الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

أسد التنمية البشرية.. كم أكرهه

أسد التنمية البشرية.. كم أكرهه
بقلم: إيمان الرياحي إعلامية وكاتبة - تونس

يدخل أحدهم إلى القاعة مبتهجاً يملؤه السرور، ويقفز من ركن إلى آخر ينشر البهجة والسعادة، يجلب معه مرآة ناصعة، ويشجع الحاضرين على الوقوف أمام المرآة الواحد تلو الآخر ليلقي الكلمة السر، مفتاح السعادة والثقة بالنفس والشجاعة والقوة، ليقول: قل «أنا أسد».

يصطف الحاضرون لإلقاء تعويذة النجاح، وينطق كل منهم بعبارة مؤكدة «أنا أسد أو نمر أو فهد» إلى آخره من الحيوانات، التي ترمز إلى القوة ورباطة الجأش.


تمرّ الساعة أو الساعتين وهذا «الأحدهم» مستمر في القفز من ركن إلى آخر، والضحك بهستيرية مفرطة، وجمع ما أمكن له جمعه من معلومات متفرقة علمية بسيكولوجية، وأحياناً دينية واجتماعية ليقنع جميع الحاضرين بأن السعادة أمر ممكن، والإيجابية هي طرد كل فكرة سلبية قد تخطر في أذهاننا.


بعدها تصبح الحصة التدريبية كلحظة من تناول حلوى أو شوكولاتة لذيذة نستمتع بها أشد استمتاع، ونسرح معها بخيالنا لأماكن وعوالم يمكن فيها الهروب من واقع تملؤه الشرور والتعاسة، لتنتهي قطعة الشوكولاتة ويغادر هذا الأحدهم القاعة، ومعه يغادر معه كل الحاضرين نحو الشارع.. نحو الواقع.. نحو حقيقة دون مرآة يمكن الوقوف أمامها، ودون صراخ «أنا أسد».

كنت في فترة ما من ضمن الحاضرين وتأثرت أشد تأثر بلطف المدرب وطاقته الإيجابية، وضحكه المتواصل، وإثر كل تدريب يزداد واقعي تشوهاً، وبما أنني لا أستطيع الهروب من سلبيته اُحبط غاية الإحباط، وأزداد همّاً، وأشعر بأن السعادة أمر مستحيل ولم يدخل في خطة خلقي أن أكون سعيدة، وزاد غضبي على الواقع، وكرهت معه ساعات التدريب والمدربين، وهذا العلم المسمى «تنمية بشرية».