الاثنين - 21 أبريل 2025
الاثنين - 21 أبريل 2025

الهند.. وقانون المواطنة الجديد

الهند.. وقانون المواطنة الجديد
تُعرف الهند بعراقة حضارتها، وثراء ثقافتها، ويرجع تاريخها وحضاراتها إلى زمن عتيق.. وهي ليست مجرد دولة بل هي شبه قارة، وربما يمكن أن نطلق عليها اسم قارة، ومن السمات الرئيسة في هذه الدولة الكبيرة المجتمع المتنوع، حيث إنه يضم العديد من الأجناس المتنوعة، والأديان المختلفة في العالم.

ويتضمن دستور الهند المثل العليا للعلمانية والحرية والمساواة في مادتيه 15 و16، حيث تمثلان أساساً وطيداً للتكامل القومي، وهما تحرّمان التمييز على أساس الطبقة والدين والنسل والجنس، وتكفل المادتان الحقوق في اعتناق ديانة وممارستها ونشرها، كما تمنح الحرية لتنظيم أمور دينية.

إن دستور الهند ميثاق للعلمانية والحرية والوحدة القومية، وإبَّان وضعه كان مؤسسوه متأثرين كثيراً بالفلسفة العلمانية لقيام دستور الهند، فتصوروا البلاد حتى في تمهيد الدستور كجمهورية ديمقراطية ذات سيادة تضمن لجميع المواطنين الحصول على حقوق المواطنة وتحريم التمييز على أساس ديانته.


وفي الأسبوع قبل الماضي قام المجلس الأعلى للبرلمان الهندي بإقرار قانون جديد لتعديل المواطنة باسمCitizenship Amendment Bill، ويضعف فعلاً هذا القانون الجديد الأسس العلمانية التي تقوم عليها الهند، حيث يمنح هذا القانون الجديد حق الجنسية لكل من هاجر إلى الهند من الدول المجاورة من أفغانستان وباكستان وبنغلاديش قبل 31 من ديسمبر عام 2014، إلا المسلمين.


وتعتزم حكومة الهند تنفيذ قانون جديد آخر وهوNational Register of Citizen، وحسب هذا القانون، يجب على كل مواطن هندي إثبات جنسيته من خلال تقديم بعض الوثائق المطلوبة، ومن لا يستطيع إثبات جنسيته أو يفقد أن يقدم الوثائق المطلوبة أمام المسؤولين، سيتم التعامل معه كمهاجر ولو أنه مواطن حقيقي بهذا البلد، ولو كان آباؤه وأجداده من سكان الهند الأصليين.

ويخشى المسلمون من أن هذا القانون الجديد للمواطنة سيقوم على التمييز ضدهم، ويضطرهم للمغادرة على خلفية هويتهم الدينية الإسلامية في الهند، لكون أن من لا يستطيعون إثبات جنسيتهم من خلال تلك الوثائق المطلوبة سيتم الدفع بهم إلى مخيمات مثل المسجونين، وبالتالي سيحرمون من جميع حقوق المواطنة، وسيسلبون حق التصويت والحقوق المتساوية، وهم يعتبرون كجنسية ثانية في الهند، لا حقوق لهم ولا حرية، لا كرامة لهم ولا حياة.

إن الحكومة الحالية في الهند لها مشروع تحويل الهند إلى دولة هندوسية، وهي بذلك تريد إعادة تاريخ الأندلس بالنسبة إلى المسلمين، وقد تعهَّدت بإخراج المسلمين من الهند، وهي تمارس معهم في الواقع ما فعله هتلر مع اليهود في زمانه.

كما أن حكومة الهند تعمل من خلال هذا القانون الأسوأ، الذي لم تشهد البلاد على طول تاريخها قانوناً مثله، على سحب الجنسية من المسلمين، وتحويلهم إلى الجنسية الثانية.

إن هذا القانون الجديد للمواطنة يميز ضد المسلمين، ويقوّض الدستور العلماني للهند، وينتهك الدستور الهندي الذي تكفل بالحقوق المتساوية لكافة المواطنين والأفراد دونما تمييز.

لقد أثار هذا القانون الجديد موجة من الاحتجاجات والتظاهرات الشديدة في مختلف أنحاء الهند، وستزداد الاحتجاجات وتتسع التظاهرات على هذا القانون الجديد للجنسية، القائم على أساس التمييز والتعصب الديني، لتشمل طلاب الجامعات في أنحاء الهند.

على العموم، هناك رفض من الشعب الهندي برمته، ويطالب بإسقاط هذا القانون الأسود، الذي هو ضد روح الدستور الهندي الأساسي، ويسلب حق المواطنة من مسلمي الهند.