة الأولى في حياته، ليتوفى بعدها بعدة ساعات نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية.





استمرار المسيرة

وأشار إلى أن العائلة تبحث الآن في كيفية استمرار مسيرة مشالي مع الغلابة، خاصة أن العائلة تضم العديد من الأطباء وإن لم يكونوا أبناء المتوفى، مشدداً على أن عائلة مشالي معروفة منذ زمن طويل بمساعدة الفقراء.

وحتى الآن لم يحسم أمر المئات من مرضى الطبيب الذي توفي دون أن يكون له خليفة في عمله الخيري وخاصة أن أبناءه الثلاثة لم يستهوهم مجال الطب، وإنما عملوا بالهندسة.

ويقول هيثم مشالي إن العائلة لم تحسم حتى الآن أمر تشغيل العيادة من عدمه، مشيراً إلى أن توقف العيادة بهذه الصورة المفاجئة سيترك المئات من مرضى والده معلقين دون علاج، خاصة مع ارتفاع أسعار الكشف لـ10 أضعاف سعر الكشف لدى والده الراحل، إلا أنه أكد أن العائلة تبحث الآن وسيلة لاستكمال مسيرة طبيب الغلابة بعد وفاته المفاجئة.





وصية

وحول رفض مشالي للتبرعات، قال هيثم: إن والده كان يستقبل العديد من أغنياء الوطن العربي وخاصة من دول الخليج العربي ممن يريدون أن يقدموا له التبرعات تكريماً له على دوره في علاج الفقراء، إلا أنه كان يرفض ذلك، ويطلب فقط أن يلتفتوا هم للفقراء.

وأشار إلى أن والده أوصاهم جميعاً بالتواضع، فلم يشعر يوماً بأن ما يقدمه شيء استثنائي، وإنما واجب يؤديه للإنسانية وللفقراء، موضحاً أنه وإخوته تداولوا فيديو «ليطمئن قلبي» وهم يعرفون قبل مشاهدة النهاية أن والدهم سيرفض التبرع.





غيرة مهنية

ومنذ ظهور طبيب الغلابة إعلامياً مع الإعلامي محمود سعد ببرنامج «باب الخلق» ورغم ردود الفعل التي تحييه على عمله الإنساني، إلا أنه لاقى هجوماً من العديد من الأطباء الذين اعتبروا سلوكه مضراً بهم، وأنه يقدم النموذج الذي يريده المجتمع الذي يقدم مصلحة الجميع على حياته الشخصية مستدلين على ذلك بملابسه المتواضعة.

إلا أن نجله هيثم أكد أن والده لم يكن يهتم بسوشيال ميديا، وإذا عرف بالصدفة عن أي شخص يهاجمه لا يهتم لذلك لأنه يرى أن الطب رسالة قبل أن يكون مهنة للتربح.





الترفع عن المال

وأوضح هيثم أن والده كان يمكن أن يكسب الملايين من المؤتمرات الطبية، ووصف أدوية معينة لصالح شركات التوزيع إلا أنه كان يرفض ذلك، مشيراً إلى أنه وشقيقيه حاولوا أكثر من مرة مع والدهم لرفع ثمن الكشف وخاصة أن أصدقاءهم في المدرسة الذين التحقوا بالطب ولم يحصلوا على ربع خبرة والدهم كان كشفهم أضعاف ما يحصل عليه والدهم، إلا أنهم حين يبلغونه ذلك يقول إنه إذا أراد المال فيمكنه أن يحصل على الكثير منه، ولكنه يريد التجارة مع الله.





تكريم بالدموع

وحول تكريم الدولة للطبيب الراحل، قال هيثم إن والده كان لا يرى أنه يفعل شيئاً سوى التبرع بالمجهود، وأنه كان يرفض رفع ثمن الكشف بعد ارتفاع الأسعار، مشدداً على أن التكريم الحقيقي لوالده هي الدموع التي بكتها الأعين عليه بعد الإعلان عن وفاته.

ولفت إلى أن هناك غرفة في منزل والده تضم دروع التكريم التي حصل عليها من الدولة والنقابات والأندية في حياته.

وحرصت العائلة أثناء الجنازة على إجراءات التباعد الاجتماعي للاحتراز من فيروس كورونا، حيث منع السلام بالأيدي، كما تطوع أحد أفراد العائلة بتوزيع الكحول والكمامات على الحضور، واقتصر العزاء على المقابر.