الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

«شغل في العالي»: الاحتيال «الحلال» على طريقة الرجل الذي باع برج إيفل!

هناك عشرات المسلسلات التي عرضت في موسم رمضان لم يشعر الناس بوجودها لأسباب لا تتعلق كلها بمستوى هذه الأعمال، ولكن ربما لقلة الدعاية أو القنوات العارضة أو أسماء الممثلين المشاركين فيها، أو لمجرد أنها نسيت وسط الزحام.

من هذه الأعمال مسلسل «شغل عالي»، أو «شغل في العالي» (بعد أن اضطر صناعه لتغيير اسمه تجنباً لانتهاك حقوق الملكية حيث يوجد برنامج تلفزيوني بعنوان «شغل عالي» والذي تلعب بطولته فيفي عبده وشيرين رضا وأخرجه مرقس عادل عن سيناريو حسين مصطفى محرم، ويعرض على منصة Viu وفضائيتي «النهار» و«أبو ظبي».

مثل عشرات الأعمال الأجنبية والمحلية، ولعل آخرها كان المسلسل الناجح «بـ100 وش» يدور «شغل في العالي» حول نصابتين قامتا بتشكيل عصابة منظمة للاحتيال. ولكنهما هنا تحتالان فقط على الرجال الذين يخدعون أو يخونون زوجاتهن أو المتحرشين. وهما تفعلان ذلك انتقاماً من هذه النوعية من الرجال، بعد أن تعرضت كل منهما للخداع والخيانة وسلب ممتلكاتها على يد زوجها.

ذات ليلة تلتقي جليلة (فيفي عبده)، بنت البلد الشعبية، بسيدة أرستقراطية جميلة تدعى شيرويت (شيرين رضا)، توشك على الانتحار بإلقاء نفسها في النيل، فتنقذها، وتتصادقان، وتقرران الانتقام من الرجال المخادعين والخونة عن طريق الاحتيال المنظم، ولكن، كما يؤكد المسلسل ويصر طوال الوقت «بالحلال»، ودون ارتكاب أي عنف أو سرقة بالإكراه أو أي عمل «مخالف للقانون». وتتخذ الاثنتان مثالاً لهما في الحياة المحتال النمساوي الشهير الكونت فيكتور لوستيج، المعروف بأنه الرجل الذي باع برج إيفل، مرتين!

جليلة وشيرويت مبنى ضخم قامتا بتحويله إلى شركة، يعمل بها عدد من الشباب والفتيات، كواجهة لعمليات النصب، وإحياءً لذكرى المحتال الأكبر، أطلقتا على قاعة الاجتماعات الكبرى بالشركة اسم «فيكتور لوستيج»!

يستعرض المسلسل، بطريقة كوميدية وإخراج «مرح»، على طريقة «بـ100 وش» و«لا كازا دي بابل» وسلسلة أفلام «أوشن»، عمليات الاحتيال «الحلال» التي تقوم بها جليلة وشيرويت وتلميذاتها من الفتيات الجميلات المثيرات، لإغواء الرجال والاستيلاء على أموالهم، ويشارك في العمل عدد من النجوم كضيوف شرف، منهم بيومي فؤاد، محمد رضوان، نضال الشافعي، فراس سعيد، صبري عبدالمنعم، أحمد حسام (ميدو)، سليمان عيد، تامر حبيب، بجانب توني ماهر وكريم سرور وهيثم سعيد ونخبة من الفتيات الجميلات: ساندي مراد، بسمة داود، رشا بن معاوية، أمينة مغربي، مارتينا عادل، بسنت النبراوي، عزة مجاهد، وميرال شفيق. وتملك فيفي عبده وشيرين رضا حضوراً وكاريزما بالرغم من قدراتهما التمثيلية المحدودة، وهناك كيمياء خاصة تسري بينهما.

مشكلة السيناريو أنه يتكون من مواقف منفصلة يمكن ترتيبها بشكل مختلف، أو الاستغناء عن أحدها أو إضافة آخر، دون أن يؤثر ذلك على السيناريو، والرابط الوحيد بين الأحداث يظهر متأخراً عندما يقوم أحد المحققين (أحمد عبدالله محمود) بالشك في تحركات جليلة وشيرويت ويبدأ في تعقبهما.

يقدم المسلسل نفسه كصرخة «نسوية» ضد الرجال متعددي العلاقات ومستغلي النساء، وهو ما تعلنه شخصيات العمل طوال الوقت، كما يقدم بطلتيه في صورة ملائكية، حيث تدير الاثنتان «جمعية خيرية» لمساعدة النساء من ضحايا الرجال، وبعض حواراته تذكر بحوارات المسلسل الآخر «فاتن أمل حربي»، الذي يدور جزء كبير منه في قاعات محكمة الأسرة وتدور معظم حواراته حول معاناة الزوجات من أزواجهن.

نسوية «فاتن أمل حربي» تدرك أصل المشكلة، وهي التشريعات القانونية والنظم الاجتماعية التي تبخس حقوق النساء، ولكن النبرة عاطفية وزاعقة، وكئيبة للغاية.

وعلى العكس يتسم «شغل عالي» بخفة الدم والإيقاع السريع، ويقدم جرعة معتبرة من جمال ومكر الأنوثة، ولكن نسويته لا يقودها فهم أو تحليل اجتماعي، ورؤيته للعالم مسطحة، الأبيض فيه هو النساء المحتالات والأسود هو الرجال المحتال عليهم. وبغض النظر عن أن شخصيات الرجال الذين يقدمهم المسلسل تحتاج للعقاب، فإن العقاب هنا قد يكرس الحلول الفردية وتبرير «النصب».