السبت - 26 أبريل 2025
السبت - 26 أبريل 2025

التعلّم.. السبب والغاية

التعلّم.. السبب والغاية
هناك اختلاف قائم بين الإنسان المتعلّم والإنسان المثقف من أجل المعرفة والوعي والحكمة، ومن هذا المنطلق يتوجّب علينا التمييز بين السبب والغاية من التعلّم.

فإذا كان النجاح هو السبب الدافع إلى ذلك، كان الإنسان متعلماً يحصر علمه في نطاق مصلحته الخاصة، أي يُبقي علمه هذا متحجراً في قوقعة الأنا المتملكة غير المسؤولة التي تقيّم كل شيء بمقياس محدوديتها،، ويأبى صاحبها أن يتخذ أصدقاء له إلا ممن كانوا من نوعه أو مستوى علمه أو نوعيته، ويُحتمل أنه لا يعبأ بأمور مجتمعه، ولا يعرف سوى القليل عن محيطه وبيئته وجيرانه.

إنه يلوّن جميع الأشياء بلون عِلْمه ومهنته، ويُحتمل أيضاً ألا يعرف شيئاً عن لوحة فنية دفع ثمنها غالياً وعلّقها في صدر منزله، كما أنه قد يملأ مكتبة منزله بالكتب الفخمة والموسوعات المُتقنة، بينما يجهل مضمونها.. إنه جاهل بما يضيفه إلى ذاته، يفتخر بما يملك ويجهل ما يمتلك، وهو يأخذ أكثر مما يعطي لأنه لم يجعل من علمه ثقافة تتمثل في رُقي إنساني وحضاري.


وإذا كان الوعي أو الحكمة أو العَظَمة تُمثّل الغاية التي يهدف إليها الإنسان من التعلّم، بحيث لا يجعل من علمه سبباً للنجاح، بل دعوة لتحقيق غاية سامية، وخدمة للإنسانية وشعور حقيقي بالوجود، أو بناء شخصية متماسكة ومتكاملة، فعندها يكون هذا الإنسان الواعي الباحث عن حقيقة نفسه ومعنى وجوده، مهتماً بالعلوم وبالمفاهيم الإنسانية الأخرى، ساعياً إلى اعتبارها وإدراكها، ولو على نحو نسبي، فيمتد بثقافة علمه ومهنته إلى ثقافة علوم الآخرين ومهنهم.. إنه إنسان متعلّم ومثقف وحضاري، يعطي أكثر مما يأخذ.