الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

الروح.. وسلطة الكتابة

الروح.. وسلطة الكتابة

PSX_20200204_142815 الروح .. وسلطة الكتابة

بقلم: نبيل عرابي كاتب ـ لبنان

كلنا يعلم أن الرحيل الأبدي نتيجة حتمية، وأصعبه رحيل من نحب، حيث يتحول الإنسان إلى مجرد ذكرى.. هذا الكائن العجيب، المبدع، الخلّاق الذي أعطاه الله من نوره عقلاً، واستخلفه في الأرض ليعمرها ويحييها، وما يكاد يفرغ من عمله وإبداعه قليلاً، ويلتفت ليتأمله حتى تقول له الدنيا: وداعاً، ونحن في النهاية كما قال سليم الرافعي «لا أكتمكم أن الإنسان مخلوق محدود بأعضائه.. لا يستطيع اختراق نظام كوني مسرف في الغموض..».

فمن سُنة الكون أن يترك بعضنا بعضاً.. وأن تتسابق أعمارنا نحو نقطة النهاية، مخلّفين وراءنا كل تلك الجبال من الهموم والأسى، وكل تلك الذكريات الأليفة، والوجوه الحبيبة التي سبقتنا.. إنها معادلة حتمية، مقدمتها أقسى من نهايتها! ونهايتها الزاد الأبدي نحو اللاعودة، حيث لا يوجد للإنسان من شيء سوى الذكرى، والروح التي تخفق في الأرجاء ترفرف حول مدارجها وأهلها وأحبابها.


لذلك، فحين تستوقفك الكلمة الرقيقة، الممزوجة بالإحساس المرهف الجميل الصادق، المتلمّس، قدر المستطاع، لأعماق النفس البشرية، والباحث دوماً عن أسطر ينثر عليها نتائج تجواله، مستعيناً ببحر اللغة، الذي كلما خضنا غماره وجدنا أنفسنا نقف عند شاطئ من شطآنه الممتدة على مساحات واسعة من كوكب الأرض، فإنك سوف تتسمر مكانك متأملاً.. هامساً في سرّك: هذه هي الحياة التي لا تُبقي إلا الذكريات، وهذه هي حال من اختارته الكتابة لسان حالها.. وهذه هي حال من استسلم بكل صدق وعفوية ورغبة حقيقية لسلطة الورق والحبر، وسعى من خلال ذلك إلى تقديم ما أبدعته الروح خلال صولاتها وجولاتها، في أثير النفس البشرية، وعالم الغموض والخيال الواسع المحيط بها.