الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

بنت زايد.. كوني كما تمنى والدك

بنت زايد.. كوني كما تمنى والدك
كان دور المرأة كبيراً وفعالاً في المجتمع، وهو موجود منذ الأزل فهي المؤسس الرئيس في الشراكة بينها وبين الرجل في الأسرة، وهو ليس حديث عهد، إذ نرى المرأة قديماً لعبت أدواراً في بيتها أثناء غياب زوجها، فكان الرجل يرحل للغوص لشهور أو البدوي الرحال الذي لا يستقر في مكانه، سعياً لجلب الدخل الذي يعول به أهله.

اختار الله، سبحانه وتعالى، دولة الإمارات وحباها عن غيرها بنعم لم تكن بالحسبان، وخصها بعطاء واسع، فكان ظهور البترول أولها فتبدلت الأحوال من الفقر إلى الغنى، من الجوع إلى الشبع، من الترحال إلى الاستقرار، ثم أتى زايد، رحمه الله، ليلم الشمل ويوحد الصفوف، فكان هذا حلم كل من سكن على تلك الأرض، وحلم حتى الأرض القفر الجدباء، فقد تحولت بمشيئة الله، وجهد زايد إلى أرض خضراء يقصدها الداني والقاصي، البعيد والقريب، حلم كان سلسبيلاً روى ظمأ العطِش الظمآن بعذوبة أنهارها المعطاءة من يد زايد الخير.

أخبرنا، رحمة الله عليه، بأن الإنسان هو الذي يصنع سعادته لا المصانع، واعتبر الإنسان هو الثروة الحقيقية، ليست الأموال ولا البترول، فجاء استثماره في الإنسان نفسه والمرأة بوجه الخصوص، لأنها الأساس، فإن صلحت صلح المجتمع كله، فالمرأة هي أساس الأسرة، التي هي اللبنة الأولى للمجتمع، فوجود المرأة في بيتها وبين أبنائها من شأنه بناء أجيال واعدة محبة للوطن ولفعل الخير، فهو الأمان الذي يشعر به الطفل فتبنى عليه الشخصية السوية والقوية المكتملة، فلا حاجة لمن يكملها بسوء، فجاء تعزيز دور المرأة في كافة المجالات المناسبة لها، وحث زايد على عمل المرأة مساعدة لزوجها ممن يكون من محدودي الدخل فتبادر بمساعدته، بدلاً من أن تكون عالة عليه هي وأبناؤها، ضمن ضوابط وحدود، تبقي لها احترام مكانتها وهيبتها، كذلك أكد على أن مسؤولية الأبناء وتربيتهم تقع على عاتق الأم، ولا يجوز لها أن تنشغل عنهم وتعتمد على غيرها في تربيتهم، فالأبناء تربة ودورك بذور تُغرس فيهم من تعاليم ديننا وحب الله ثم الوطن، وجميل أن تسقي هذه النباتات وتعتني بها إلى وقت حصادها، إلى أن تؤتي خيرها وتونع ثمارها.


من مقاطع زايد التي تمر علينا وتبقى في الذاكرة مقولته «كن قوي عزيمة»، فالمؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف، كل ما من شأنه رفعة للوطن والمواطن بادر به، والمشاريع الكبيرة تبدأ بخطوات صغيرة، فقط ابدأ بها وتوكل على رب العالمين، وكان، رحمة الله عليه، دائماً يحث المواطن على العلم والعمل لرفع مستواه ومستوى أمته، بحيث لا يكون هناك سقف لطموحاته ولا يرضى ويتكاسل بما حاز أو نال، «فالصحراء علمتنا أن نصبر كثيراً حتى ينبت الخير» رحل زايد وترك لنا إرثاً كبيراً ومسؤولية كبيرة، تقع على كل مواطن، وكل من على هذه الأرض، يجب أن يعلِّم الجيل هذا كم عانت الأجيال السابقة وعلى ماذا اعتمدوا في حياتهم، ذلك من شأنه معرفتهم أكثر بتراثهم وربطهم به والمحافظة عليه، وأكثر حرصاً على الدفاع عنه، وأن الله منَّ علينا بهذه النعم الواجبة المحافظة عليها وتوجيهها التوجه الصحيح بما يخدم الوطن والمواطن وبما فيه مصلحة عامة للمجتمع.


يجب عليكِ يا ابنة الإمارات يا بنت زايد، أن تكوني خير من يمثل وطنك، سفيرة بأخلاقك العالية بتعاليم دينك بتربية البيت الذي خرجت منه، وأن تجتهدي في بناء ذاتك وشخصيتك بنهل العلم واستقاء المعرفة من مناهلها الصحيحة، وترفعي من شأنها في المحافل العالية لتكون كما تمنى أن يراها زايد، وكما أراد الخير لها.