الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

القوة الناعمة في الرياضة

القوة الناعمة في الرياضة

الرياضة

بقلم: عبد الله العولقي كاتب ـ السعودية

عمت الفرحة العرب والسعوديين بتحقيق نادي الهلال السعودي لدوري أبطال آسيا وذلك لما تمثله البطولة القارية من قوة ناعمة عظيمة للعرب عموماً وللخليجيين بصفة خاصة، وقد سبق لنادي العين الإماراتي تحقيق هذه البطولة العالمية في عام 2003م، فالمنتخبات والأندية الممثلة لشعوبها تعتبر بمثابة سفراء لها في الخارج وممثلين رسميين عنها، ومن هنا نتفهَّم معنى اهتمام الحكومات والدول بالقوة الناعمة الرياضية، باعتبارها لغة مشتركة ومتعارف عليها بين شعوب العالم.

البرازيل والأرجنتين ليستا من دول العالم الأول، ولكن العالم كله عرف هاتين الدولتين مبكراً بفضل قوتهما الناعمة في عالم الكرة المستديرة، فمنذ وقت مبكر وهما تقدمان للأندية الأوروبية وللعالم أفذاذاً وأساطير في عالم كرة القدم، ابتداءً من الأسطورة البرازيلي الجوهرة السمراء" بيليه" ومن تبعه من بني جلدته كرونالدينيو ورونالدو وروبرتو كارلوس، أما الأرجنتين فقد قدمت أسطورتين ذهبيتين، ربما هما الأفضل في تاريخ كرة القدم على الإطلاق: مارادونا وليونيه ميسي!!.


لا شك أن أهمية القوة الناعمة تتنامى دولياً كظاهرة تنافسية بين دول العالم، فمصر العروبة مثلاً عُرفت لفترة طويلة بقوتها الناعمة عبر آثارها التاريخية، ونبوغ أساطين عباقرة في الشعر كأحمد شوقي وحافظ إبراهيم، وفي الفكر كعباس محمود العقاد وطه حسين، وفي الغناء كأم كلثوم وعبد الحليم حافظ، وفي الرواية كنجيب محفوظ ويوسف ادريس، وفي العلوم كأحمد زويل وفاروق الباز، وفي الطب كمجدي يعقوب.. وهكذا.


ومؤخراً انضم اللاعب العالمي محمد صلاح إلى هذه الكوكبة السامقة، لأن كرة القدم لا تقل في معيار قوتها الناعمة عن بقية العلوم والفنون، ويكفي القوة الناعمة لهذا اللاعب الخلوق أثراً عظيماً أن معدل الكراهية تجاه العرب والمسلمين انخفض كثيراً في مقاطعة ليفربول الإنجليزية خصوصاً، وفي المملكة المتحدة عموماً، ولذا نحن في حاجة - كعرب ومسلمين - إلى قوى ناعمة كمحمد صلاح في بقية الدول الأوروبية والأمريكية لإيصال روحانية الإسلام وتسامحه الحقيقي، بل ومحو الصورة السلبية التي فرضها الإعلام الغربي بمساعدة المتطرفين العرب حول الإرهاب والتطرف!!.

ظاهرة دولية أخرى أصبحت محل صراع وتنافس كبير بين الدول، تتمثل في استضافة البطولات الرياضية الدولية، من أجل الترويج التسويقي والدعائي لكل ما تريد هذه الدول إبرازه للعالم، أو محو صورة سلبية علقت عنها، ولعلنا نتذكر بطولة كأس العالم التي أقيمت في جنوب أفريقيا عام 2010م، وكيف استعملتها الحكومة هناك باحترافية مدهشة في التسويق والترويج لاقتصادها المتنامي، وجذب رؤوس الأموال الدولية إلى مشاريعها التنموية، بالإضافة إلى الترويج الثقافي والسياحي، وهذا ما جعل دولة كالبرازيل تكرر نفس خطوة جنوب افريقيا، عندما استضافت كأس العالم الدولية في عام 2014م.

وأخيراً.. لا شك أن تحقيق الهلال السعودي للبطولة الآسيوية وقبله نادي العين الإماراتي ومشاركتهما الفاعلة في بطولة أندية العالم سيرفع مؤشر القوة الناعمة للمملكة العربية السعودية وللإمارات العربية المتحدة، بل وسيمنحهما أبعاداً دولية مثلى تتوافق مع الرؤى الوطنية، تماماً مثلما يحققه فريق مانشستر يونايتد في بريطانيا، والذي يحظى باهتمام ملحوظ من الحكومة الإنجليزية نظير ما يقدمه من ترويج دعائي وسياحي، وقوة ناعمة لبريطانيا.