الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

قوة الخيال.. وصاحب الحظ الأوفر

قوة الخيال.. وصاحب الحظ الأوفر

FB2C471D-6C13-4DE0-B496-284E31E80C12 قوة الخيال

بقلم: شهد العبدولي كاتبة وشاعرة وإعلامية ـ الإمارات

صاحب الخيال هو الأوفر حظاً في هذه الحياة، فلا حدود تمنعه من السفر خارج السرب والتحليق عالياً بين المجرات والكواكب، لا جواز سفر يوقفه في طابور يضج بالمسافرين، ولا قطار يفوته، ولا طائرة تتركه خلفها ليعود أدراجه محملاً بالخيبات العظيمة.

للخيال مفعول السحر على قلب صاحبه، وقوة رهيبة تؤثر على قلب وعقل وجسد المتخيل، فبالخيال يستطيع الإنسان أن يعيش المحال إن أصر وأراد إصلاح الحال، فالصورة الذهنية التي يبنيها الإنسان في خياله تتمركز بشكل كبير في أحد صناديق العقل (اللاوعي)، معطية إشارات بإنجاز هذا الشيء والعيش فيه وفقاً للمعطيات التي يقوم الشخص بتغذيتها لنفسه.


في علم النفس البشري وتطوير الذات يقوم المدربون بالتركيز على تنشيط مركز الخيال في العقل، لماذا؟.. لأنه المغذي الأساسي لجميع الأحاسيس والمواقف التي من الممكن أن يعيشها الشخص وفقاً للسيناريو، الذي يصنعه ويجعله يتنقل بين الأمزجة المختلفة وفقاً للحالة النفسية التي يختارها.


على سبيل المثال عندما يحاط شخص بمجموعة من السلبيين أو يقع تحت ضغط سلبي من أي نوع، فإن الخيال كفيل بأن ينقل هذا الشخص من منطقة الضغط العصبي والسلبي إلى المنطقة التي قد يضمن فيها راحته، فقط ببضع خطوات بسيطة، ألا وهي: أن يقوم بالتركيز على ما يسعده أو أن يتخيل نفسه خارج نطاق هذه الزاوية التي قام الآخرون بوضعه فيها، بعد ذلك يستطيع أن يستخدم بعض تقنيات البرمجة اللغوية العصبية، والتي يأتي دورها جلياً ومهماً في تركيز الشعور، وجعله حقيقياً أكثر من كونه خيالياً باستخدام تقنية (الرابط العصبي)، والتي أثبتت جدارتها وفقاً لدراسات علمية أجريت في العديد من الجامعات المهتمة بهذا المجال.

الشاهد من هذا المثال وهذه الدراسات، أن الإنسان عدو ما يجهل، ودائماً ما يخاف من التجربة، ولكن إن كانت هذه التجربة مجانية خالية من المخاطر فلم لا؟

الخيال يضمن للإنسان أن يعيش التجربة بدون أي خسائر فادحة، بل إنه يفتح الأفق لصاحبه، ويطلق العنان له أيضاً، بأن يعيش جميع التجارب التي يريد أن يعيشها وفقاً لإرادته.

أجمل ما يميز الخيال عن الواقع هو قدرة المتخيل على أن يتعامل مع خياله كقطع التركيب، يستطيع أن يختار اللون المفضل والشكل المفضل في الوقت المناسب والحالة النفسية، التي يود أن يكون فيها، حتى إنه قد يصل في خيالاته إلى صنع واقع افتراضي، والوصول بمخططاته وأهدافه إلى أبعد حد.

عندما تسمع كلمة تخيل، لا إرادياً يقوم العقل بإرسال إشارات عصبية إلى المناطق المختصة في المخ لتحفيز عمل الخيال، وجلْب جميع المواقف التي تدعم خيال المتخيل لتبسيط وتوضيح الصورة بالطريقة التي توصل المتخيل إلى أقصى درجات الرضى التام عما يتخيل.

ولكن لا تنسَ عزيزي القارئ أن الخيال سلاح ذو حدين، فمتى ما أحسنت استخدامه خلق لك مناخاً إيجابياً رائعاً، ومتى ما أسأت استخدامه فقد يكون هو الرصاصة التي تدخل في جوف قلبك وتقلب موازين سعادتك إلى جحيم، من خلال زيادة التركيز على المشاعر والأحاسيس السلبية، التي من الممكن أن تؤدي بصاحبها إلى الدخول في حالة اكتئاب حاد.

أنت وحدك من يقرر نوعية الخيال الذي تريد سواء أكان إيجابياً أم سلبياً، فإن تبعاته حقيقية وتترك أثراً كبيراً على النفس، لذلك تأكد تماماً من أن ما تقوم بتخيله هو الواقع الذي ستسافر فيه بعقلك، وجسدك في محله، وأي تأثير غير مرغوب في صناعة الخيال فسيؤثر بالتأكيد على جميع حواسك.

للنشر والمساهمة في قسم الساحة: [email protected]