الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

تكنولوجيا الصين.. وباء كورونا وأسئلة المستقبل

تكنولوجيا الصين.. وباء كورونا وأسئلة المستقبل

IMG_20200316_151207(1)_٢٠٢٠٠٣١٦٢٢٢٩٥٥٧٥٤ كورونا

بقلم: طارق عصيدة مختص في الإعلام الرقمي ـ فلسطين

في الـ12 من فبراير سجلت الصين ( 14108) إصابات جديدة بفيروس كورونا في 24 ساعة، فقط، حيث خرجت الأمور عن السيطرة، وبدت كما لو أن الصين في طريقها نحو معاناة طويلة جداً مع هذا الفيروس.

الآن، وبعد حوالي شهر واحد فقط، وفي الوقت الذي تعلن فيه منظمة الصحة العالمية، كورونا وباءً عالمياً ثم جائحة، وبالتزامن مع انتشاره بتسارع رهيب في دول عدة حول العالم، تعلن الصين عن إغلاق جميع المستشفيات الميدانية في مدينة ووهان مهد الفيروس ونقطة بدايته، وذلك بعد 26 يوماً من العمل المتواصل، مع انخفاض هائل في أعداد المصابين والوفيات الجدد في الصين يومياً.. فكيف تمكنت صاحبة أكثر تعداد سكاني على كوكب الأرض من احتواء الوباء.. فيما يصفه كثيرون بالمعجزة؟ لقد بدأ كورونا بالظهور في «ووهان»، ومع تدهور الوضع لاحقاً، أُغلقت المدينة بشكل كامل، وأُجبر الملايين على التزام منازلهم، حيث كانت كل بقعة من المدينة مصدراً محتملاً للإصابة بالفيروس، لذلك كانت الحاجة إلى طرق أكثر حذراً للتنقل والتعامل مع آلاف الحالات التي اكتُشفت.


لقد استخدمت الصين سيارات ومركبات ذاتية القيادة في نقل المعدات والأدوية داخل المدينة، كما اعتُمد على الروبوتات في متابعة حالة المصابين واحتياجاتهم، لحماية الأطباء من الإصابة.


كما استُخدم عدد هائل من «الدرونز» لتعقيم أجزاء كبيرة من المدن والأسواق، بالإضافة إلى استخدامات متعلقة بالرقابة على التزام المواطنين بالقوانين الموضوعة لخطة الطوارئ، مثل: إلزامية وضع الكمامات الطبية، الالتزام بالحجر الصحي، وغيره، أضف إلى ذلك استخدام بعض الدرونز المزودة بماسحات حرارية لقياس أي ارتفاع في درجات حرارة المواطنين.

الملاحظ أن الصين سخَّرت ما توصلت إليه من تقنيات الذكاء الاصطناعي، في محاولة منها لفهم خريطة انتشار الفيروس خطوة بخطوة، وذلك لمعرفة المدن المحتمل أن يصلها أو التي قد يكون وصلها بالفعل، لاتخاذ جميع الإجراءات الوقائية والعلاجية في أسرع وقت، وكانت أشبه بلعبة شطرنج بين التكنولوجيا والفيروس، وكلمة السر فيها كانت القدرة على التنبؤ بالخطوة المقبلة، وحالياً يُستخدم أيضاً، الذكاء الاصطناعي بشكل مكثف في الجهود المبذولة للوصول إلى لقاح للفيروس خلال أقل وقت ممكن.

كما استخدمت الصين تكنولوجيا التعرف على الوجوه «Facial Recognition» المطورة، لتقيس درجة حرارة الشخص، حيث إن كاميرات في كل مكان يمكنها ببساطة أن تقيس درجة حرارة الآلاف ممن يمرون أمامها بنسبة خطأ تصل إلى 0.3%، وفي حال سجلت أي ارتفاع في درجة الحرارة، يمكنها التعرف على الشخص، وكل المعلومات المتعلقة به من خلال بصمة الوجه، وعندها لا يكون هو الوحيد المطالب بالالتزام بالحجر الصحي أو الخضوع لفحوصات طبية، بل جميع الأشخاص الآخرين الذين خالطهم.. لكن ما الحل؟ يحدث تتبع على كل الأماكن الأخرى التي ظهرت فيها بصمة الوجه لهذا الشخص، ويتم التعرف على وجوه الأشخاص الموجودين بتلك الأماكن في الوقت نفسه، وذلك من خلال نظام تحليل بيانات عالي الدقة، يمكنه إعداد قوائم تصل إلى مئات الآلاف من الأشخاص.

لقد نجحت الصين بشكل كبير في تسخير كل ما توصلت إليه في مواجهة الفيروس، ولكن تركتنا أمام كثير من التساؤلات، ربما يكون من أهمها: هل كانت ستتمكن من احتواء الفيروس بالكفاءة نفسها من دون هذه التقنيات؟ وهل وصلنا فعلاً، إلى مرحلة تفوق الآلة والذكاء الاصطناعي على الإنسان؟ وهل سيكون تداخل هذه التقنيات بهذه الدرجة في حياتنا أمراً مؤقتاً، فقط، لغاية طارئة أم أنه سيغير شكل حياتنا إلى الأبد؟

للنشر والمساهمة في قسم الساحة :[email protected]