السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

صمود غزة.. وحصار «كورونا»

صمود غزة.. وحصار «كورونا»
بقلم: عبد الغني الشَّامي صحافي ــ فلسطين

على الرغم من أن فيروس كورونا واحد من أخطر الفيروسات في الوقت الحالي، نظراً لسرعة انتشاره وسهولة العدوى منه، إلا أن سكان قطاع غزة المحاصرين منذ سنوات غير مكترثين كثيراً به رغم اتخاذهم كافة الإجراءات الوقائية، التي نصحت بها منظمة الصحة العالمية، لأنهم يعتقدون بعد معاناتهم أنهم محصنون منه.

هنا في قطاع غزة تسير الحياة تسير بشكل طبيعي باستثناء تعطيل المدارس بعد إعلان الرئيس محمود عباس حالة الطوارئ، فالأفراح والحفلات لا تزال كما هي، ومتنزه ميناء غزة والمتنزهات الأخرى تغص بالمواطنين الذين يتوافدون إليها زرافات وحداناً.


والواقع أن اطمئنان سكان هذا الشريط الساحلي الضيق الذي لا تزيد مساحته عن 360 كيلومتر مربع ــ يقطنه مليونان وأكثر من 300 ألف نسمة بحسب آخر الإحصائيات ـ لم يأت عبثاً، وإنما لكونهم على علم بأن فيروس كورونا لا يمكنه الانتشار بينهم أو حتى الدخول، نظراً للحصار المشدد، المفروض عليهم منذ 13 عاماً.


الملاحظ أن معظم سكان القطاع لا يمكنهم السفر عبر معبري رفح وبيت حانون (إيرز)، لأنه لا تنطبق عليهم مواصفات من يسمح له بالسفر منذ فتح المعابر بشكل جزئي قبل عامين، بعد أن كانا مغلقين بشكل نهائي كي يعودوا إلى القطاع ناقلين الفيروس.

لقد كان من السهل على اللجنة التي شكلت لمواجهة هذا الفيروس إحكام سيطرتها على معبري رفح وبيت حانون بإمكانيات بسيطة جداً، وذلك بعد نشرات التوعية للسكان، وقيامها بعزل 7 مسافرين قادمين من دول شرق آسيا، تطبيقاً لبروتوكول منظمة الصحة العالمية، علماً بأن أولئك الأفراد السبعة غادروا العزل جميعاً.

بعض الإعلاميين الفلسطينيين والعرب ـ الذين كانوا يتابعون حصار غزة، وظنوا أنهم يعشون حياة الحصار مع سكان القطاع من خلال كتاباتهم عن الحصار ـ حينما منعوا من السفر بسبب انتشار هذا الفيروس أدركوا أنهم لم يعرفوا شيئاً عن الحصار قبل الآن، فهم لا يحتملون عدم السفر لعدة أيام.. فكيف بمن لم يغادر القطاع منذ ولادته؟!

في هذا السياق كتبت إحدى الزميلات الصحافيات، قائلة: «كنت أعتقد أنني أفهم معاناة أهل غزة مع الحصار ومع ذلك الشعور أنك غير قادر على التنقل والسفر بحرية عندما تضطر أو تريد فعل ذلك، ‏لكن بمجرد صدور توصيات بعدم التنقل والسفر، شعرت بأن العالم بدأ يضيق بي إلى حد الاختناق، وهذا يعني أنني لم أفهم أبداً من قبل، ماذا يعني أن تعيش في غزة».

على العموم، فإن المحنة التي كانت تتمثل في الحصار على سكان غزة طوال 13 عاماً تحولت في زمن كورونا إلى منحة لتأخير وصول هذا الفيروس إلى غزة، حيث لم تسجل فيه أي حالة من الإصابات ـ حتى كتابة هذا المقال ـ على الرغم من أنها تعيش وسط مناطق سجلت فيها مئات الحالات سواء في الضفة الغربية أو الأراضي المحتلة عام 1948 أو في الدول المجاورة لفلسطين مثل: مصر والأردن ولبنان.

أصبح واضحاً، أن غزة حاصرت كورونا ومنعته من مجرد الاقتراب منها، وحتى لو لا قدر الله وصل هذا المرض إليها، فإنه من السهل السيطرة عليه رغم الكثافة السكانية الهائلة، ذلك لأن غزة في الأصل معزولة عن العالم الخارجي في ظل الحصار ــ كم ذكرت في البداية ـ ولا تحتاج لمن يضعها في العزل أو الحجر من جديد.

نختم بالقول: إننا نتضرع إلى الله أن يبعد هذا المرض عن غزة وعن كل الوطن العربي والإسلامي، وأن يخلص كل دول العالم منه، فهو قريب سميع مجيب.

للنشر والمساهمة في قسم الساحة :[email protected]