الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الإمارات وموريتانيا.. «أخوّة زايد» تجمعنا

الإمارات وموريتانيا.. «أخوّة زايد» تجمعنا
بقلم: عبدالرحمن جارالله إعلامي ـ موريتانيا

مطلع الأسبوع الماضي حلّ الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني ضيفاً على دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد استقبلته القيادة الإماراتية بما دأبت عليه من حسن الضيافة وكرم الوفادة، وعبرت له، صادقة، عن عمق العلاقة بين الشعبين الشقيقين، اللذين يتشابهان في كثير من العادات والتقاليد والأصالة، وكل ما عرفته العرب من قِيم وشِيم.

هذه الزيارة كانت استثناء في كل شيء، فهي أول زيارة عمل خارجية لدولة عربية أو في المنطقة، فقد اختار الرئيس الغزواني الإمارات بوابة عربية يبدأ منها النشاط الدبلوماسي، وهو الذي استلم السلطة في الانتخابات الأخيرة مطلع أغسطس الماضي، فلا شك أن اختياره للإمارات لم يكن اعتباطاً، فهو يعرف جيداً أن الإمارات سنَد موريتانيا الذي ما تخلى عنها ولا أدار لها الظهر منذ 50 سنة، وشواهد التمويل والتموين والتكوين شاهدة على ربى شنقيط مُدناً وأريافاً.


إن العلاقة الموريتانية الإماراتية تغرف من بحر زاخر من التقدير المتبادل والإعجاب الكبير شعباً وقيادة، وتتعدد الشواهد في ذلك تاريخياً من أيام المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي احتضن الموريتانيين وفتح لهم أبواب العمل والإقامة والإعاشة، فاصطنعهم بمعروفه الذي لم ينضب وجعل لهم في داره العامرة حياة مستقرة وعملاً دائماً لا تزال مئات العوائل ترفل فيه شاكرة نِعمَ الله وعطاءَ زايد رحمه الله.


كما احتضنهم الشعب الإماراتي الكريم وأحبهم، ويعرف كل المقيمين الموريتانيين على أرض الإمارات الكريمة كيف يرى الحب والتقدير في وجه كل إماراتي، فيكفي أن تقول إنك موريتاني لتُزيل كل الحواجز بينكما وتلقى أخاً لك في زايد والدين والعرق والسجية.. نعم «أخوة زايد» جلباب يتجلل به الموريتانيون والإماراتيون معاً.. فلئن كان الشيخ زايد أباً للإمارات فإنه كذلك أبٌ حنون ووالد كريم لكل الشعب الموريتاني.

ولم يكن هذا الجهد العظيم الذي استنقذ الآلاف من البطالة متوقفاً على الجانب الشعبي، وإنما كانت الإمارات في صلب معركة التنمية الموريتانية على مدى العقود الخمسة الماضية، فمستشفى الشيخ زايد في نواكشوط من أفضل مستشفيات موريتانيا وأكثرها نشاطاً وزيارة من المرضى الموريتانيين والمقيمين غير الموريتانيين، إضافة إلى مئات المنشآت الرسمية والمشاريع التنموية التي يمولها الإماراتيون بسخاء وكرم لا يريدون منه جزاء ولا شُكوراً.. وهذا قليل من كثير يعرفه كل موريتاني عن العطاء الإماراتي في موريتانيا.

غير أن توقيع اتفاقيات تعاون بين البلدين في الزيارة الأخيرة شكّل فرصة سانحة للموريتانيين على مواقع التواصل الاجتماعي للحديث عن الهدية الكبيرة التي قدمتها الإمارات لموريتانيا (2 مليار دولار)، والتي يعرف فريق الرئيس الغزواني جيداً كيف ستكون رافعاً لبرنامجه الاجتماعي الذي يعمل عليه، إضافة إلى الحفاوة الكبيرة بقائد موريتانيا، والمعزّة والتقدير البادية على وجوه القادة الإماراتيين، فلَهَج الموريتانيون بذكر ما يعرفونه من كرم الإمارات وحبها لموريتانيا، فذكروا الكثير استشهاداً للأكثر، فما بين موريتانيا والإمارات أكبر من أن يحصره مقال أو كتاب.. فهو عِلق في النفوس، باقٍ مع الأجيال، لا ينكره جاحد، ولا يحجبه غربال، ماديٌّ ومعنويٌّ.

قبل شهرين كان أحد الشباب الموريتانيين اللامعين في مجالهم ضمن وفد استقبله صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وكان خليطاً من الجنسيات، فلما وصله الدور في السلام على القائد الحصيف المتواضع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد قال له: من وين؟ فقال من موريتانيا.. فقرّبه إليه، وقال له: «والنعم، أهل وسند».. وهذا القول صدقته الأفعال، فكانت الإمارات لنا أهلاً وسنداً وكهفاً نؤوي إليه.. فشكراً للإمارات على كل شيء.