الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

فيروس «القرن».. نخب كورونا

فيروس «القرن».. نخب كورونا
بقلم: زينب مهداوي إعلامية وكاتبة ـ الجزائر

يبدو أن ضعف الذاكرة علة الأمة، فما أشبه العام 2020 بعام 1948، وكأن الزمن لم يتحرك قيد أنملة.. حيث يُحكى أنه مع امتداد الزمان، ومع تهجير وتقتيل للبشر واقتلاع الآلاف من الهكتارات من أشجار الزيتون، تمّ بناء معسكرات «تيودور هيرتزل» لإسكان من ضاقت بهم روح «ريتشارد قلب الأسد» وجيرانه، ليشهد ساحل البحر الأبيض أكبر تجمع للسفن بأجساد التائهين في تاريخه، محملة بأرواح لا أرض ولا بوصلة لها غير حكايا بعض أسفار التوراة، معتبرة أرض فلسطين حقاً لورثة النبي إبراهيم، عليه السلام، وهي في كتب أخرى أيضاً مهد المسيح، عليه السلام، وكذا مكان إسراء الحبيب المصطفى سيدنا محمد، عليه الصلاة والسلام.

وعلى نمط أفلام الأكشن الهوليوودية طبعة 2020 جاء وعد صاحب الغرة الصفراء (دونالد ترامب) من بعيد ليهز ديار الأمة بقرار تأكيده تقسيم ما تبقى من أرض فلسطين، منح الجزء الأكبر منها لأنسبائه وكأن الأمر يعنيه أصلاً!.. لكن ماذا عسانا أن نقول لمن تربى على اغتصاب أرض الآخرين وقتل الملايين (الهنود الحمر)؟ فالأمر طبيعي بالنسبة للعم «سام» لأنه يعتقد أن أنسابه وحدهم لهم حق التصرف في أرض تركت للبوار، أما القلة من أهل الأرض المغلوبين على أمرهم، فنذروا أرواح الموت والتقتيل وبطش الصهيوني فداء لقضية حق بانتظار المدد من باقي أبناء الأمة، ممن جعلوا قضية فلسطين أم القضايا في كل أحاديثهم وخطبهم، حتى المناهج الدراسية، وهم في واقع الأمر المر اكتفوا بأضعف الإيمان، ألا وهو الكلام، فأصبحت أرض القدس تهز وجدان الأجيال عن طريق خبط الأرجل في الدبكات، ومسح دموع عاشقين انفطرت قلوبهم حباً لأرض الأحلام.


كم سيبدو المنظر محزناً وجميلاً في آن واحد، وأنت تشاهد ملايين من رؤوس البشر تتمايل مع أعذب الألحان وأجمل الكلمات لترقص الأمة، وتغني بصوت واحد لفلسطين والكل يبكي بألم وحرقة! والفاجعة الكبرى بمنطق الرياضيات ـ استطعنا نحن العرب تخريب أم الحسابات في «القضية» حتى الاحتمالات أصيبت بنوبة جنون!.. فكيف لأكثر من مليار إنسان مسلم هم أضعف ما يكون في مواجهة 6 أو 7 ملايين؟ أما القرارات الدولية وحُقَن اتفاقات التنويم الكلي والجزئي للضمير البشري وحقوق الإنسان، فقد تراجعت أمام كيان لا يخشى أن تتصدر جرائمه عناوين الأخبار يومياً، بل العكس أصبحت تحليلات السياسيين تميل إليه أكثر من غيره في الواقع، أو على الأقل من ليس معه أو ضده سيفتح صفحات التاريخ للقرن القريب ليكتشف أن أبناء دولة إسرائيل يحتجون أكثر من غيرهم لفسحة صبر وتريث، فهم ذاقوا من عذاب الويلات على يد الدكتاتور (أدولف هتلر)، الذي لم يرحمهم فقتل وقتل وصنع من الآلاف منهم ألواح صابون.


وبكل صراحة، الوضع النفسي صعب لأن هؤلاء أُصيبوا بمرض نفسي غريب ليس للثأر ممن وضعهم في الأفران، بل ممن قد يكون قد اغتسل بدون رحمة ولا إنسانية بالصابون، فيبدو أن روائح الصابون الألماني (النازي) في 1948 كانت تنبعث من بيت المقدس.

في الأخير قد يُهزَم مرض كورونا، وسيُرفع نخب الانتصار عليه في حال توصلت المختبرات إلى اكتشاف الترياق في الوقت المناسب، والأمر ليس بالمستحيل على ما توصل إليه الإنسان من علوم وما بناه من مختبرات.. أما فيروس القرن (الصفقة) فأمامه أشرس حروب الهاشتاقات على منصات التواصل الاجتماعي! إذ سيبدع العرب كالعادة في الشجب والتنديد، وسيتراشق أبناء الأمة الواحدة بأروع عبارات الوحدة والانتماء، وقد تكون النتيجة عندها: برافو ترامب وكوشنر.. كل الحق معكما.!