الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

صواريخ الـ«بان كيك» الإيرانية

صواريخ الـ«بان كيك» الإيرانية
بقلم: زينب المهداوي إعلامية وكاتبة ـ الجزائر

منذ 25 عاماً وأكثر، لم تتغير قناعاتي أن الحليف الأكبر لأمريكا والغرب هو إيران! رغم كل التحليل والنقاشات على أساس الخطر والعقوبات والتهديدات.

لقد لعبت إيران ـ تاريخياً ـ دوراً مهماً في التوغل الغربي إلى العمق العربي ضمن مخططات أصبحت اليوم واقعاً، فأمريكا كانت تراقص إيران على أنغام طبول الحرب العالمية والدمار الكوني للبشرية، وكانت دائماً تلعب وتؤكد العداء الأزلي والمحتوم للإرهاب الفارسي، وطبعاً السيد سوبر أمريكا المحب والراعي لحقوق الإنسان سيأتي لنجدة المنطقة بالتكنولوجيا والأسلحة المتطورة لردع البعبع الفارسي القادم على صواريخ شديدة الدمار، والتي تهدد أمن وسلم العالم أجمع.


فبعد نصف ليلة رعب عاشها كُثر تحت الإنذار والصفارات المُعلِنة قيام الحرب العالمية الثالثة، اكتشفنا صباحاً أن الصواريخ الإيرانية عبارة عن كعكة PANCAKE وضعت فوق طاولة ترامب الإعلامية داخلياً وخارجياً لتدغدغ الإعلام ككل مرة لأجل أن تعلن واشنطن الحرب على أعداء الإنسانية والعرب.


من جهتها إيران تكبّر بسقوط الموتى في صفوف أمريكا عدوة الإسلام (الله أكبر)، وفي الوقت نفسه تنشر قنواتها الرسمية صور الاستقبال الدبلوماسي رفيع المستوى لقاسم سليماني في الجنة وفرحته بجائزة الشهيد البطل هناك (في السماء)، أما في الأرض فإنه الانتقام الرادع للكفار.

وللحظات، ومع النفخ والجرعات الإعلامية للأخبار في مختلف القنوات والمحطات التلفزيونية، ومنصات التواصل الاجتماعي المضادة والمساندة، ها هو سراب الفيلم الإيرانو ـ أمريكي يرفع ستاره ليتضح الحدث بسقوط 16 صاروخاً على قاعدة أمريكية.. وأين؟ في العراق!

المشوّق في الرواية أن إيران وضمن قواعد الحرب والعداء لأمريكا تعمل بطريقة سرية جداً، فلقد أبلغت الحكومة العراقية بالضربة (طبعاً الموالون لن يبلغوا أمريكا بالحدث الجلل)، ومن جهة أخرى أرادت إيران أن تؤكد لواشنطن وكذلك العالم أن الإنسانية في الروح الفارسية أقوى من أيّ انتقام، فهي طبعاً لا تريد أن يموت «الأعداء» بل فقط تريد إعطاء صفعة حنونة لكي لا يتطاول دونالد لقتل قائد إيراني آخر، فبفعله هذا ستهدأ شوارع طهران قليلاً ليحتشد أبناء الخامنئي حوله انتقاماً للشهيد الفارسي.

وهنا فعلاً أشهد أن قلوب الإيرانيين حنونة وطيبة.. وسبحان الله، القسوة الإيرانية لا نشاهدها إلا على الأراضي السورية والعراقية واليمنية وغيرها من الأراضي العربية، ولكن حتى نكون منصفين فهناك تفسيرات علمية للتغيرات بين الطيبة والعداء، التي تكمن ضمن عامل الاحتباس والاحتقان (الحراري والحضاري)، والأهم فيما حدث أننا نحمد الله أن إسرائيل لم تكن في مرمى «الصواريخ الكعك» ولو مزاحاً.

فعلاً!.. عظمة واشنطن في عهد رجل الأعمال دونالد ترامب هي الدافع المسبق للحماية من البعبع الإيراني، ورغم جرأة طهران هذه المرة إلا أن قرار الرئيس الأمريكي هو: تغليب العقل، وفرض المزيد من العقوبات، والحث على الحوار السياسي.

هنا أكاد أجزم بأن ترامب ليس بمهرج أبداً، ولا يتصرف على هواه، أما تصريحاته التي يقال عنها أنها دون مرجعية وهي من نبع إرادته الشخصية فهي ليست إلا كذبة أخرى، ففي الظاهر هكذا تبدو المسرحية، لكنني أرى العكس تماماً، أنه المنفذ الأصلح في هذه الفترة لكل مخططات الشرق الأوسط الكبير مع ملحقه شمال أفريقيا.

وأخيراً، ترامب سيسعى للوصول وتحقيق أهداف مسطرة منذ سنوات، ودور إيران أساسي في خلط الأوراق، فترامب ومعه بعض زعماء الغرب يؤدون مهام ضمن توزيع جدولي ووقتي بحسب المتغيرات الجيوسياسية في المنطقة العربية.. فما هي الوصفة الآتية من المطابخ الأمريكو ـ إيرانية والغرب في مقبل الأيام؟