الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

«تك تك توك» في غياب المتسوق السري

«تك تك توك» في غياب المتسوق السري
بعض الدول قد يخسر كثيراً بسبب عبث الجاهلين المستهترين، أولئك الذين غايتهم الربح السريع، ولو على حساب بلادهم في قطاع يعد حيوياً وهاماً مثل قطاع السياحة.. هنا أروي مشاهداتي في دولة تستقطب العديد من شعوب الدول للسياحة فيها.

موقفان تعرضت لهما في اليوم نفسهن، ولم أتفاجأ بالطبع، كوني زرت هذه الدولة أكثر من مرة، إذ رغم أني حاولت تجنب استخدام سيارات الأجرة، والوصول إلى وجهتي عبر مترو الأنفاق أو الترام، وأيضاً رغم حرصي الشديد على التغلب على حيل الناس هناك، لكن دون جدوى، فالحيل تتكاثر وتنقسم، وتولد من رحم الكسل و«الفهلوة» للكسب السريع، لذا فإن «التاكسي وراك وراك».

الموقف الأول - العاشرة صباحاً - سألت السائق إذا كان يستطيع إيصالي لوجهتي، فأجابني بالموافقة وأبلغني بالكلفة، بعد جلوسي في المقعد وإغلاقي باب المركبة، أخبرني أنه أعطاني سعراً لمكان آخر، والكلفة بالطبع كانت أغلى من الاتفاق المبدئي، واستخدم هذا الأسلوب لإرغامي على الدفع، لكنني رفضت وفضلت المشي على إحساسي بأنه مستغل.


الموقف الثاني - الخامسة عصراً - كان واقفاً من تلقاء نفسه في خط أصفر طويل «لون سيارات الأجرة عندهم»، سألته عن وجهتي وقد أعياني التعب من يوم طويل قضيناه في التجول في المعالم التاريخية والأثرية، جلست وسلمت أمري للقدر، وحين سألته عن الكلفة، قال لي:


ـ «عداد»، أو أن يوصلني عبر طريق مختصرة لكن بسعر مرتفع.

حاول إقناعي بأسلوب سياسي مؤثر.. أسلوب لم يتم تدريسه حتى الآن في كليات السياسة الدولية «أهزأ بالطبع».

شرح الأمر من خلال معادلة بسيطة، قائلاً:

ـ إن زمن الانتظار في الزحام سيساوي عرضي السخي عن طريق استخدامي الطرق المختصرة «تك تك توك»، وبالتالي ستكسب كثيراً من الوقت.

للعلم، فإن «تك تك» تدل على الطرق الصغيرة بين الأحياء السكنية، أما «توك» فتدل على وجهتي.

وافقت، إذ لم أستطع هذه المرة أن أرفض، لكنني شعرت بالضيق لأن الطريق لم تكن لائقة، كما أنه من واجبه أن يوصلني إلى وجهتي في أنسب الطرق وأسرعها، سواء أكان مسلماً كما قال لي أو كان غير ذلك.

وصلنا بالسلامة إلى الفندق المقصود.. أعطيته أجره حسب الاتفاق، ودخلت إلى البهو، ثم توجهت إلى المصاعد، وحمدت الله على أن هذه الآلة لا تعرف هذا التكتيك «تك تك توك».

هناك برنامج يسمى بالمتسوق السري يتم استخدامه من قبل حكومتنا الرشيدة في الدوائر والمؤسسات الحكومية والخاصة، لاكتشاف الأخطاء والعيوب أو للتأكد من أن الأمور على ما يرام، لذا تساءلت:

ــ لِمَ لا يكون هناك برنامج السائح السري أيضاً في هذه البلاد، لأن هناك بعض العقبات والمشكلات التي يصعب اكتشافها، إذا لم تكن في موقع الشخص ذاته، والذي هو «السائح» في قصتنا هذه؟

إن هذا المجال يفترض أن يوجد من يراقبه ويدقق عليه لأنه واجهة للبلاد، وله تأثيره المباشر على المسافرين والسياح، وربما سينفرهم ويجعلهم يبحثون عن وجهات أخرى، فالعرض كبير والوجهات أكبر، والعالم كله أصبح مفتوحاً بشكل واسع، وجميع الدول من شرق العالم إلى غربه وجهة مقترحة.