السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

ما وراء قمة كوالالمبور؟

ما وراء قمة كوالالمبور؟
أعلن الرئيس الماليزي مهاتير محمد عن قمة إسلامية مزعومة ستنعقد في عاصمته كوالالمبور في 18 ديسمبر الجاري، تحضرها خمس دول (ماليزيا وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر) بحيث إنها ستتشكل كنواة تأسيسية ثم ستسعى - حسب تصريح الرئيس الماليزي – إلى استيعاب بقية الدول الإسلامية، بينما الكل يدرك حقيقتها ومغزاها وأنها تتخفّى وراء أجندات ميكيافيلية ووصولية، وراءها ينمو ويتمترس الفكر الإخواني.

وفي عالم السياسية وتحليلاتها المستقبلية، يتم التنبؤ بنجاحات القمم الدولية والمؤتمرات العالمية عبر بوابتي التاريخ والجغرافيا، ولأن قمة كوالالمبور الماليزية ستفتقد بالكلية لهما، فإن القراءة الطبيعية والمنطقية لمستقبل هذا التحالف الهش هو الفشل الحتمي، فمركز القداسة الروحية للعالم الإسلامي يتمركز في مكة المكرمة، أي في الجغرافيا التي تفرض حضورها وكينونتها في أفئدة العرب والمسلمين كتاريخ زمني يتجدد حضوره في روحانية مشاعرها المقدسة، ولن يتنازل المسلمون عنه لصالح كوالالمبور أو سواها من الحواضر والعواصم المفتقدة لأدنى مقومات القداسة الإسلامية!

تدعي قمة كوالالمبور الماليزية – حسب تصريح الرئيس مهاتير محمد - أنها ستتكامل عملياً مع منظمة التعاون الإسلامي، بينما هي تهدف وبصراحة إلى إنشاء كيان إسلامي دولي بديل عن المنظمة، وهذه الخطوة تعكس مدى فداحة الفكر الإخواني وسيطرته على صناعة القرار السيادي لهذه الدول، ولعلنا نتفهم التجانس الفكري بين الدوحة وأنقرة وكوالالمبور، ولكننا نتعجب كثيراً من موقفي باكستان وإندونيسيا، ولكن المتفق عليه أن فكرة القمة الماليزية تعكس دون أدنى شك جهل أو – بالأصح تجاهل - القيادات المشاركة لقراءة الواقع المعاصر!


الصورة الترويجية والدعائية للقمة ستتخذ منهجيتها الإعلامية عبر أبواق قناة الجزيرة، كما صرح الرئيس الماليزي مهاتير محمد، ومن الواضح أنها ستتناول محاور متنوعة عن قضايا الأمة الإسلامية وتحدياتها، بل إنها ستتخذ من محور القضية الفلسطينية شعاراً للقمة.. وهكذا عودنا الإعلام الإخواني على متاجرته بهذه الأسطوانة المشروخة التي باتت سجلاً مكشوفاً لدعايتهم الإعلامية !


إن مؤشرات فشل القمة الماليزية تتشكل كاستمرارية زمنية لمسلسل الإخفاق السياسي لا سيما أنها تتخفى وراء خلفية أيديولوجية متشددة، كما أنها تتحصن وراء أجندات الفكر الإخواني الذي أفرز للمجتمعات العربية والإسلامية ميادين نشطة من التطرف والإرهاب، وهنا لا بد من الإشارة إلى أزمة الفكر الإخواني مع المجتمعات العربية والإسلامية لعجزه عن خلق وإيجاد بيئة المصالحة، بسبب إصراره الممنهج على اختزال الدين وقيمه كأداة ميكافيلية لبلوغ أهدافه ومآربه!

وأخيراً، يبدو أن هذه القمة المزعومة قد كتبت صك إخفاقها مبكراً، وقضت على ميلادها قبل أن تر النور، والسبب يعود إلى مواثيقها التي تتعارض مع واقع الأمة وتتنافى مع أخلاقيات المسلم وواجباته تجاه توحيد الصف وإجماع الكلمة، إضافة إلى أهدافها المسيسة تجاه منهجية الأخونة والتأسلم السياسي، فمهما اقترف الفكر الإخواني وأجنداته من تسلط عنيف على بعض الحكومات الإسلامية، ستظل منظمة التعاون الإسلامي هي الواجهة الفعلية للدول الإسلامية، وستبقى المملكة العربية السعودية ومعها دولة الإمارات العربية المتحدة وبفضل قياداتهما الحكيمة هما القلب النابض لكل العرب والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فالقمة الإسلامية تعني مكة المكرمة، وغير ذلك يفضي حتماً إلى عبث جهوي لا يسمن ولا يغني من جوع.