الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

«من شارع الهرم إلى..» بانوراما اجتماعية ساخرة وقصيدة في مديح الأمومة

قبل أن يبدأ عرضه، أثار مسلسل «من شارع الهرم إلى..» الذي يعرض منذ بداية شهر رمضان على منصة Shahid VIP ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي بسبب اسمه ووجود شخصية راقصة مصرية من «شارع الهرم» بين بطلاته. وأشار في إعلانه التشويقي إلى أن قصته تدور حول قيام هذه الراقصة بدخول بيت أسرة كويتية ثرية وقلب البيت رأساً على عقب، ولكن يبدو أن الاتهامات كانت متعجلة، وأن العمل يختلف كثيراً عمّا روجه إعلانه التشويقي ومواقع التواصل التي كتبت عنه.

بعد مرور أكثر من 7 حلقات من العمل لم يزل دور الراقصة محدوداً، ولكن الحلقات الست الأولى تبدأ بـ«ومضة من المستقبل» falsh forward لصوت الراقصة بعد موتها الغامض، تروي بعض ما حدث لها في حياتها. فيما عدا ذلك تركز الحلقات على أفراد عائلة الدكتورة عبلة وأولادها الستة، وكلهم أطباء يعملون في المشفى الذي تملكه أمهم ويعيشون في بيتها الشبيه بالقصر، أربعة منهم متزوجون، والخامس مطلق على وشك الزواج من جديد، أما السادس فمتزوج سراً من طليقة أخيه.

الدكتورة عبلة ليست مجرد أم أو طبيبة كبيرة وسيدة أعمال، ولكنها راعية لكل أفراد العائلة التي تمزقها المشاكل والخيانات الزوجية، دونها تتحول حياة الأبناء والبنات والأحفاد إلى جحيم، ويستحيل أن تستمر.

يتسم سيناريو المسلسل الذي كتبته هبة مشاري حمادة، صاحبة الخبرة الطويلة والكثير من الأعمال المتميزة، بكثرة الخطوط الدرامية وامتلائه بالأحداث المتلاحقة التي يصعب أن تتجمع كلها في فترة زمنية واحدة ومكان واحد بهذا الشكل في الواقع. ولكن في عالم الدراما، التي تختزل المكان والزمان وتركز على الصراع والحركة والإيقاع، فإن هذا التكثيف الذي يصل لحد المبالغة يعطي لمسلسل «من شارع الهرم إلى..» قوة جذب وتشويقاً لا تملكها معظم المسلسلات الأخرى.

من شارع الهرم إلى.. نقد لاذع لعيوب المجتمع

يرسم المسلسل بانوراما عريضة لأنماط من الشخصيات والطبقات والفئات والجنسيات في مدينة الكويت، بنظرة واقعية ونقدية ساخرة، ولكن محبة ومليئة بالعطف والمرح. ومن خلال العرض الساخر لهذه النماذج، تصيغ هبة مشاري نقداً اجتماعياً لاذعاً لكثير من السلوكيات والعيوب الاجتماعية، التي يكون من الساذج للغاية أن نلصقها ببلد دون الأخرى، أو مجتمع بعينه، ولكنها منتشرة في كل مكان. وينجح المخرج المثنى صبح في إدارة كل هذه القصص والممثلين ببراعة شديدة وبقدر كبير ومتوازن من الاهتمام بهم جميعاً.

تلعب الممثلة الكبيرة هدى حسين شخصية الدكتورة عبلة بتمكن وصدق، سواء في حنانها وضعفها الشديد أمام أحفادها، أو قلقها وحزمها مع أبنائها، أو تعاملها مع كناتها، كل منهن بما تستحق من معاملة، بالعطف والتأييد حيناً أو باللوم والتقريع حيناً. ويتألق معظم الممثلين في أدوارهم: خالد البريكي، عبد المحسن القفاص، أحمد إيراج، محمد الرمضان، ناصر الدوسري وخالد الشاعر في شخصيات الأبناء الستة، ومرام البلوشي، لولوة الملا، ليلى عبدالله، فرح الصواف ونور الشيخ في أدوار الزوجات، بجانب نور الغندور التي تؤدي دور الراقصة كريمة، وتربط بينهم جميعاً كيمياء نادرة في مثل هذه الأعمال التي تضم عدداً كبيراً من الشخصيات. ويبدو أن إنتاج العمل وتصويره كان يسوده جو من التفاهم والحب المتبادل.

يروى العمل من خلال أصوات عدة، أولها صوت شبح كريمة، وأحياناً صوت الخادمة الهندية التي تعيش مع أبنائها وأحفادها في الدور العلوي لقصر الدكتورة عبلة، ولكن الفلك المركزي الذي تدور حوله الشخصيات والأحداث هو الدكتورة عبلة، التي قد لا تخلو من العيوب هي أيضاً، وعلى رأسها الميل إلى التغاضي والتجاهل للأخطاء حفاظاً على العائلة، ولكنها أيضاً تمثل الأمومة الحاضنة والحامية، والتي يمكن أن تنهار العائلة كلها بدونها، وذلك في مقابل شخصيات الرجال الذين يعانون من ضعف الطباع والأخلاق بشكل عام.