الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

المشاريع الاستعمارية في المنطقة

المشاريع الاستعمارية في المنطقة

PSX_20200123_204045 المشاريع الاستعمارية

بقلم: عبدالله العولقي كاتب ـ السعودية

ابتليت منطقتنا العربية، ابتداء من عام 2011 بفوضى الربيع العربي، عندما اندلعت الاحتجاجات الشعبية بصورة هستيرية، ولو تأملنا الأمر بعين الواقع، لوجدنا شباب تلك الاحتجاجات يعضون أصابع الندم على طيش تهورهم ومغامراتهم المتهورة جراء سعيهم - اللاَّمسؤول - وراء خداع الشعارات الزائفة!

ما يحدث اليوم لبعض دولنا العربية، لا سيما تلك التي تورطت في أحداث ما يسمى بالربيع العربي هو تعرضها لاستهداف علني من قوتين مجاورتين، طهران وتركيا، وكلاهما لديها أجندة تنضح بسعار الاستعمار، ونهب خيرات ومقدرات الدول العربية، وبينهما أمور متشابهات لا يعلمهن كثير من اللاهثين وراءهما، لكن القواسم المشتركة بينهما تكاد تنحصر في أمرين مهمين، أولهما: كراهية العنصر العربي عبر الشعوبية الحديثة، وثانيهما: استدعاء التاريخ القديم واستنطاقه إعلامياً لإقامة إمبراطوريات جديدة.


لا شك في أن لدى الفرس والأتراك إشكالية عرقية محضة مع العنصر العربي، فلو تأملنا محتوى الآداب الفارسية كتحليل ثقافي، فستبرز لنا صورة الفرد العربي بمظهر السخرية والسذاجة البعيدة عن مقومات العقل والحضارة، وسنتفهّم معنى الاحتفاء السنوي بمرقد أبي لؤلؤة المجوسي، كما أن الثقافة الإيرانية تحاول - بصورة أو بأخرى - إبراز الجمهورية الحالية كامتداد طبيعي وتاريخي للإمبراطورية الساسانية القديمة رغم انقطاع التسلسل الزمني التاريخي، ودون الالتفات الواقعي لأي منظور تاريخي آخر!


أما الذهنية التركية اليوم، فتحاول هي الأخرى وبزعامة الخليفة الواهم رجب طيب أردوغان بالترويج الدعائي لتبعية العنصر العربي إلى الأستانة القديمة (عاصمة الدولة العثمانية حينها)، ولا شك في أن المسلسلات المدبلجة وكقوة ناعمة قد سخرها الأتراك عنوة لأهداف استراتيجية بعيدة المدى، كما يشهد الخطاب السياسي التركي اليوم تحولاً جذرياً في توجيه مادته وموضوعاته وأهدافه من مكامن السر والخفاء إلى فضاء الجهر والعلن.

من ناحية أخرى، تتجلى فكرة الاستدعاء التاريخي للمشروع العثماني عبر العزف على تاريخ الأجداد كما يسميهم الرئيس التركي، ويعني خلفاء الدولة العثمانية، وتارة عبر تبرير العمليات العسكرية داخل العمق العربي في العراق وسوريا، ولعل آخر تلك الأحداث المفتعلة يبرز في التهديد التركي الصريح بغزو ليبيا.

وخلاصة القول: إن النظرة التركية بشكل عام تجاه العرب هي رؤية غزو واحتلال وإعادة هيمنة تاريخية، وتتم عبر غطاء إعلامي مكثف واحترافي لشرعنة الخلافة المزعومة.

لا شك في أن لدى المؤرخين تفسيراً لما عاناه العرب في القرنين الماضيين من تخلف ورجعية نتيجة الاحتلال التركي الغاشم للأوطان العربية، بل إننا نحن العرب ندفع ضريبة الاحتلال القديم حتى الآن، فكراهية العرب تترسخ كثقافة عامة لدى الذهنية التركية، التي منحت نفسها حق التصدي لكل مشاريع النهضة العربية ووأدها في مهدها، كما يذكر التاريخ أن الأستانة التاريخية كانت تستقطب الموهوبين والعلماء النوابغ في العلوم والفنون، وحتى رجال الدين والمقرئين ورواة الحديث والخطاطين عنوة، وتجبرهم على الإقامة في تركيا، لتفريغ الجغرافيا العربية من سبل التطور والتقدم.

وأخيراً، العرب اليوم وأكثر من أي وقت مضى، هم في حاجة قصوى إلى توحيد الكلمة، ولعل ما يقوم به صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ، كقائد تاريخي محنك، من صنائع دبلوماسية جبارة، وأعمال سياسية فذة، تستحق الإشادة والتقدير من العرب والمسلمين، لوقوفه بصلابة أمام كل هذه المشاريع الاستيطانية في منطقتنا العربية، وتآزره الفعال مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، للتصدي لكل المشاريع التخريبية، التي تستهدف ثقافتنا الأصيلة وعروبتنا المجيدة.