الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

مصر وتركيا.. صراع الأضداد

مصر وتركيا.. صراع الأضداد

PSX_20200123_203530_٢٠٢٠٠١٢٣٢٠٤٥١٦٢٥٢ مصر وتركيا

بقلم: فادي عيد وهيب باحث ومحلل سياسي ـ مصر

الآن، وفي ظل التوتر المتصاعد بشرق المتوسط وشمال أفريقيا، نحن على مشارف حرب جديدة بين قمة الأضداد بالمنطقة ممثلة في مصر وتركيا، وهما الضدان في كل شيء، في التاريخ والجغرافيا، وفي طبيعة الشعبين وكذلك في فهم الدين.. نعم هذه حقيقة ولا نبالغ في ذلك، فالمنطقة لا تتحمل دولتين بطبيعة وخصائص وطموح كل من مصر وتركيا معاً، وإن تحملتهما سوياً فعلى إحداهما حينها أن تتنازل عن دورها الإقليمي للأخرى، كما ذكرت في مقال قريب من هذا نشره موقع «مركز كاتيهون للأبحاث»، وأعدت نشره في جريدة «الأيام» اليمنية تحت عنوان «من اليمن إلى ليبيا.. صراع الأضداد بين مصر وتركيا» بتاريخ الـ11 من يناير الجاري.

بداية، علينا الإشارة هنا إلى أن الصدام بين مصر وتركيا، صدام طويل منذ عهد القدماء المصريين ضد قبائل الهمج على الأرض وفي البحر، ثم في العصور الوسطى بين أمراء الأيوبيين وسلطان مصر وأول خادم للحرمين الشريفين صلاح الدين الأيوبي ضد السلاجقة لخيانتهم للعرب وتعاونهم مع الفرنجة، مروراً بحروب الظاهر بيبرس في صحراء الأبلستين جنوب مدينة قيصرية ضد التحالف المغولي السلجوقي، ثم حروب تحرير حاكم مصر المؤيد أبوالنصر شيخ المحمودي للقدس والشام من الاحتلال، وصولاً إلى حروب الجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا ضد جيش الهجين الانكشاري الأوروبي تحت راية الاحتلال العثماني، كي يكتب الوفاة إكلينيكيا لخلافة النار والدم التي احتلت المنطقة لقرون.


وعلى خلفية التاريخ السابق، نرى أننا على مشارف صدام الأضداد في كل شيء، انطلاقاً من صراع بين الإسلام المصري الوسطي الذي صدرته مصر لكل أرجاء العالم الإسلامي، والإسلام العثماني (إسلام المذابح، والتطهير العرقي).


والمنطق لا يقبل أن تكون الدولة التي بها أعرق وأعظم مؤسسة إسلامية على الإطلاق (الأزهر الشريف)، وأعظم الكنائس الرسولية بتضحياتها من أجل الحفاظ على المسيحية، والتي أُسست على يد ابن برقة الليبية، أن تكون في معادلة واحدة مع إسطنبول التي بها محفلان من أهم وأقدم المحافل الماسونية بالعالم.

كما أن الجغرافيا التي رسمت ملامح هوية كل دولة فيما بعد، جاءت متناقضة تماماً بين مصر التي أغلب مساحتها في أفريقيا، وشبه جزيرة سيناء في قارة آسيا، بينما أغلب مساحة تركيا في آسيا وجزء صغير بالشطر الأوروبي، ما جعل مصر في قلب الأمة العربية ودرة على تاج أفريقيا، وكي تكون درع وسيف العرب بكل الأزمنة، ومنارة الحضارة على البحر المتوسط منذ فجر التاريخ، بينما صارت تركيا شاردة في التاريخ وتائهة في الجغرافيا، تسير من فشل إلى فشل في محاولاتها كي تكون عضواً في الاتحاد الأوروبي، وكذلك فشلت في إعادة احتلالها للمنطقة العربية من جديد.

الحرب المقبلة ستكون حرباً بالسلاح والفكر، وحرباً على الأرض وبما فيها ومن عليها، حرباً على ما نملكه من ثروات وعقيدة أيضاً، خاصة بعد أن منح الأمريكي الضوء الأخضر للعثماني من جديد لتولي عملية عنوانها «تكرار السيناريو السوري في ليبيا» وأبرز أهدافها، معاقبة المشير خليفة حفتر للتوجه نحو روسيا، وإبقاء الوضع في ليبيا كما هي الحال في اليمن لا غالب ولا مغلوب، وأخيراً والأهم، استنزاف آخر جيش نظامي عربي قوي بما تحمل الكلمة من معنى، ومحاولة جر أرجل الجيش المصري لحرب موسعة هناك، وهو المخطط الذي ينفذ فيما بعد ضد الجيش الجزائري، بعد أن فشل مشروع الفوضى الخلاقة في إحداث صراع داخلي بين الشعب والجيش كما حدث في دول عربية أخرى.