الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الجغرافيا.. وتفاعلات العلاقات الدولية

الجغرافيا.. وتفاعلات العلاقات الدولية
بقلم: أحمد الباز باحث في العلاقات الدولية - مصر

لا يمكن إنكار دور الجغرافيا في تسيير، وأحياناً فرض إملاءات معينة، على حركة التفاعلات الدولية، ولهذا قال نابليون «سياسات الدول تكمن في جغرافيتها»، واستخدم عالم الجغرافيا «روبرت كابلان» مصطلح «انتقام الجغرافيا» للإشارة إلى الدور المهم الذي تقوم به الجغرافيا.

فأوكرانيا مثلاً تطمح إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي، بينما تسعى روسيا لضمان عدم «أوربة» أوكرانيا رسمياً، لتظل «منطقة حاجز» بين روسيا وحلف شمال الأطلسي.


في حالة إسرائيل، تأخذ الجغرافيا مساحة واسعة في العقل الاستراتيجي الإسرائيلي، حيث قال بن جوريون سابقاً: «الأمن يعني الأرض»، ولطالما غازل شيمون بيريز أوروبا بالموقع الاستراتيجي لإسرائيل لتحفيز أوروبا على الاهتمام بالعلاقات مع تل أبيب، لكن للجغرافيا نقمة أخرى على إسرائيل، حيث إن التوسع الاستيطاني يجعلها تقترب تدريجياً نحو الأرض الفلسطينية بما يشكل صداعاً لتل أبيب بسبب احتمالات الاحتكاك الدائم بالفلسطينيين ضمن أعمال مقاومة الاحتلال.


وتعاني روسيا من عدم تمتعها بإطلالة دائمة على أعالي البحار، فرغم أن روسيا تطل على بحر البلطيق غرباً، لكنها تحتاج لعبور مضيق أوريسند لتخرج إلى بحر الشمال، ورغم أنها تطل على البحر الأسود جنوباً فإنها تحتاج لعبور مضيق البسفور والدرنيل، وبالتالي فإن أي تحركات روسية خارج حدودها إنما تكون مرتبطة في المقام الأول بالبحث عن حل لهذه المعضلة الأمنية والاقتصادية، وبناء عليه يجب أن نرى تحركاتها في سوريا من زاوية البحث عن منفذ نحو المياه الدافئة، وأن نرى علاقاتها مع إيران في البحث عن منفذ على المحيط الهندي، وأن نرى علاقاتها مع تركيا ـ رغم إسقاط تركيا لمقاتلة روسية ـ ضماناً لاستمرار الملاحة في البسفور والدردنيل.